أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«حزب الله» مع إغاثة النازحين بلا مخيمات: من يشوّه موقفنا؟

الجمعة 06 نيسان , 2012 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,876 زائر

«حزب الله» مع إغاثة النازحين بلا مخيمات: من يشوّه موقفنا؟

يعتبر ملف النازحين السوريين واحدا من الملفات الخلافية لارتباطه بالانقسام الداخلي حيال الحدث السوري وتداعياته على لبنان، فضلا عن حساسية هذا الملف إنسانيا ولناحية ارتباطه بقضية تخضع لرقابة دولية، ولعل الاشتباك الأخير الذي شهده مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي على خلفية طلب وزارة الشؤون الاجتماعية تخصيص 100 مليون ليرة، أبرز عينة على حساسية الملف من جهة ومحاولات بعض الجهات الحكومية اثارة التباسات حول مواقف بعض الأطراف من ملف النازحين من جهة ثانية.

وبدا واضحا أن هناك جهات تسعى للاستثمار عبر اتهام «حزب الله» بالوقوف وراء أية مقاربة إنسانية للملف، وهو أمر جعل الحزب يحيط موقف تلك الجهات، وخاصة الممثلة في الحكومة، بعلامات استفهام حول الغاية من وضعه في موقع العرقلة كما نقل اليه موفدون دوليون استنادا الى معلومات بادرت الى اشاعتها جهات بارزة في الحكومة.

وقالت اوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لـ«السفير» ان موقفه في موضوع النازحين سبق واعلنه في كل مناسبة، بان هذا الملف انساني بامتياز ولا علاقة له بأي شأن سياسي، «وكل ما يقال خلاف ذلك هو غير صحيح ومن باب التكهنات»، أما وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور فقال لـ«السفير» ايضا «ان موقف «حزب الله» ايجابي في موضوع النازحين، ولم يقم بأية خطوة سلبية في هذا الموضوع، واستطيع القول ان موقف وزراء «حزب الله» كما وزراء «امل» من ملف النازحين اكثر من عقلاني ويتعاطون مع هذه المسألة ببعدها الانساني.

واذا كانت صفحة سلفة المئة مليون ليرة التي طلبتها وزارة الشؤون الاجتماعية قد طويت، فان الوزارة، و«برغم الاعباء الكبيرة الملقاة عليها»، كما اكد ابو فاعور، ستكمل عملها وفق الطريقة التي سبق واتبعتها وبالامكانات المتوافرة.

ووفق التفويض المعطى للهيئة العليا للاغاثة فإنّ الحضور الدولي يتزايد حيال هذا الملف في محاولة لتوسيع الرقعة الاغاثية وعدم اقتصارها على النازحين السوريين الى منطقة الشمال، بل تشمل ايضا النازحين الى منطقة البقاع، خاصة وان المساعدات التي تقدم الى النازحين حاليا تتم عبر الهيئة العليا للاغاثة وفي منطقة الشمال حصرا، علما ان توسيع نطاق الاغاثة يتطلب تغيير المرسوم الرقم 7424 الصادر في ملحق العدد 4 من الجريدة الرسمية تاريخ 26/1/2012، والذي يمنح هيئة الإغاثة سلفة بقيمة 3 مليارات ليرة «لتأمين مختلف الاحتياجات الحياتية والصحية للمواطنين السوريين الذين قدموا اضطرارياً إلى شمال لبنان بسبب الظروف الطارئة لديهم».

وعلمت «السفير» ان الجانب الدولي قد انجز مشروع اتفاقية بين الامم المتحدة والحكومة اللبنانية حول كيفية عمل «بعثة الامم المتحدة في لبنان لاغاثة اللاجئين غير الفلسطينيين» على ان يتم توقيعها في فترة مقبلة، علما ان هذه البعثة تعمل في لبنان منذ ما يزيد عن ستة اشهر، وبالتعاون الكامل مع الجهات الحكومية المختصة وعلى وجه الخصوص ميقاتي» كما يؤكد اعضاء البعثة خلال لقاءاتهم مع القوى السياسية والرسمية في لبنان.

وتكشف مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» انه قبل نحو اسبوعين جرى لقاء بين مسؤول كبير في «حزب الله» وممثلة بعثة الامم المتحدة لمساعدة اللاجئين غير الفلسطينيين، وكان بحث في موضوع النازحين السوريين. حيث طرحت المندوبة الدولية ضرورة ان يصار الى اغاثة جميع اللاجئين الذين نزحوا الى لبنان من سوريا، خاصة وان هناك اعدادا كبيرة من اللاجئين لم تنزح الى منطقة الشمال فقط، بل الى منطقة البقاع ايضا، وهؤلاء كما قالت «يعانون الفقر والعوز، وإن تم تجاهلهم فقد يتحولون مع الوقت على عناصر قابلة للقيام بافعال جرمية. وبالتالي المطلوب ليس الموافقة على اغاثتهم ، بل تسهيل هذه الاغاثة وعدم عرقلتها».

