أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«السفير» و«المفكرة القانونية»: شراكة في خدمة المواطن

السبت 28 نيسان , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,851 زائر

«السفير» و«المفكرة القانونية»: شراكة في خدمة المواطن

لكن، «المفكرة» جاءت في عددها الأول لتقدم نموذجاً فريداً، مثلما أرادها المبادران إلى طرح مشروعها المحامي نزار صاغية والباحث القانوني سامر غمرون. وصدرت برؤية تسعى إلى «نزع الفواصل بين القانون والفئات الاجتماعية»، مستفيدة من تجربة يمكن وصفها بكل موضوعية بـ«العميقة» لفريق عملها، في مجال إنصاف الفئات الاجتماعية المهمشة على صعيد النضال المدني المتلازم مع النضال الحقوقي الذي يفرض التعامل مع ما هو مجتمعي كأساس وجوهر، وليس وضعه على الهامش. وانسحبت الفكرة من وسيلة لتكريس «تحويل القانون من أداة في يد السلطة لتثبيت هيمنتها على المجتمع وأفراده، إلى سلاح لتعزيز الحركات المطلبية والتحررية في مواجهة هذه السلطة، بما يصب في اتجاه فرض مزيد من العدالة الاجتماعية». وهو ما قاله صاغية وغمرون في تقديمهما كيفية «رؤية المفكرة القانونية نفسها». 

من هنا، من السعي الحثيث لتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية، ومن تفكيك جمود القانون وجعله في متناول الناس، والتعامل معه، ومع القضاء، كمسرح حي تترجم عبره السياسات المتعلقة بحياة المواطنين، جاء التقاء جريدة «السفير»، مع «المفكرة القانونية» في شراكة تهدف أولاً وأخيراً إلى خدمة الإنسان ـ المواطن ـ القارئ. 

ويبدو التعاطي مع عالم القانون والقضاء من منظار علم اجتماع القانون «طبيعياً» في المجتمعات التي تعتمد مقاربة مجتمعية تتخطى السياسي في القانون وتأثير الطبقة السياسية على التشريع والقضاء والتجاذبات في ما بينهما، ولكن في لبنان يتحوّل الأمر إلى قضية تستحق النضال. ويكتسب المنحى نفسه أهميته وصعوبته من الواقع الناتج عن تفكك الجسم النقابي وتراجع تأثير المجتمع المدني، وندرة الفئات التي تتوسل القانون والقضاء كقاعدة للانطلاق والعمل، وهو ما سنحاول، وفريق «المفكرة» «التنطح» لتكريسه وتصويب مساره.

يقول صاغية وغمرون إن المفكرة «تهدف قبل كل شيء إلى إلقاء الضوء على تفاعلات القانون مع بيئتيه الاجتماعية والسياسية، عبر إزالة ورقة التين التقنية التي لطالما خُبِئت وراءها علاقات القوة والهيمنة»، على اعتبار أن «المادة القانونية ليست آلية محايدة يستخدمها تقنيون ـ قانونيون، لتحقيق أهداف قانونية وفق قواعد شبه رياضية، بل هي قبل كل شيء نتاجٌ اجتماعيٌّ وسياسي مؤسَّسٌ ومؤسِّس يتفاعل معه عامة الناس يومياً، ويتأثرون بها ويؤثرون فيها على نحو غالباً ما يخرجها عن سياقها الأصلي».

وعليه، وبعد عام على صدور «المفكرة»، خرج فريق عملها (يضم عدداً من الباحثين والحقوقيين ابرزهم الباحث كرم كرم والحقوقيتان يمنى مخلوف وغيدة فرنجية) من المبادرة إلى إصدار «مجلة» قانونية ورقية وموقع إلكتروني، إلى رحاب المتابعة اليومية للحراك القانوني والقضائي في لبنان، بما ينسجم مع هدفها في «متابعة مسارح القضاء، وأعماله، والتي غالباً ما تبقى مجهولة باستثناء بعض الدعاوى ذات التأثيرات السياسية، التي غالباً ما يصبغ التركيز عليها القضاء برمته على نحو يؤدي إلى تكوين آراء مجتزأة ومحدودة عنه وعن دوره». 

وفي موازاة ذلك، عمر العام المنصرم بتنظيم «المفكرة» لمؤتمرات وورش عمل بحثت في قضايا قانونية ذات تأثيرات مهمة، وتحديداً على الفئات المهمشة من نساء ولاجئين وأطفال ومدمني مخدرات ومثليون وغيرهم..، لتؤدي دوراً تشبيكياً بين منظمات المجتمع المدني وجمعياته الناشطة على المسرح ذاته. 

وانطلاقاً من الدور الأكاديمي الذي يخدم ربط القانون والقضاء بالبنية المجتمعية، أطلقت «المفكرة»، وبشكل تدريجي، أبحاثا تتصل بالمكونات الاجتماعية للعمل القانوني على المديين المتوسط والطويل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، وضع القضاء في ظل الأنظمة الديكتاتورية في كل من تونس ومصر، وأولت اهتماماً خاصاً بشؤون القضاء في ظل الحراك الحاصل في عدد من الدول العربية ضمن إعداد سابق، وفي إطار مؤتمرات عقدتها في بيروت وتونس لهذه الغاية.

تنطلق شراكة «السفير» و«المفكرة» من أهداف الأخيرة التي تلتقي عند ما تصبو وتطمح إليه «السفير» من «أداء دور إعلامي بالمستجدات القانونية ذات الأثر الاجتماعي وعرضها على نحو يسمح للقارئ أن يكون على بينة منها ومن الإشكاليات التي تطرحها، والمساهمة في إشراك الرأي العام في تقويم المستجدات القانونية في مختلف مراحلها من منطلق كونها قضايا اجتماعية. وسيولي الطرفان اهتماما خاصا لتقويم مدى نفاذ القوانين والمراسيم وكيفية تطبيقها في الدوائر الرسمية والمحاكم من قبل الموظفين والقضاة، ليس لأنه «يجب» تطبيق القوانين فحسب، بل ضرورة التعامل مع التطبيق كأساس في صلب التفاعلات والممارسات السوسيو ـ قانونية التي لطالما رماها علم القانون التقليدي خارج دوائر اهتمامه العلمي، والتي تطمح «المفكرة» إلى إعادتها إلى صلب دراسة المادة القانونية في مجتمعنا. 

وستعزز الشراكة طموح الطرفين إلى «إفساح المجال أمام التخاطب العام في مشاريع القوانين المطروحة، على نحو يخفف من مساوئ السرية في عمل اللجان النيابية التي تتولى وضع الصياغات النهائية لهذه المشاريع، غالباً من دون الاستماع إلى آراء أي من المعنيين بها، أو بعد الاستماع فحسب إلى النافذين منهم»، وهو ما كنا نسعى إليه قبل الشراكة، كل على حدة. 

ويسر «السفير» أن تعلن بدء هذه الشراكة مع المباشرة بتوزيع أعداد «المفكرة» مع الجريدة من صباح الاثنين المقبل، وبشكل فصلي.


Script executed in 0.19842505455017