أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

النظام الضريبي يعمّق الشرخ الاجتماعي والقطاع الصحّي في خطر

السبت 05 أيار , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,849 زائر

النظام الضريبي يعمّق الشرخ الاجتماعي والقطاع الصحّي في خطر

 كان هذا محور مؤتمر «إصلاح السياسات الاجتماعية في لبنان: من الدعم الانتقائي إلى الرعاية الشاملة»، الذي نظّمه «المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق»، في 15 و16 آذار الماضي.

لمعالجة هذه الإشكالية، تناول المؤتمر ثلاثة أنواع من القضايا: مسائل مطروحة لكن لم تتبلور رؤية واضحة في شأنها وينبغي تعريضها لمزيد من البحث (التغطية الصحية مثلاً)؛ مشاريع منجزة وموجودة داخل المؤسسات لكن من المفيد مناقشة العقبات التي تحول دون إقرارها حتى الآن (مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية مثلاً)؛ ومسائل لم تطرح بصورة جدية بعد ويمكن أن تكون جزءاً من جدول الأعمال الوطني (التأمين ضد البطالة مثلاً).

هنا، مختصر الوثيقة الختامية الصادرة عن المؤتمر:

لا تبرّر المرحلة الانتقالية التي يمر بها البلد على أكثر من صعيد، لا تأجيل معالجة القضايا الاجتماعية والتريث في التعامل مع استحقاقاتها الملحة، بل هي الوقت المناسب لمراجعة السياسات وإعادة النظر في بعض المسلمات التي سادت في العقدين الماضيين، للوصول إلى مقاربة جديدة تتعامل مع جذور الأزمات لا مع أعراضها الجانبية ومظاهرها المؤقتة فحسب. فقد وقعت الإستراتيجية الاجتماعية في لبنان أسيرة الأطر التي وضعت غداة الحرب الأهلية، وعلّق تنفيذ العديد من البرامج وأُهملت حاجات مستحقة، تارة بذريعة الإفساح في المجال أمام مرور قطار الاعمار والنمو، وطوراً في انتظار تسوية المشاكل المالية والاقتصادية. وهذا ما لا يمكن الاستمرار به، بل آن أوان الخروج من الجمود وتجاوز الرؤى التقليدية المحافظة، لتصير الهموم المعيشية والأهداف الاجتماعية بنداً دائماً على برنامج عمل الدولة ومحوراً رئيساً من محاور بنائها.

تشهد المنطقة صحوة شعبية تتضمن مزيجاً من الفرص والتحديات والمخاطر. يؤكد ذلك صعوبة فصل المسألة السياسية عن المسألة الاجتماعية، وخطورة فصل المسألتين عن القضية الوطنية التي تعطي المنطقة وحدتها وهويتها وحصانتها، فأول شروط إعادة بناء الدولة وإصلاح شأن السلطة في لبنان والمنطقة، هو أن نملك سيادة غير منقوصة على قرارنا السياسي والوطني وعلى سياساتنا الاقتصادية والاجتماعية.

فالمسألة الاجتماعية التي قفزت إلى صدارة جدول الأعمال الوطني لا يمكن إعادتها إلى الظل مجدداً، حتى لو أراد بعض المجتمع السياسي ذلك؛ هذا بعد سنوات من التجاهل والإنكار، وبعدما كانت الخيارات الاجتماعية الضلع المفقود في السياسات. وهو ما  لم يعف الحكومات المتعاقبة من تخصيص موازنات طائلة لإنفاق اجتماعي متناثر وعشوائي، تعويضاً عن ضعف المؤسسات، والافتقار إلى شبكات أمان منظمة، وللحد من التداعيات الخطرة لنمط نمو مجحف وغير متوازن.

إن أول شروط الإصلاح الاجتماعي هو أن تتقدم الدولة من دور المراقب الذي ينحاز إلى فئات دون أخرى، إلى موقع الشريك في إنتاج الحلول وإدارة الحوار الاجتماعي، الذي ينتظر منه المساعدة على صوغ إستراتيجية شاملة تتناسب مع إمكانات البلد وتلبي طموحات غالبية أبنائه، انطلاقاً من أن التقديمات الاجتماعية هي حق من حقوق المواطنة تقوم على مبدأي التكافل والرعاية،  وليس حقاً تعاقدياً صرفاً.

