أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الجلسة النيابية الثانية: مبارزة كلامية.. وجردات اتهامية جديدة

الخميس 19 نيسان , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,711 زائر

الجلسة النيابية الثانية: مبارزة كلامية.. وجردات اتهامية جديدة

- لعب رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة دور «المايسترو» للفريق «الأزرق»، يوزّع الأدوار، ينقّح بعض المداخلات، يغنيها ببعض الملح والبهار، وعلى استعداد دائم لتصويب بعض «الاتهامات» التي تلاحق حكومات فريقه، مع العلم أن المعارضة ركّزت «اتهاماتها» على سياسة النأي بالنفس الحكومية، وعلى أداء وزارتي الطاقة والاتصالات، من دون غيرهما، وحيّدت شخص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من «قذائفها».

- شكّل «تكتل التغيير والإصلاح» أوركسترا متناغمة الخطابات مدوزنة المضامين، وبتنسيق مسبق، «نيشن» جميع أعضائه على «الإرث الثقيل»، فضربوا على وتر تجاوزات العقود الماضية، وبدا النواب «البرتقاليون» في جهوزية تامة للانقضاض على أي «متهم» قد ينال من فريقهم الوزاري. 

- بدت حكومة نجيب ميقاتي يتيمة، ولم تجد من يدافع عن إنجازاتها، فيما اكتفت القوى الحكومية باعتماد سياسة الهجوم المضاد بدلاً من الدفاع، عبر نبش «قبور» تجاوزات الحكومات المتعاقبة وتداعياتها على الوضع القائم.

- للمرّة الأولى يقحم «حزب الله» نفسه في عمق الملف المالي، فيفنّد تفاصيله بالوثائق والمستندات، ويعود بأرقامه إلى تسعينيات القرن الماضي، ليفرض نفسه شريكاً في هذا الملف الحيوي.

... يحترم رئيس مجلس النواب نبيه بري الوقت، فيعلن بدء الجلسة العامة لمناقشة الحكومة عند العاشرة والنصف صباحاً، بمعزل عن عدد النواب الذين جلسوا في مقاعدهم. هؤلاء بدوا كتلامذة الصف الكسولين في حصتهم الأولى. قبلها بخمس دقائق، كان عدد الوافدين لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. عباس هاشم من أول القادمين. يدردش مع بعض الإعلاميين ويوزع «قفشاته» يمنة ويسرة فلا يوفّر أحداً. يصافح وزير الداخلية مروان شربل الذي يستقبله قائلا إن «الحق على «التيار». يردّ هاشم على محدثه بالإشارة إلى أنه هو من دلّهم على طريق «التيار الوطني الحر». فيجيبه بصراحة «لقد أخطأت»، مدوياً ضحكة عريضة في أرجاء البهو.

ألان عون يختار مرافقة «زميله الخصم» ايلي كيروز في صعود الدرج، ليفترقا فور دخولهما القاعة الكبرى. هناك يتوزع النواب وفق انتماءاتهم السياسية: صفّ لقوى الرابع عشر من آذار، وآخر يحتله نواب «تكتل التغيير الإصلاح» ومن خلفهم نواب «حزب الله». نواب «كتلة التحرير والتنمية» يحفظون المقاعد الجانبية لهم، كما نواب «جبهة النضال الوطني» و«اللقاء الديموقراطي» الذين يختلطون في المقاعد الملاصقة للمدخل. 

يفتتح بري الجلسة بتكرار تمنيه تخفيض عدد طالبي الكلام بعدما بلغ نحو 57 نائباً، مشيراً إلى أنّ النائب عبد اللطيف الزين أول «المضحّين» بمداخلته. النائب غازي زعيتر يتسلم دفة الكلام، ليبدأ باستذكار يوم 14 آذار... من العام 1978. فيقاطعه بري مازحاً: يا فتّاح يا عليم. ودعا زعيتر الحكومة إلى «الابتعاد عن كلمة النأي بالنفس والعمل بموجب القانون». وأكد أن «سوريا الاسد ستبقى الشقيق للبنان وقلب الامة العربية». وحذّر ختاماً الرئيس نجيب ميقاتي من السير على طريق أبي مسلم الخراساني لأنه «سيخسر أصدقاءه ولن يربح أعداءه».