وبحسب المصادر فإن القيادي الكبير في «حزب الله» وافق المندوبة الدولية على ما تقترحه، مشيرا الى ان هذا الموضوع من صلاحية الحكومة التي تستطيع ان تقوم بما يلزم في هذا الشأن، وسأل لماذا «لا تبحثون هذا الامر مع رئيس الحكومة فهو وحده المرجع الصالح للبت في هذا الموضوع. الا ان المندوبة الدولية سارعت الى الاجابة بانها التقت رئيس الحكومة، ونقلت عنه حذره وتردده في ان يطرح هذا الامر على مجلس الوزراء خشية ان يعترض عليه «حزب الله».

وقالت المصادر ان القيادي الحزبي الكبير استغرب ما سمعه من المندوبة الدولية، وتوجه اليها قائلا: «الامر المستغرب هو ان يشاع جو سلبي حول موقف الحزب، واذا كان ذلك صحيحا لماذا لم يبحث أحد معنا هذا الموضوع، وفي كل الاحوال، ليست لدى «حزب الله» اية مشكلة حول هذا الموضوع».

انهى القيادي الحزبي كلامه بالطلب الى المندوبة الدولية ان تذهب لمقابلة رئيس الحكومة وأن تنقل اليه اجواء اللقاء والموقف الذي سمعته من «حزب الله»، وبالتالي أن يصار الى بحث هذا الموضوع مع «حزب الله». ووعد القيادي نفسه المندوبة بنقل هذا الجو الى قيادة «حزب الله» على ان يبلغها بالموقف الرسمي في اقرب وقت. وهذا ما تم بالفعل بعد اقل من اسبوع حيث جاء موقف قيادة «حزب الله» بما مفاده ان الحزب مع اغاثة اللاجئين السوريين، ولكن شرط الا تقام اية مخيمات لهؤلاء اللاجئين، وتستطيع الهيئة العليا للاغاثة ان تقوم بدورها في هذا المجال. وتقول المصادر ان المندوبة الدولية فوجئت ايجابا بموقف قيادة «حزب الله»، فرحبت به واكدت بدورها ان لا نية على الإطلاق لإنشاء أية مخيمات للاجئين السوريين.

إلا أن استغراب «حزب الله»، وكما تقول المصادر الواسعة الاطلاع، تجلى مرة ثانية أواسط الأسبوع الجاري، خلال زيارة قامت بها سفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان انجلينا ايخورست برفقة نائبتين أوروبيتين للقيادي الكبير في «حزب الله»، واللافت للانتباه ان الوفد الأوروبي طرح موضوع اللاجئين السوريين من زاوية ان الحزب يعارض اغاثتهم، فتوجه القيادي الى الوفد قائلا «نحن في الأصل لم نكن نعرف ان هناك شيئا موجودا في لبنان اسمه بعثة الأمم المتحدة للاجئين غير الفلسطينيين، ونحن نستغرب هذا التشويه المتعمد لموقفنا، وهذا الجو السلبي الذي يسعى البعض لاثارته حول موقفنا، علما أننا نعرف تماما من هو هذا البعض وكذلك خلفياته، وفي أي حال نحن سبق وابلغنا موقفنا الايجابي (للمندوبة الدولية)، من هذه المسألة وأكدنا أننا مع تسهيل مهمتكم بكل ما يتيسر، فضلا عن أننا ابلغنا موقفنا هذا الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي رحب بشكل صريح بخطوتنا هذه».

وقالت المصادر ان الوفد الأوروبي فوجئ بإيجابية القيادي الكبير في «حزب الله» وتوجه اليه قائلا «هذا الموقف جيد جدا، وكان من الجيد لا بل من الضروري أن نسمعه كما هو، خاصة وان الأجواء التي تصلنا مختلفة جذريا عما سمعناه الآن وتتحدث عن موقف اعتراضي للحزب».

واشارت المصادر الى أن القيادي الحزبي كرر امام الوفد الاوروبي رفض «حزب الله» لانشاء مخيمات للاجئين، فاكد الوفد ان هذا الامر غير مطروح نهائيا.


Script executed in 0.21147394180298