يدعو المؤتمر إلى التعامل مع العناوين الاجتماعية في إطار منظور متعدد الأبعاد والأولويات، وتوجيه عناية خاصة إلى القضايا التي تتقاطع عندها المسارات الاجتماعية والاقتصادية والمالية، مثل إصلاح النظام الضريبي، توسيع قاعدة القروض الإنتاجية المدعومة، زيادة حصة الأجور من الناتج، تطوير شبكات الأمان وزيادة نطاقها... الخ؛ فمن شأن هذه القضايا حماية دعم الفئات المهددة، وتعزيز النمو ودعم المالية العامة.

إن تحقيق الأهداف الاجتماعية عنصر مساعد ومكمل للأهداف الأخرى، فتخفيف التباين الاجتماعي مثلاً لا يتعارض مع النمو بل هو عامل من عوامل تحقيقه، وزيادة عدد المشمولين بالحماية المنظمة لا يفرط بالاستقرار المالي بل يساعد على تقليل الهدر؛ وإصلاح النظام الضريبي ليصير أكثر إنصافا للمستهلكين والمنتجين والمستثمرين لا يعيق الإنتاجية بل يحسنها. إن فعالية البرامج الاجتماعية لا تقاس بحجمها أو بحصتها من الناتج أو من النفقات العامة، بل بقدرتها على تحقيق الأهداف الأساسية. فأي خطوة تنقلنا من منطق العطاء الريعي إلى منطق التكافل والرعاية، تساعد على مكافحة الفساد والزبونية السياسية، وتزيد فعالية الإنفاق العام في تحقيق الأهداف المرسومة له.

الأجور وتوزيع الدخل

ثمة ضرورة لتصحيح الأجور، وأن تتولى الدولة معالجة اختلال الموازين الاقتصادية وتحسين مستويات المعيشة وخفض التكاليف. وثمة وجوب أن تتسق زيادة الأجور مع إنتاجية العمل وارتفاع تكاليف المعيشة في آن معاً. لما في ذلك من مصلحة لطرفي الإنتاج، خصوصاً أن ذلك يضمن استمرار المؤسسات والحفاظ على قدرتها التنافسية، ويتيح للعمال المشاركة في جني ثمار النمو بما يضمن لهم ظروف معيشة أفضل. من هنا، فإن تشجيع الحوار والتنسيق المستمرين بين أطراف الإنتاج، سواء على مستوى القطاع أو المنشأة، يعتبر عاملاً أساسياً في تحسين كفاءة الإنتاج وزيادة فعاليته.

لقد تراجعت حصة الأجر من إجمالي الناتج المحلي. وتقف وراء ذلك عوامل عدة، منها تدني مستوى الأجور نسبياً، الدور السلبي للتضخم (الاحتكار عامل رئيس فيه) في إعادة توزيع الدخل لمصلحة الأرباح وخصوصاً الأرباح الريعية، والتغيرات التي طرأت على تركيبة الاقتصاد اللبناني لناحية سيطرة الأنشطة التي لا ترتبط بقطاعات الإنتاج السلعي والخدماتي، إضافة إلى تدفق العمالة الأجنبية من دون ضوابط. ولا بد لأي محاولة لتصحيح الأجر أن تأخذ هذه العوامل بالحسبان.

فرفع الأسعار بالتزامن مع تصحيح الأجور، يهدد استقرار سوق العمل. وكي لا يكون دور الدولة في تصحيح الأجور تعسفياً، وجب مراعاة جملة قواعد مؤثرة في دورة الإنتاج والتبادل والاستهلاك، هي:

ـ اعتماد سلة متحركة لاستهلاك السلع والخدمات الضرورية، تعكس الواقع الحقيقي الراهن لإنفاق أوسع فئة من اللبنانيين، يصار بموجبها الى تصحيح دوري للحد الأدنى بنسبة غلاء المعيشة وفق تطور أسعار هذه السلة.

ـ التأكيد على دور المفاوضة الجماعية بين شركاء الإنتاج في تحديد زيادات غلاء المعيشة.

ـ النظر إلى التقديمات الاجتماعية على اعتبارها التزاماً وحقاً للعمال والموظفين، بوصفها من مكونات الأجر بمفهومه الاجتماعي.

ـ ترشيد الإنفاق العام على الخدمات العامة والمرافق الأساسية.