نائب زحلة طوني أبو خاطر كان ثاني المتحدثين، فضاع في كلمته بين «قابيل وهابيل وقايين»، وغرقت مداخلته في مستنقع الضجة التي أثيرت أثناء وقوفه على المنبر. سامر سعادة يقفز باتجاه مقعد وزير العدل لطلب «خدمة»، فيما نعمة الله أبي نصر يمسك بيد وزير الداخلية لعرض «مطالبه». أما أبو خاطر فاستدعى «القدرة الإلهية» التي ساهمت في نجاة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «محاولة الاغتيال».

الرئيس فؤاد السنيورة يدخل في هذه الأثناء القاعة، يقصد مقعده في الصف الأول المخصص لـ«الزرق». يهم النائب محمد الحجار إلى مغادرة كرسيه بـ«الإعارة» والتوجه إلى صفّ «جبهة النضال» لسرقة حديث قصير مع وزير المهجرين وائل أبو فاعور. 

يقف النائب زياد أسود على المنبر. الهدوء يعم القاعة. الجميع في حالة استماع. نبرة «النائب البرتقالي» تسلك مساراً تصاعدياً، كلما تعمّق المتكلم في تفاصيل «مضبطة الاتهامات» بحق «الإرث الثقيل». هنا كلمة السر. «الكليشيه» المتداول بين نواب «تكتل التغيير والإصلاح». الوتر الذي يتناوبون الضرب عليه منذ يومين. أسود اعتبر أن «الربيع العربي هو ربيع قبض الاجرة عن كل رصاصة تطلق، اما المغامرون في لبنان فيساهمون في إسقاط فرادة النموذج اللبناني والكيان الواحد والعيش المشترك». وقال: «ان ربيعكم المترنح ومغامراتكم المتهورة وارهابكم المتنقل باسم الثورة لا يغرينا ولن ننخرط فيه ولا يخيفنا، لانه لا يحمل في طياته الانتماء الوطني الصادق والرسالة الحقيقية لكيان لبنان الحاضن للمسلمين والمسيحيين معاً».

واعتبر ان الثورات العربية، خصوصا الثورة السورية تستهدف المسيحيين، وسأل: «من يقودكم، ثورة الجياع والفقراء ام التوجيهات الاميركية والفرنسية والتركية والقطرية؟». وقال: «مؤسسة الجيش عاصية وليست مكسر عصا لأحد وعلى رأسهم من تآمر على الجيش وقاتله وأعدم ضباطه».

النائب خضر حبيب اكتفى بتشريح سياسة الحكومة الخارجية، وقال: «هل النأي معناه أن نكون شركاء في قمع الحريات؟»، متوجاً كلمته بدعوة الحكومة إلى الرحيل «رأفة بالعباد والبلاد».

«المضبطة المالية» قدّمها النائب علي فياض. رجل الورقة والقلم الذي استهلّ كلمته بالجانب السياسي منتقداً الهجوم على سلاح «حزب الله»، فـ«المقاومة تتمتع بالأسس القانونية والشرعية»، واصفاً الذين «يتحدثون عن سلاح المقاومة بالمفلسين والمعقدين سياسياً ويعاكسون حركة التاريخ، لأن التركيز الدائم على سلاح المقاومة وربطها بالانتخابات أمر خطير يستبطنون منه شراً». من هناك حفر نافذة في جدار الأزمة اللبنانية داعياً إلى مقاربة جديدة تصلح نافذة ضوء بين اللبنانيين وتؤسس لتفاهم جديد، لا سيما أن استمرار الانقسام السياسي يؤدي إلى توترات طائفية وانكشاف أمني.

وأبدى ملاحظاته على الموضوع المالي، وتطرّق الى موضوع قطع الحساب. وتلا جدولاً بكل حسابات الفروقات، داعياً إلى تحويل اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة الى لجنة تحقيق برلمانية. وأكد على الرئيس ميقاتي ووزير المال المتابعة الجدية للخطة التي وضعت في وزارة المال، مؤكداً ضرورة إعادة الملف برمته الى ديوان المحاسبة والنيابة العامة المالية.

