أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الجيش الأميركي تحت ظلال شجرة العديسة

الخميس 19 نيسان , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,983 زائر

الجيش الأميركي تحت ظلال شجرة العديسة

أمضى قائد القوات البرية في المنطقة الوسطى الأميركية الجنرال فنسنت بروكس، اليوم الثاني من زيارته لبنان، في الجنوب متفقداً برفقة ضباط من الجيش اللبناني الحدود مع فلسطين المحتلة. وإذا كانت سابقاتها من الجولات الأميركية التي قام بها أسلاف بروكس في المنطقة الوسطى وآخرون، قد شملت عدداً من النقاط «الحساسة» على طول الخط الأزرق، إلا أن اللافت في جولة الأخير إحاطتها بالجزء الأكبر من الحدود بدءاً من الناقورة وصولاً إلى مرجعيون حيث انتهت ولم تستكمل طريقها كما في المرات السابقة نحو الوزاني والشطر الشمالي من بلدة الغجر.

وكان بروكس قد انتقل قبل ظهر أمس إلى صور، يرافقه عدد من الضبط الأميركيين، بواسطة طوافة عسكرية لبنانية، ثم انطلق الموكب الأميركي السيّار إلى مقر قيادة منطقة جنوبي الليطاني في الجيش في ثكنة صور حيث التقى قائدها العميد صادق طليس الذي اصطحب الجنرال الأميركي في جولة على الحدود. المحطة الأولى كانت في نقطة الأمن العام في رأس الناقورة، وهي النقطة الحدودية الأقرب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تنظم الاجتماعات اللبنانية ــ الإسرائيلية ــ الدولية الدورية في نقطة تابعة لقوات اليونيفيل. وهناك، التحق بهم القائد العام لقوات اليونيفيل الجنرال باولو سيرا الذي تشارك مع طليس شرح طبيعة تحرك القوات الأممية بالتنسيق مع الجيش.

ثم توجه الوفد الأميركي إلى البلدات الجنوبية المحررة التي تشهد انتهاكات إسرائيلية برية متكررة لأراضيها. تعريف موجز عن الناقورة ثم علما الشعب ورامية وعيتا الشعب ورميش التي اغتصب الاحتلال مساحات واسعة من أراضيها ولم تتمكن عملية ترسيم الخط الأزرق من استعادتها. «مرور الكرام» على تلك البلدات، كان عكسه في مارون الرأس التي دفعت المجزرة التي ارتكبها فيها الجيش الإسرائيلي بحق المتظاهرين خلال إحياء يوم النكبة قبل عام، الجنرال الأميركي إلى زيارتها. بجوار «حديقة إيران» الواقعة عند أعلى تلة مشرفة على الأراضي المحتلة، استمع بروكس إلى وجهة النظر اللبنانية عن ظروف المجزرة وحيثياتها في مقابل «الحشد الدولي ضد المتظاهرين الضحايا». من مارون نزولاً إلى بنت جبيل وعيترون التي شهدت في الفترة الماضية خرقاً إسرائيلياً للسياج الشائك ثم بليدا حيث تتداخل حقول الأهالي مع السياج، وبعدها ميس الجبل.

المحطة الثالثة للزوار كانت موقع «العبّاد» في بلدة حولا حيث تتجاور مراكز الجيش واليونيفيل مع مواقع العدو الإسرائيلي. أما المحطة الرابعة والأبرز في الزيارة، فقد كانت في ظلال شجرة العديسة حيث اندلعت المواجهات في آب من عام 2010. طليس استفاض في توضيح موقف الجيش وحقيقة ما جرى في ظل «اتهامه» من قبل إسرائيل وأكثر من طرف دولي بالتسبب بالحادثة. ومن العديسة، انتقل الوفد إلى بعد أمتار قليلة بمحاذاة عبارة كفركلا، وصولاً إلى بوابة فاطمة حيث أعلنت إسرائيل عزمها على بناء جدار إسمنتي فاصل.