توزيـع الدخـل

إن استعراض مؤشرات أحوال المعيشة في لبنان خلال الثلاثين سنة الماضية يوضح اتساع الهوة في توزيع الدخل والثروة. 28 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يستهلك 20 في المئة نصف مجموع الاستهلاك في لبنان. و60 في المئة من سكان المدن يعيشون في أحياء فقيرة.

يساهم النظام الضريبي غير العادل في تعميق الشرخ الاجتماعي. فضلاً عن حرمان خزانة الدولة من موارد مهمة، هي بأمس الحاجة إليها لتسيير المرافق العامة وتوفير الخدمات الاجتماعية لعموم المواطنين. ويرتبط سوء توزيع الدخل والثروة بطبيعة الإنفاق العام، إذ أن ثلث هذا الإنفاق مخصص للدين العام، فضلاً عن جوانب إنفاق أساسية أخرى تصب في نهاية المطاف في دعم مصالح كبار السياسيين والأغنياء أكثر مما تساعد في تضييق فجوة الفقر وتحسين مستويات المعيشة. وحتى القطاع الخاص فقد دوره في مجال إعادة توزيع الدخل، إذ يتركز القسم الأكبر من حصة الرواتب في هذا القطاع في أيدي 8 في المئة من الموظفين الكبار.

إن عملية تصحيح الأجور تفقد جدواها ما لم يتم تعطيل آليات التشويه المشار إليه، بالتزامن مع إطلاق ورشة شاملة لإصلاح النظام الضريبي وإقرار قوانين التنافسية ومكافحة الاحتكار بكل أشكاله وتحصين القطاعات الإنتاجية.

مكافحة الفقر

كانت الكلفة الاجتماعية لسياسات التحول من الاقتصاد الريفي إلى اقتصاد التجارة والخدمات باهظة جداً. فقد أدت إلى إفراغ الريف من سكانه وتدهور القطاع الزراعي ونشوء أحزمــة بـــؤس في ضواحي العاصمة والمدن الكبيرة، وحالت دون التوزيع العادل لعائدات النمو، وبالتالي تعاظم التفـــاوت الاجتـــماعي والاقتصادي مناطقياً وقطــاعياً. والثغر هنا:

ـ تركيز الإنفاق على منشآت لا موارد لتشغيلها (مدارس، مستشفيات...)، أو غالباً على نفقات جارية (أجور ورواتب).

ـ بقاء نحو 45 في المئة من اللبنانيين من دون حماية اجتماعية.

ـ ارتفاع تكلفة الخدمات الصحية والتعليمية، مقابل تدني المستوى والنوعية.

ـ تشتت الإنفاق الاجتماعي بين عدد كبير من الكيانات الحكومية من دون أدنى رابط تنسيقي بينها.

وبما أن السياسات النقدية والمالية والاقتصادية على مدى العقود تحولت إلى أحد أهم المصادر المولدة للفقر والبطالة والتهميش، يؤكد المؤتمر على مسألتين:

ـ ضرورة مراجعة هذه السياسات ومختلف الخيارات الاقتصادية الكلية للدولة. ولكن هذه المرة على ضوء مبدأ تلازم السياسات الاقتصادية والاجتماعية ومكونات التنمية، من حيث الالتزام المتبادل بأهداف عامة مشتركة. فيصار الى تضمين هذه السياسات والخيارات أبعاداً اجتماعية من منظور متعدد الأوجه يطال مصلحة أغلبية المواطنين ذوي الدخل المحدود والفقراء، ويحقق التوازن القطاعي والريفي ـ الحضري، والعدالة بين الجنسين، ويضمن حقوق المسنين والمعوقين. من دون أن يعني ذلك بطبيعة الحال تجاهل مصالح قطاع الأعمال.

ـ إن الأولوية هي لإعادة تنظيم استخدام الموارد المتاحة للإنفاق الاجتماعي وليس اقتراح تدخلات إضافية. وهذا ما يتطلب التوافق على رؤى وخيارات أساسية قبل الشروع في تدخلات محددة.

تساهم القروض الصغيرة في زيادة مداخيل الفقراء وتحسين مستوى معيشتهم، عبر تمكينهم من الانخراط في عملية التنمية، وفي تقليل معدلات البطالة وتمكين المرأة، لكن فاعلية هذا الدور مرتبطة بالسياسات الاقتصادية الوطنية، وتحقيق هذه القروض أهدافها النهائية المذكورة أعلاه يكون ضئيلاً وظرفياً كلما كانت مجتزأة وخارج نطاق حزمة تدخلات مباشرة ومتوسطة وطويلة المدى، ضمن استراتيجية متكاملة تطال الفقر والتعليم والصحة والسكن وتمكين المرأة والاستدامة البيئية والنقل.