النائب عمار حوري «نبش» أرشيف مواقف لشخصيات من قوى الأكثرية بحق العماد ميشال عون، وأثار مسألة استدعاء المحكمة العسكرية لشباب من الطريق الجديدة على خلفية أحداث الجامعة العربية، معتبراً أن هذه الحكومة منذ بدايتها منتهية الصلاحية.

النائب عبد المجيد صالح اعتبر «ان الحكومة جاءت لتأمين الاستقرار ومن أهم عناوينه سياسة النأي بالنفس عما يدور في سوريا»، وقال «يجب ان لا تأتي النار السورية الى لبنان».

النائب نبيل نقولا استهل كلمته بمثل شعبي قائلاً: «ما بيشتغل وما بخلي حدا يشتغل ولا بيزيح من درب الشغيلة»، فطلب بري شطبه. ثم عرض «نموذجاً للإهمال والاستنسابية في التعاطي وعدم التوازن في الإنماء من قَبل من يدعون اليوم العفة»، متحدثاً عن البنى التحتية في منطقة المتن الشمالي.

بعده وقف النائب جمال الجراح خطيباً. فسرد بعض «إنجازات» الحكومة كما وصفها: تلزيم شركات service provider بكل شفافية ومسؤولية، وبحسب أعلى معايير الصفقات المشبوهة، خفض نسبة العمولة 9 في المئة على صفقة البواخر، التهديد بقطع الرواتب عن الموظفين نهاية أيار لأنهم لا يمكن أن يخالفوا القوانين حيث لم تتوفر الأسباب الموجبة لهذه المخالفة، تلزيم صيانة معملي الزوق والجية بمبلغ 190 مليون أورو...

وسأل: هل كان فعلا هنالك ضرورة لاستئجار البواخر لإجراء الصيانة على معملي الزوق والجية - ولماذا كان الوزير طابوريان يرفض إجراء الصيانة على هذه المعامل؟ 

ختام الجلسة الصباحية كان للنائب نواف الموسوي الذي ارتجل كلمته متحدثاً في السياسة، وفي مسألة المقاومة تحديداً، وأكد «أننا مصرون على الاستماع الى وجهات نظر شركائنا، وسلوكنا منذ أن انطلقنا كان قائماً على القبول بالآخر. وأتوجه الى العقلاء في الطرف الآخر، وهذا يعكس هواجسنا، لأقول إننا عانينا الخطر الاسرائيلي، والجمرة تحرق صاحبها. اذهبوا وشاهدوا أهل الجنوب، المقاومة أعادت الارض الى الناس، وتقولون لا نقبلها؟».

أما الجلسة المسائية، فقد تحدث فيها النائب حسن فضل الله، الذي قال «إننا ننتمي الى حزب المقاومة وإلى سلاحها الذي هو مفخرة»، مشيراً الى «أننا نرى اليوم وجوهاً ونسمع اصواتاً وكأن فيها حنيناً الى أولئك الطواغيت الذي أخفوا الإمام موسى الصدر».

وسأل، «فليقل لنا أصحاب السلاح الداخلي لأي امر يجمعون السلاح ما داموا أهل قلم ودفتر؟».

وميز الجلسة السجال الذي حصل بين فضل الله والسنيورة والنائب سامي الجميل الذي رد: «أنتم تقتلون الجيش». فرد فضل الله: «وأنتم قتلتم الكثير من الناس، ويمكن ان نفتح الملفات».

من جهته، قال السنيورة: سأكتفي بالرجوع إلى حديث لرسول الله محمد حيث قال: «سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة! قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ .. قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة».

ورد فضل الله بدوره: «الكلام يدل على قائله وينطبق عليه».

وطلب بري شطب القول من المحضر.

وتحدث في الجلسة النائب عباس هاشم الذي رأى أن «هناك من تحسس نهايته السياسية، لذا يسعى الى إلغاء الانتخابات او تأجيلها عله يعود حينها مأجوراً».

وقال: «يحز في قلوبنا ان تنحرف المعارضة عن مسارها الاساسي ودورها في المراقبة والمساءلة».