وبعد إسقاط الوزاني ومحيط الشطر الشمالي اللبناني المحتل من قرية الغجر من برنامج الزيارة، استقل بروكس وفريقه الطوافة من ثكنة مرجعيون عائداً إلى بيروت بعد الظهر.

أثارت جولة الضابط الأميركي الكبير في المنطقة الحدودية علامات استفهام حول مغزاها وأهدافها. النائب قاسم هاشم تساءل عن «صفة هذا الأميركي مهما كان موقعه ليقوم بهذه الزيارة؟»، معتبراً أن «هناك خطة وسيناريو ما يخطط لهما بخاصة في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة». وإذا كانت الزيارة قد شكلت استفزازاً لهاشم ولكثير من الجنوبيين، إلا أن مصدراً رسمياً معنياً أكد أن هذه الجولة «لا تعدو كونها جلسة استماع إلى الجانب اللبناني ومعاينة حجم قدرات الجيش وعتاده. وبرأي المصدر فإن «توضيح وجهة النظر اللبنانية مباشرة من الصراع مع إسرائيل وحقيقة الانتهاكات والحوادث التي تقع على الحدود ومعاينة الخط الأزرق ميدانياً وملاحظة الانتهاكات الإسرائيلية البرية والبحرية بالعين المجردة كما حصل أمس عبر خرق الطيران الحربي واستنفار الجنود في الجانب الآخر من الحدود، لا بد أن تغير شيئاً في العقل الأميركي وتشكل أدلة على أحقية الموقف اللبناني».

زيارة أمس ليست الأولى من نوعها للأميركيين ولا لبروكس نفسه الذي جال جنوباً في شهر تموز الفائت. وعلى خطاه، جال في وقت سابق من العام الماضي على سبيل المثال نائب مدير التخطيط للشؤون السياسية والعسكرية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط في الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جون شارلتون وقائد الوحدات الخاصة في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال كينث توفو. إلى جانب الزيارات المتكررة للملحق العسكري في السفارة الأميركية في بيروت.

وتجدر الإشارة إلى أن مسؤولين كنديين قاموا أيضاً بجولات مماثلة قام بها وفد دبلوماسي كندي قبل عام تماماً، في منطقة الخيام وعلى الخط الأزرق، وصولاً إلى الوزاني ومحيط الغجر. فيما جال وفد عسكري نمساوي في محيط قرية الغجر المحتلة وشبعا وكفرشوبا قبله بأسبوعين.

السفارة الأميركية في بيروت وضعت زيارة بروكس إلى لبنان في إطار التعاون العسكري والدعم الأميركي «لتعزيز القدرات المهنية للجيش اللبناني لخدمة الشعب كقوة الدفاع الشرعية الوحيدة لتأمين حدود لبنان والدفاع عن سيادة الدولة واستقلالها». علماً بأن بيان السفارة ذاته يتكرر بعد كل جولة مشابهة من دون أن يرفق بإعلان عن تقديم مساعدات عسكرية فعلية إلى الجيش، ولا سيما أنها تجرى في ظل قرار الإدارة الأميركية بتعليق مساعداتها العسكرية له منذ عام 2009. وعلى صعيد متصل، فإن الدعم الأميركي للجيش لا يظهر خلال جلسات مناقشة التقارير الدورية للقرار 1701 عندما يقود مندوبو الولايات المتحدة في مجلس الأمن حملة اتهام حزب الله بتهريب أسلحة إلى منطقة جنوبي الليطاني ومطالبة الجيش بالتشدد وفرض سيطرته. كذلك فإنها تعد الدولة الأقل دعماً للأمم المتحدة من نسبة التزاماتها تجاهها وتجاه مؤسساتها وبعثاتها من بينها مهمة اليونيفيل في جنوب لبنان.

وربطاً بالوضع السوري، وجدت مصادر أن الزيارة التي بدأت بلقاء مع قائد الجيش أول من أمس متعلقة بطلب فتح مطار القليعات أمام المراقبين الدوليين في سوريا وإنشاء ممرات إنسانية عبر الأراضي اللبنانية، وهو ما رفضته السلطات اللبنانية رفضاً قاطعاً.


Script executed in 0.19070887565613