البطالة

مشكلة البطالة في لبنان من طبيعة بنيوية مرتبطة بآليات اشتغال الاقتصاد اللبناني، خصوصاً خلال العقدين الماضيين، إذ تمحورت هذه الآليات حول بعدين رئيسين: 

ـ البعد المالي ـ النقدي المتمثل في التدفقات المالية من الخارج من جهة، والسياسات المالية والنقدية الانكماشية من جهة أخرى.

- البعد القطاعي المتمثل في تركز الاستثمارات في قطاعات غير قابلة للتداول وغير مولدة لفرص العمل.

إن التحول إلى اقتصاد المعرفة يتطلب إخضاع نظام التعليم في لبنان لتغييرات بنيوية تطال البرامج والعلاقة بين مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات الإنتاج والبحث والتطوير. وتنشيط سوق العمل يستلزم الآتي:

ـ دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. 

ـ تنشيط الإقراض الصغير والبالغ الصغر.

ـ تنظيم سوق العمل، بما في ذلك ترشيد الاعتماد على اليد العاملة الوافدة، والتي تضغط نزولاً على مستوى الأجور.

التغطية الصحية الشاملة

يشكل استمرار واقع القطاع الصحي، سواء على صعيد التكلفة المالية والاقتصادية أم الثمن الباهظ الذي يتحمله المواطنون، إنذاراً. ونذكّر ببعض المؤشرات:

ـ تعدد الصناديق والنماذج الضامنة، وتفاوت تقديماتها من استشفاء وطبابة تكلفة ونوعية.

ـ أكثر من نصف اللبنانيين الأشد فقراً وحاجة للضمان غير مشمولين بأي نوع من التغطية الصحية. وتتولى وزارة الصحة تغطية تكلفة علاجهم لدى القطاع الخاص.

ـ تراجع حصة وزارة الصحة في الموازنة العامة.

ـ هيمنة القطاع الخاص على مجمل مرافق القطاع الصحي والدواء.

ـ غلبة الطب العلاجي على الوقائي.

ـ استنزاف «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» إدارياً ومالياً، بما يجعله عاجزاً عن مجاراة التحولات في مجال التأمينات الاجتماعية.

ـ غالبية الأدوية المتداولة محصورة بأسماء تجارية.

ـ ارتفاع نسبة الإنفاق الصحي إلى الدخل القومي (12,3 في المئة) تمول من جيوب المواطنين بنسبة 46 في المئة.

ندعو إلى اعتماد استراتيجيات تطوير القطاع الصحي وتحديثه، ومن أبرز عناوينها:

ـ تطوير وتفعيل دور وزارة الصحة باعتبارها معنية بضمان جودة الخدمات في القطاع الصحي وضبط الإنفاق وترشيده، إلى جانب دورها في توفير الاستشفاء العام وأدوية الأمراض المزمنة والخدمات الطبية الأخرى...

ـ تأسيس إطار وطني للصحة يتولى تنظيم العلاقة بين مختلف مكونات القطاع الصحي في القطاعين العام والخاص. ويكون إلى جانبه مجالس صحية على مستوى الأقضية والمحافظات.

ـ وضع خريطة صحية يسترشد بها على مستوى البلاد، تمهيداً لمشروع التأمين الصحي الشامل.

ـ التوحيد المرحلي للصناديق الضامنة.

ـ تعزيز التنسيق بين أجهزة الدولة المعنية، وخصوصاً الضمان الاجتماعي ووزارة المال، لضبط التصاريح عن المؤسسات وموضوع الأجور والاشتراكات.

ـ الاهتمام بتطبيق برامج الإحالة والتوعية والوقاية الصحية.

ـ وضع معايير الاعتماد والتصنيف وإعداد مواصفات الترخيص للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمختبرات ومراكز الأشعة.

ـ العمل على خفض فاتورة الدواء وتحريره من احتكار القلة، مقابل اعتماد المناقصات المشتركة بين الجهات الرسمية الضامنة.

ـ إعادة تأهيل المختبر المركزي ومكتب الدواء.