وقال النائب إيلي ماروني إن «الكتائب» «قُتلت ولم تقتل ونحن حملنا السلاح ليبقى الوطن ولولا مقاومتنا لم يكن ليبقى متر في لبنان ليقاوم عليه غيرنا»!

وسأل عن الحدود اللبنانية الشمالية «السائبة» في البقاع والشمال.

واعتبر النائب سمير الجسر أن «اخبار الجلسات والتهم المتبادلة والخبط على الطاولة تنبئ عن الحاجة لحكومة إنقاذ للإنقاذ اذا كان ينفع الإنقاذ»، مشيراً الى اننا «لا نحسد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على موقفه لكننا نؤكد أن حكومة الإنقاذ لا تعمل على الإنقاذ لأن البلد يغرق».

واعتبر النائب أمين وهبي أن «أداء الحكومة، في إدارة مصالح اللبنانيين الاقتصادية، قد اوصلنا إلى ما نحن فيه، من معدلات نمو منخفضة، تقترب من الجمود التام والضمور المخيف».

من جهته، دعا النائب عماد الحوت، ميقاتي «للتخلص من الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تكنوقراط بعد ان فقدت الحكومة ثقة الناس، وهي اثمن من ثقة هزيلة في المجلس النيابي».

وسأل «هل المطلوب ان يتفرد وزير الطاقة بجميع الاتفاقات بعيداً عن اي هيئة ناظمة؟». وشكك في دوافع عدم إعطاء داتا الاتصالات للأجهزة الأمنية.

وطالب النائب حكمت ديب الحكومة باسترداد العقارات المملوكة من قبل اجانب والتي لم تستثمر بعد مرور 10 سنوات على شرائها، مستغرباً عدم مبادرة الحكومات الى استردادها «وقد علمنا ان هناك من يسعى للاستحصال على تراخيص غير قانونية والبناء عليها». 

وأشار النائب فريد الخازن الى «اننا في جلسة مناقشة الحكومة الحالية وفي جلسة محاسبة الحكومات السابقة التي اورثتنا الدين والتي كانت صاحبة قرار في تنفيذ المشاريع وأخذت الارباح، وهي نفسها من رعى سقوط الكهرباء عن سابق تصور وتصميم».

واختتم النائب حسين الموسوي الكلمات بالقول إن «الحل في لبنان يأتي بتأمين عبور صحيح الى دولة حديثة، والمطلوب إقرار مشروع ضمان الشيخوخة وحفظ حقوق العمال والأساتذة ومعالجة التلوث وحفظ البيئة وتأمين الأمن الغذائي والدوائي والاستشفاء والتأمين للجميع». ودعا «لإعطاء الأولوية لقضية الإمام موسى الصدر ما يوجب على الحكومة متابعة جادة ومستمرة لم تقم بها الحكومات السابقة».

لقطات

ـ شارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة الصباحية بكاملها، من دون أن «يقاطع» أي متكلم.

ـ لوحظ أن الرئيس فؤاد السنيورة لا يتدخّل «بالنظام» إلا في حالات انتقاد السياسات المالية لحكومات فريقه السياسي.

ـ وضع النائبان نواف الموسوي وعماد الحوت جهازي ipad أمامهما.

ـ رصدت دردشة سريعة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي الذي كان يجلس خلفه في صفوف الحكومة.

ـ خلال الجلسة الصباحية قصد النائب سامي الجميل مقاعد «حزب الله» لإلقاء التحية على الموجودين، ثم عاد وجلس إلى جانب النائب علي فياض.

ـ نصح النائب جمال الجراح خصومه في نهاية مداخلته بمشاهدة فيلم «المذنبون».

ـ طالب النائب أحمد فتفت بتبني مضمون كلمة «زميله الصديق» اسطفان الدويهي لا سيما في مسألة المغتربين.

ـ بدا النائب خالد ضاهر هادئاً على غير عادته. 

ـ «اشتكى» النائب فتفت من «جلسة تسلية» جمعت السنيورة مع النائب نبيل نقولا أعقبت مداخلة الأخير.


Script executed in 0.19895696640015