عزا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي "حدّة الازمة اليوم في لبنان إلى فقدان الثقة التي من أساسها انطلق الميثاق الوطني، فالثقة مفقودة ولا يمكن ان يستمرّ البلد على ما هو"، مجدّداً "دعوة اللبنانيين للجلوس الى طاولة وبناء عقد اجتماعي جديد قائم على ثقة الميثاق الوطني"، واعتبر "ان الازمة مستوردة ونتيجة خلاف كبير على المستوى الإقليمي والعربي مع ارتباطات دولية دخلت الى البلاد وعطلت كل الحياة السياسية والاقتصادية".
وصل الراعي والوفد المرافق الى ديترويت في ولاية ميتشيغن في الولايات المتحدة الأميركية، المحطة الاخيرة في زيارته الرعوية التي شملت المكسيك وكندا.
وتوجّه الراعي الى باحة كنيسة رعية مار شربل في ديترويت، حيث ترأس قداساً احتفالياً حضره حشد من أبناء الجالية اللبنانية في ديترويت.
وألقى الراعي عظة قال فيها: "إنّ العالم في حاجة الى مصالحة ولا يمكن ان يكون المسيحي مسيحياً ولا يصافح أو يغفر لغيره"، ودعا الى "ان تكون المحبة في القلوب لكي يلتقي البشر بروح الأخوة ولكي تترجم هذه الشهادة في حياتنا الروحية والوطنية والاجتماعية ولضمان حرية الشخص البشري والحرية بكل تنوعاتها وحقوق الانسان الأساسية ليعيش بكرامة، وعلينا ان نشهد مع المسلمين سوية للقيم الدينية لخلاص المجتمعات".
وبعد القداس أقام رئيس دير مار شربل المونسنيور ألفرد بدوي مأدبة عشاء على شرف البطريرك، شارك فيها عدد من الفاعليات والمسؤولين الكنديين واللبنانيين وحشد من المدعوين، وألقيت كلمات أكدت مواقف الراعي، وأشاد بدوي في كلمته بما يقوم به البطريرك لجمع شمل اللبنانيين، ومن أجل الكنيسة في الوطن والمهجر.
ثمّ ألقى مطران الكنيسة الكاثوليكية آلان فينيرون كلمة رحّب فيها بالبطريرك باسم الكنيسة الكاثوليكية في ميتشيغن متحدثاً عن دور الموارنة وتاريخهم.
والقى القنصل العام حسام دياب كلمة قال فيها: "منذ تتويجك البطريرك الـ 77 للموارنة في آذار 2011 عملت على تعزيز دور البطريركية وترجمة رسالتك المحبة والشراكة على الصعيد الوطني، الإقليمي والدولي وقد عملت على تعزيز العلاقة بين المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء وتقوية أواصر المحبة بين أطياف مجتمعنا التي تشكل وطننا لبنان ومنطقتنا عاملاً على نشر رسالة الوحدة في مجتمعنا".
الراعي
وردّ الراعي بكلمة جدّد فيها دعوته "المغتربين الى الحفاظ على هويتهم وجنسيتهم اللبنانية وعلى أرضهم في لبنان". وذكّر بـ"الميثاق الوطني الذي ارتضى فيه المسلمون والمسيحيون العيش معاً"، لافتاً الى "اننا اليوم في حاجة الى عقد اجتماعي جديد يحافظ على هذا الميثاق".
وقال: "لبنان لا يمكن ان يكون الا بلداً ديمقراطياً تعددياً، ولا يمكن ان يحكم ديكتاتورياً او احادياً، ولذلك ثقافته الحريات العامة وحقوق الانسان الأساسية، حوار وتوافق وهذا أمر صعب. لذلك يمرّ لبنان بظروف ولكن اللبنانيين مجتهدون في تجاوز الأزمة وإيجاد الحلول لها، ولذلك يُقال إن كلّ الأزمات في الشرق يُحبل فيها في هذا العالم المشرقي والولادة تكون في لبنان".
وتحدّث عن "الانشطار الحاصل في لبنان بين قسمين سياسيّين مختلفين متعاونين ويختزلون الشعب اللبناني ويأخذونه رهينة". وقال: "التعيينات متوقفة وسفارات عديدة شاغرة، ولا قرارات إصلاحية اقتصادية تخرج من الأزمة الكبيرة، وذلك لأنّ الولاء لأشخاص لا للبنان"، داعياً "الانتشار إلى إطلاق صرخة كبيرة تقول كفى، نحن نريد ولاء للبنان وليس لأحد". كما دعا "المغتربين إلى الاستثمار في لبنان من أجل إيجاد فرص عمل للشباب اللبناني لكي يبقى في أرضه ولا يهاجر"، لافتاً الى "أنّ الثقة مفقودة ولا يمكن للبنان الاستمرار هكذا".
بدوره، وصف عضو هيئة التيار الوطني الحر في ميتشغن سليم ساسين زيارة البطريرك بالجيدة، وقال: "جميع ابناء الجالية اللبنانية على اختلاف طوائفهم وأحزابهم يرحّبون بصاحب الغبطة، وزيارته تزيد الترابط بين لبنان المغترب والبلد الأمّ، ونتمنى على البطريرك التواصل مع الشباب المغترب لتقوية جذورهم في وطنهم لبنان. كما نتمنى عليه التواصل مع الشباب الجامعيين المغتربين ووضع برنامج لتنمية القرى الريفية".
ورحّب رجل الاعمال المغترب اللبناني هاني برو بزيارة الراعي، واصفاً إياها بالتاريخية، معتبرا انها "ليست فقط للمسيحيين بل لكل ابناء الجالية اللبنانية على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، وهي تساعد على توطيد أواصر التواصل بين لبنان المغترب ولبنان المقيم".