ضمان الشيخوخة

يعاني نظام تعويض نهاية الخدمة المطبق حالياً ثغراً تجعله غير صالح لتحقيق أهداف ضمان الشيخوخة. فالتعويض المستحق لا يؤمن معيشة كافية ولائقة للمتقاعدين أو لخلفائهم من بعدهم. فضلاً عن تأثر هذا التعويض بمخاطر تقلبات أسعار الصرف والتضخم. ومن الثغر أيضاً غياب التأمين الصحي للمتقاعد وإرهاق صاحب العمل بتكاليف مبالغ التسوية، إلى جانب وقوف هذا النظام عائقاً أمام مرونة سوق العمل.

أما المخاطر والمعوقات التي ينبغي التحسب لها قبل وضع مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية موضع التطبيق، فهي:

ـ مخاطر التضخم والأزمات الاقتصادية وتأثيرها في مصير المدخرات.

ـ التجاذب بين الأطراف الثلاثة للإنتاج.

ـ تعدد الوصايات وتداخل الصلاحيات بين السلطات التقريرية والتنفيذية للمشروع.

ـ الكم الكبير من المراسيم التنظيمية والأنظمة الداخلية التي يتطلبها وضع القانون المقترح موضع التنفيذ.

ضمان البطالة

يتطلب تطبيق نظام تأمين ضد البطالة، حواراً. ونضيء على صيغتين للمعاش التقاعدي تشمل الأجراء النظاميين في القطاع الخاص، الأولى نسبية مركبة تقدر بنحو 46 في المئة من الأجر الوسطي في السنة الأخيرة لعمل الأجير، تأخذ بالاعتبار وضعه الأسري وأقدميته. والثانية نسبية بسيطة تقدر بنحو 40 في المئة من الأجر الوسطي، على أن لا تقل عن 80 في المئة من الحد الأدنى للأجور ولا تزيد عن ثلاثة أضعاف هذا الحد. وفي الحالين يبقى العاطل من العمل مستفيداً من تقديمات الضمان الصحي ريثما يصار إلى تطبيق النظام الوطني للتغطية الصحية.  لا يعني ذلك غض الطرف عن مواصفات أسواق العمل في لبنان وظروفها، سواء من حيث نسبة العمال غير النظاميين العالية، أو ارتفاع معدلات البطالة تحديداً بين النساء والعمال المهرة، مما يتطلب تكييف أنظمة ضمان البطالة المنوي اعتمادها بما يتلاءم وهذه المواصفات والأوضاع.

 

 

 

 

الإسكان

 

 

 

 

لا يمكن فهم ارتفاع أسعار الشقق والأراضي خارج نطاق المضاربات العقارية، التي تأخذ مداها في ظل غياب الرؤية المستقبلية وضعف التخطيط المدني. أما المبادرات في مجال التمويل السكني، فهي على أهميتها مازالت محدودة جغرافياً في العاصمة وضواحيها، ولا تغطي سوى أقلية من اللبنانيين.

باتت أزمة السكن معضلة وطنية تتطلب حلولاً على مستوى الإنماء المتوازن لمناطق الأطراف وتشجيع اللامركزية الإدارية. لذا ندعو إلى اعتماد الرؤى العلمية والتخطيط الاستراتيجي ذات البعد التنموي المتكامل قطاعياً، وعلى مسارات متعددة ومترابطة. ومن أبرزها:

 

 

 

 

المسار الاجتماعي

 

 

 

 

ـ المسار التمويلي: عبر ربط عملية منح القروض بمسار إستراتيجية إسكانية محددة الأهداف والغايات، تضمن تنظيم عملية الإقراض السكني وضبطها بشروط تخدم معالجة أزمة السكن فعلاً وليس إثراء تجار العقارات. ولا بد هنا من إعطاء الأولوية في منح القروض للذين يرغبون في البقاء في مسقط رأسهم.

ـ مسار إنشاء البنى التحتية: والمقصود إنشاء شبكة من الطرق تربط العاصمة وضواحيها بمناطق الأطراف، حيث يصار إلى فرز وتجهيز مساحات من الأراضي لإقامة مجمعات سكنية عليها.

4ـ المسار التشريعي: استحداث سلسلة من التشريعات بما فيها تحرير عقود الإيجارات القديمة بصورة تدريجية لا تهجّر المستأجرين وتنصف المؤجرين، تشجيع البناء العمودي، إلغاء أحكام قانوني تملك الأجانب، وفرض ضرائب تصاعدية على الأرباح المحققة من تجار العقارات.


Script executed in 0.21471285820007