أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تنظيـم الإعـلام الإلكتروني بين حريـة التعبيـر.. والمحاسـبة

السبت 10 آذار , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,185 زائر

تنظيـم الإعـلام الإلكتروني بين حريـة التعبيـر.. والمحاسـبة

 

ولا يوجد لدى أي جهة لبنانية رسمية أو غير رسمية صورة دقيقة عن حجم المواقع الالكترونية في لبنان، خصوصاً إذا ما تم توسيع مروحتها لتتخطى المواقع الإخبارية المعروفة والتابعة للأحزاب والتيارات السياسية، إلى مواقع الجمعيات والشخصيات، والمدونات وصفحات التواصل الاجتماعي المخصصة لقضايا مطروحة. ويبدو التباين في التقديرات هائلاً، فبينما يتحدّث الداعوق عن وجود نحو 140 موقعاً يتعاطى السياسة قبل شهر ونصف الشهر، يقول البعض بوجود نحو سبعة آلاف موقع متنوع، في ظل غياب إحصاء رسمي ودقيق. 

واعتبر الداعوق أن وضع الإعلام الالكتروني لا ينتظر التأجيل، وأن اقتراحه «اختياري»، أي أن للمواقع الالكترونية حرية الاختيار بين تسجيل نفسها لدى وزارة الإعلام أم لا. وأكد أن «المشروع يرتكز إلى فكرتي التنظيم والحماية، من دون وضع معايير جديدة أو قيود على الأداء الإعلامي لها، غير المبادئ العامة المتعارف عليها». 

ويطمح الداعوق إلى التوصل لإقرار مجلس الوزراء اقتراح القانون الذي تمّت إحالته في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة إلى اللجنة الوزارية المختصة والتابعة إلى رئاسة الحكومة، تمهيداً لتحويله إلى مجلس النواب. 

وسيقوم مجلس النواب بتحويل القانون إلى لجنة الإعلام والاتصالات النيابية. ويقول الداعوق: «سأعمل مع النواب الأعضاء في اللجنة على تسريع بتّ مشروع قانون الإعلام الالكتروني على أن يكون جزءاً لا يتجزأ من قانون الإعلام الشامل لدى صدوره». 

وكان الوسط الإعلامي في لبنان عموماً، والقطاع الالكتروني خصوصاً، قد تفاجأ قبل أيام، بتقديم الداعوق اقتراح قانون إلى مجلس الوزراء في شأن تنظيم «الإعلام الالكتروني». وتسبب الطرح بجملة من التساؤلات والمخاوف في شأن «الضوابط» والتوقيت، خصوصاً أن لجنة الإعلام والاتصالات النيابية تعمل منذ العام 2010، على وضع قانون شامل للإعلام بشقيه المكتوب والمرئي والمسموع، والالكتروني أيضاً. 

ويؤكد مصدر متابع أن «العديد ممن يتحدثون عن تنظيم الإعلام الالكتروني لا يعرفون عما يتحدثون». ويسأل المصدر عن «كيفية التنظيم وأي مواقع نتحدث؟ هل نقصد المواقع الإخبارية أم المدوّنات أم صفحات التواصل الاجتماعي؟ وماذا عن المواقع اللبنانية التي تبث من الخارج؟ وكيف يمكن للجهات الرسمية، مهما كانت هويتها، أن تضبط إيقاع ما يُنشر، ووفق أي آلية؟ والأهم، هل للدولة الحق في تقييد حرية التعبير إلا في ما يخص المبادئ العامة المتعارف عليها في البلاد؟». ويذكّر المصدر بمساهمة المواقع الالكترونية والإنترنت في تفعيل واتساع مدى الثورات العربية في بعض البلدان. 

ولفت الداعوق إلى أن المادة الأولى من مشروع القانون تشير إلى أن «النشر عبر الوسائل الالكترونية أو غيرها حرّ، ولا قيد على هذه الحرية إلا بمقتضى القوانين المرعية الإجراء». ووفق مشروع الداعوق «يحظر نشر بواسطة الوسائل الالكترونية ما يمس الآداب العامة والأخلاق، وما يتعلق بألعاب الميسر والقمار». وأشار إلى انه لم يطلب «العلم والخبر» من أي شخص يريد تأسيس موقع الكتروني، إنما «يمكن لمن يرغب تسجيل موقعه». 

ونفى أن يكون قد سحب مشروعه من التداول في انتظار وضع ملاحظات عليه، مؤكداً أن مجلس الوزراء أحاله إلى اللجنة الوزارية المختصة لدراسته، وستعيده خلال أسبوعين بعد إبداء الملاحظات اللازمة عليه. 

وبعدما أشار إلى أن مشروع القانون يتيح لأصحاب المواقع الالكترونية إعلان وجود الموقع واسم الشخص الذي أنشأه وعنوانه، أكد أن الهدف يتركز على تطبيق معادلتي المحاسبة وحق الردّ من جهة، والحماية الفكرية من جهة ثانية. وتقتصر المحاسبة، وفقه، على إمكان رفع دعوى قضائية من أي جهة أو شخص قد يسيء إليه الموقع الالكتروني، والتزام المبادئ المعتمدة في الإعلام. وتؤمن الوزارة الحماية الفكرية لكل ما ينشره الموقع، «في الوقت الذي تكثر فيه الاقتباسات بين المواقع الالكترونية من دون أي حماية لما ينشره هذا الموقع أو ذاك»، وفق الداعوق أيضاً. 

