أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مهجّرو «مبنى السيّد» يعودون إلى منازلهم برغم الخطر

الإثنين 26 آذار , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,455 زائر

مهجّرو «مبنى السيّد» يعودون إلى منازلهم برغم الخطر

بدأ السكان، الذين أخلوا المبنى المتصدّع في العشرين من كانون الثاني الماضي، بالعودة إليه، أسرة تلو الأخرى، بالرغم من أن عدم القيام بالترميم والتدعيم يؤدي إلى انهيار أجزاء أساسية وتعريض سلامة السكان للخطر. 

كان من المفترض أن يبدأ الترميم خلال شهر من الإخلاء، بحسب الوعود. لم يحصل هذا الأمر. كما كان يفترض دفع بدل سكن لقاطني المبنى خلال فترة الترميم (قرار مجلس الوزراء الصادر في الأول من شباط الماضي والقاضي بإعطاء «الهيئة العليا للإغاثة» سلفة خزينة لتغطية نسبة 60 في المئة من كلفة استئجار أماكن لإقامة شاغلي المبنى بصورة مؤقتة والبالغة 310 ملايين ليرة). لم يحصل هذا الأمر أيضاً. 

يقول رئيس لجنة المبنى محمد قدوح: «بعد مرور شهرين على الإخلاء لم تحدّد الجهة التي تتولى الترميم ولم يدفع بدل السكن». ويشرح النقطة الأخيرة: «الهيئة تقول إنها أرسلت الطلب إلى وزارة المال لتحويله إلى حسابها في «مصرف لبنان» ووزارة المال تقول إنه لم يصلها. قصدت مديرية الصرفيات في وزارة المال حيث تبين أن الطلب ليس موجوداً. فإما إنه ما زال في بريد وزير المال ولم يحوّله إلى مديرية الصرفيات أو ما زال عالقاً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء».

تنهمك حياة شحادة عبد الله (53 سنة) بحمل غالونات مياه الشرب البلاستيكية، وهي واحدة من السكان العائدين مع أسرهم إلى المبنى الذي بدأت تصدعاته بالظهور منذ سنتين. إثر قرار الإخلاء اضطرت «أم وسام» إلى الانتقال مع زوجها وأبنائها إلى منزل العائلة في الكفور (قضاء النبطية) على الرغم من أن الزوج والأبناء يعملون في بيروت. حتم هذا الأمر تكلفة محروقات عالية تتكبدها الأسرة خلال مواصلاتها اليومية، بين الجنوب وبيروت. تكلفة قصمت ظهر الأسرة واضطرتها إلى العودة إلى المدينة. «أم وسام» التي تعيش في المبنى منذ العام 1982، تاريخ إنشائه، تبدو مستاءة بشدة. تُهطل كمّاً هائلاً من الغضب على رؤوس المسؤولين بسبب وصول حالها إلى ما وصلت إليه. ففي منزل «أم وسام» المعرّض للخطر في كل لحظة تعيش طفلة عمرها أربع سنوات هي حفيدتها دانييل.

يتألف «مبنى السيّد» الذي يقع في العقار الرقم (1189- المصيطبة) من ثلاثة أقسام (بناءان من 11 طابقا وبناء من 13 طابقا) تعيش فيها 69 أسرة بأغلبيتها الكاسحة من الجنوبيين الذين يعيشون ويتعلمون ويعملون في بيروت موظفين أو أصحاب مهن صغيرة. 

حسن هاشم (50 سنة) ابن بلدة رب تلاتين الذي صودف وجوده هو أحد هؤلاء. يعيش هاشم الذي يعمل موظفاً في وزارة الأشغال هذه الأيام في منزل ابنه في منطقة المصيطبة بعدما اضطر إلى ترك منزله في المبنى. يحضر بين الحين والآخر لتفقد المنزل وموجوداته. فوضعه المادي «لا يسمح لي أن أرتب ديناً على نفسي». 

مثل هاشم، تعيش أغلبية سكان المبنى حالياً عند أقارب لها مع ما يستتبع هذا الأمر من عرقلة وضغط وارتباك في دورة حياتها اليومية. قلّة محدودة من السكان لجأت إلى استئجار شقة جديدة. «ترف» رتّب على هذه الأسر أعباءً مالية وديوناً لم تكن أبداً في الحسبان. 

ويتضمن «مبنى السيّد» عدا عن التصدّعات الظاهرة بوضوح في جدرانه الخارجية والداخلية وفي سقوف الشقق السكنية العديد من المخالفات، بحسب ما يروي سكانه. قامت ببعضها «حركة أمل» التي كانت تشغل أربع شقق في الطبقة الأولى (تضم مستوصفاً وقاعة اجتماعات وجهاز دفاع مدني) وبعضها قام به المالك ومن بينها جسر «معلق» يربط بين اثنين من أبنيته الثلاثة.

تبلغ التكلفة التقديرية لأشغال الترميم في «مبنى السيّد» وفق دراسة الترميم المقترحة من شركة «خطيب وعلمي» التي جاءت بناء لطلب من «الهيئة العليا للإغاثة» (صدر التقرير في 13 الجاري) مليونين وستمئة وأربعة وخمسين ألفاً وأربعمئة وخمسة وستين دولارا أميركياً بدون الضريبة على القيمة المضافة. وتشمل الدراسة المواصفات والمخططات ودفاتر الدراسة الإنشائية وجداول الكميات. 

تعود أسر «مبنى السيّد» إلى منازلها التي «هجّرت» منها واحدة بعد أخرى. تعود بعدما لم تصرف لها الحكومة ما يتوجب عليها من قيمة بدلات الإيجار ولم تباشر أي جهة بترميم المبنى حتى السّاعة. تعود رغم الخطر المحدّق في كل لحظة. تعود ولا تبصر في نومها إلا ضحايا مبنى فسّوح في منطقة الأشرفية الذي سقط على رؤوس سكانه قبل شهرين ونيف.


Script executed in 0.19547700881958