أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«ضمان» الهرمل: ساعي بريد... لم تصله المكننة

الثلاثاء 17 نيسان , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,239 زائر

«ضمان» الهرمل: ساعي بريد... لم تصله المكننة

ينتاب الشعور باليأس والإحباط علي محفوظ (سائق تاكسي) بعد مراجعاته المتكررة للموظف في مكتب «الضمان الاجتماعي» في مدينة الهرمل (محمد الساحلي)، بعد مرور ما يقارب الثلاثة أشهر على تقديمه معاملة بدل معاينة طبية وثمن أدوية لأحد أطفاله الخمسة، من دون أن يعرف عنها شيئا». يقول وهو يغادر غاضبا: «أسمع نفس الجواب دائما: نخبرك عندما يتم إنجاز المعاملة». وتتردد تلك العبارات عشرات المرات يومياً على لسان الموظف الوحيد في مركز يتكون من غرف ثلاث شبه فارغة. ويحتل إحدى زوايا الطابق الأول للسرايا الحكومية لمدينة الهرمل. ويضم المركز مكتبا وبعض خزائن حديدية، تختزن في أدراجها 2500 بطاقة للمضمونين من أبناء المنطقة العاملين في المؤسسات والدوائر الرسمية، والمؤسسات الخاصة، والمخاتير، وسائقي تاكسي.

غالبا ما تنتهي زيارة المراجعين للمركز بالصراخ والسباب، وتوافد الموظفين الموجودين في المكاتب المجاورة، لفضّ خلاف أو تهدئة خواطر، وتبادل قبلات المصالحة بين الموظف في المركز و«المضمون»، الذي يكون قد انفجر غضبا، جراء الانتظار الطويل لقبض مبلغ دفعه بدل معاينة، أو ثمن فاتورة دواء، ولكن من دون جدوى. ويوضح علي علوه (أجير في إحدى الدوائر الرسمية) أنه على «الموظف المنتسب للضمان الاجتماعي من أبناء الهرمل، وبالرغم من وجود مركز للضمان في المدينة، أن يذهب إلى مركز مدينة بعلبك، للحصول على الموافقة المسبقة من قبل الطبيب المناوب لدخوله المستشفى، وقطع مسافة تقارب المئة وعشرين كيلومترا في الذهاب والإياب، وهو ما قد يؤدي إلى وفاة «المضمون»، قبل الحصول على الموافقة المنتظرة». ولا تقتصر العقبات التي تحول دون أداء مركز الضمان الاجتماعي في الهرمل وظيفته، على وجود موظف وحيد، يقوم بكل الأعمال فيه، بل حاجة ذلك الموظف لإصدار البطاقات الورقية للمضمونين، كونه «المركز الوحيد المتبقي في لبنان، الذي يفتقد للمكننة واستخدام الكومبيوتر في إنجاز المعاملات التي يتسلمها الموظف في المركز». 

ويوضح مصدر مسؤول في الضمان خلال عرضه للمشكلات التي تحول دون أداء المركز لعمله «وظيفة مركز الهرمل هي تسلم معاملات المضمونين فقط، من دون التدخل بأي مرحلة من مراحل إنجازهها، وهو أشبه ما يكون بمكتب بريدي لتلقي المعاملات وإرسالها إلى مركز بعلبك، الذي يعيدها بدوره إلى مركز رأس بعلبك التي تبعد خمس كيلومترات عن مدينة الهرمل، لتعطيل عبوات الأدوية. وتعاد بعد ذلك إلى مركز بعلبك مرة أخرى، لإصدار الشيكات، وبكل ما يرافق ذلك من روتين إداري، يشمل مراحل إنجاز المعاملات كالتصفية والتدقيق والمراقبة والمحاسبة، وأخيرا الصرف الذي ينتظر توفر السيولة المالية التي لا أحد يستطيع توقع موعدها». 

ولا تنتهي المشكلات التي تفاقم الأعباء على كاهل أبناء المنطقة عند ذلك الحدّ، إذا ما احتاج المضمون لموافقة مسبقة، لإجراء معاينة طبية، أو معاملة استشفاء، أو إفادة غير مضمون، فعليه الذهاب إلى مكتب بعلبك لإنجاز الإجراءات المطلوبة بنفسه، بل وأكثر من ذلك فإن حاجة صاحب أي مؤسسة للحصول على براءة ذمة مالية، تفرض عليه الذهاب إلى المركز الإقليمي في مدينة زحلة. 

ويستغرب المصدر «بقاء مركز الهرمل وحيداً من بين مراكز الضمان في لبنان الذي لم تصل إليه المكننة حتى اليوم، بعدما توقفت عند مركز بلدة رأس بعلبك القريبة من مدينة الهرمل، وتضم نحو الأربعة آلاف نسمة، بينما يشكل مركز الهرمل حاجة ماسة لسكان قضاء يتجاوز عدد سكانه المئة ألف نسمة، واستمرار العمل فيه وفق الأساليب اليدوية القديمة». ويرى المصدر أن «الحل الممكن لمشكلة مركز الهرمل، وفي ضوء النقص في عدد الموظفين الذي تعانيه مؤسسة الضمان الاجتماعي في لبنان، يبقى في اتخاذ إدارة المؤسسة القرار بدمج مكتبي المراسلة الموجودين في بلدتي رأس بعلبك واللبوة، ومكتب مدينة الهرمل في مكتب واحد، وتعزيز صلاحياته، كي تتحول المكاتب الثلاثة من مكاتب للمراسلة إلى مكتب محلي، وبالتالي توفير الخدمات للمضمونين من أبناء المنطقة، من دون تكبيدهم عناء الانتقال عشرات الكيلومترات، خصوصا وأن تلك البلدات متجاورة، ولا يشكل التنقل فيما بينها عبئا على المواطنين».


Script executed in 0.16999697685242