ويرى رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله أنه «لا يمكن تأطير قطاع الإعلام الالكتروني الذي ما زال ضبابياً، وأن اللجنة تتحدث في عملها الاشتراعي عن المواقع الإخبارية الجادّة والمواقع الالكترونية للمؤسسات الإعلامية المكتوبة منها والمرئية والإذاعية». وأكد عبر «السفير» أنه «لا يمكن ضبط ما ينشر على صفحات «الفايسبوك» مثلاً، ولا يمكن وضع قيود على قطاع مفتوح بهذا الحجم، وإنما يمكن العمل لمأسسة المواقع وتحصين وضعها القانوني وحماية العاملين فيها». 

وقال إن اللجنة شارفت على الانتهاء من القراءة الأولية لاقتراح القانون المقدم من النائب غسان مخيبر في خصوص الإعلام، والالكتروني من ضمنه، وأن هناك بعض التعديلات التي هي في صدد وضعها». وتستكمل اللجنة، وفق فضل الله، عملها بعدما قطعت شوطاً مهماً في مناقشة المبادئ التي تتعلق بالإعلام الالكتروني. وأشار إلى أن النواب في اللجنة يسعون للخروج باقتراح قانون للإعلام في لبنان على أن يتضمن أبواباً خاصة بالمكتوب والمرئي والمسموع والالكتروني. 

ويشدد فضل الله على ضرورة مراعاة المعايير العامة والمعتمدة في عدد من الدول ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، «حماية الأحداث والأطفال، التي تحرص عليها غالبية دول العالم». 

من جهته، يؤكد رئيس «المجلس الوطني للإعلام» عبد الهادي محفوظ أن الإعلام الالكتروني، واستناداً إلى المادة الرابعة من القانون 482/94، هو جزء من الإعلام المرئي والمسموع. ووفقاً للقانون، يشير محفوظ إلى أنه «ينبغي أن يخضع الإعلام الالكتروني لقانون ودفتر شروط الموضوعية والشفافية والأمانة الصحافية وحق المواطن بالإطلاع والمعرفة، وحق الرد والتوضيح، ومراعاة القواعد الأخلاقية والقانونية التي تحكمها». ويرى محفوظ أن تنظيم قطاع الإعلام الالكتروني من شأنه حمايتها، «إذ لن يتعرّض أحد للمواقع التابعة للتيارات السياسية الموجودة، وفقاً لما هو سائد في لبنان، بل تجب حماية المواقع المستقلة، منعاً لتكرار ما حصل مع القطاع المرئي والمسموع لدى صدور قانون تنظيمه العام 1994. يومها، ووفق محفوظ، ألغيت جميع وسائل الإعلام وتمّ الترخيص لمؤسسات جديدة على أساس المحاصصة بين الطوائف. ويشير محفوظ إلى عدم وجود إحصاء دقيق عن عدد المواقع الالكترونية في لبنان، مشدداً على ضرورة حرصها على تغليب المشترك بين اللبنانيين وتعزيز مفهوم المواطنة، بعيداً من الطائفية. 

وتأخذ مؤسسة «مهارات» على مشروع القانون «الاستعجال في طرح الموضوع على مجلس الوزراء من دون أخذ رأي الجهات المعنية بالتنظيم، وأهل الخبرة والاختصاص». وتشير إلى تضمنه «عبارات ومصطلحات فضفاضة ومعرّفة بأسلوب غير مهني، وغير متناسق من شأنه أن يثير اللغط ويضع حرية الإعلام الالكتروني في قفص التأويل والاستنساب». 

وترى أن مشروع القانون يُخضع «المواقع الالكترونية بشكل مطلق لموجب الإيداع والتصريح، وهذا من شأنه أن يحد حرية التواصل الالكتروني، ويسيء إلى هذه الحرية، فضلاً عن عدم قابلية تطبيقه ومغالاته في التنظيم». وانتقدت إحالته تنظيم قطاع قانون المطبوعات الذي تعتبره غير صالح لتنظيم المهنة في ظل التطور الذي شهدته، ونظراً لخصوصية الإعلام الالكتروني». 

واعتبرت أن «ما يثير الريبة في مشروع القانون هو المادة التاسعة التي تنصّ على أن دقائق هذا القانون تحدّد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء لاقتراح وزير الإعلام»، معتبرة أنه «لا يحق لأي جهة الحدّ من الحريات العامة إلا بموجب نص دستوري صادر عن مجلس النواب، ولا يجوز ترك دقائق تطبيق أي قانون يمسّ بالحريات العامة لمجلس الوزراء، لا سيما في ظل الغموض الذي يكتنف مواد مشروع القانون المقترح».


 

Script executed in 0.17132210731506