أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

هكـذا تغيّـرت خطّـة الخاطفيـن.. وسـلّة مطالـب جديـدة

الإثنين 28 أيار , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,361 زائر

هكـذا تغيّـرت خطّـة الخاطفيـن.. وسـلّة مطالـب جديـدة

علمت «السفير» من شخصية عربية دخلت على خطّ المفاوضات في ملف المخطوفين اللبنانيين الـ11، أمس، أن «المخطوفين تحوّلوا من رهائن إلى وسيلة لحماية الخاطفين، في أثناء انتقالهم من سوريا إلى الحدود التركية، عند الساعة الثانية والنصف من عصر الجمعة الماضي، بعدما تعرّض الخاطفون لحملة أمنية من جيش النظام السوري، ثم عادوا أدراجهم إلى إحدى المناطق المتاخمة للحدود السورية ـ التركية، في سوريا». 

وأوضحت هذه الشخصية أن «الخاطفين أصبح لديهم مطالب سياسية، من بينها إطلاق سراح معتقلين معارضين للنظام السوري، في حين كانوا بصدد عدم المطالبة بأي مقابل، أي أن سلة المفاوضات كانت فارغة، إلى حلول يوم الجمعة الماضي، وهم متخوفون من قصف مباغت من النظام السوري». 

وفيما أكدت هذه الشخصية أن «الجهات الخاطفة متوارية عن الإعلام، وكل ما يُثار عن هويتها غير صحيح»، أشارت إلى أن «عملية الاختطاف، منذ البداية، نفّذت وفق معلومات خاطئة: كانت المعطيات الأولية للخاطفين، تشير إلى أن ركاب الحافلة ينتمون إلى تنظيم عراقي شيعي، ومموّه بحافلة زوّار تضم نساء، بغية التسلل إلى الأراضي السورية للقتال إلى جانب النظام السوري». 

غير أن توقيف الحافلة، ثم التعرّف إلى هوية ركابها اللبنانيين، أدى إلى تطوّر في خطة الخاطفين: «قرروا إطلاق سراح النسوة كرسالة أولية تقول إن نيتهم ليست سلبية، وتعمّدوا الطلب من السائق أن يبلغ أحد المخافر الرسمية في حلب عن عملية الاختطاف ومكانها، بغية التمويه في انتقالهم إلى مكان آمن، ثم اعتبر الخاطفون أن اللبنانيين الـ11 أصبحوا غطاءً أمنياً لهم». 

وألمحت الشخصية إلى أن خلافات داخلية نشبت بين الخاطفين (إذ قالت عبارة مريبة مفادها أن «العمالة ليست حكراً على جهة معينة»)، مضيفة: «كانوا على وشك أن يُكتشف مكانهم، خصوصاً أن هواتفهم الخلوية مراقبة، فباتوا ينتقلون من مكان إلى آخر، ثم جرى توزيع المخطوفين في أماكن متفرقة وفق مجموعات». 

وأبدت الشخصية استياءها من تصريحات بعض الفصائل السورية المعارضة للنظام، خصوصاً «تلك التي تدّعي أنها الجهة الخاطفة، لأن هذه الادعاءات تنعكس سلباً على سير المفاوضات»، لافتة إلى «وصول شخصية لبنانية تابعة لتيار سياسي معارض للحكومة اللبنانية، إلى تركيا، وهي تعمل بشكل حثيث لإطلاق سراح المخطوفين، حتى أنها عرضت أموالاً عليهم». 

وأشارت هذه الشخصية إلى أنها اتصلت هاتفياً بـ«أحد الأشخاص الذين ادّعوا علمهم بتفاصيل عملية الخطف، وتبنّوها»، ووضعتها في الحيثيات الخطيرة للملف، فأجابها القيادي في إحدى الفصائل المنشقة: «لقد اضطررت إلى تبنّي العملية، بعدما اكتشفت أن الجميع تنصّلوا منها!». 

ووفق معلومات الشخصية العربية، فإن صحة اللبنانيين الـ11 بخير، وثمة مفاوضات حثيثة تعمل عليها كل من العراق وتركيا وشخصية لبنانية في تركيا، وترتكز «الخطة الحالية، إلى حين انتهاء المفاوضات والمطالب، في نقل المخطوفين إلى مكان مقفر في سوريا، فيما يعود الخاطفون أدراجهم، كي لا تُكشف هويتهم». 

أما عن دقة المعلومات التي أشارت إلى انعطافة مدوية عند الخاطفين، بعد خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، فأوضحت الشخصية باقتضاب: «الخاطفون كانوا في طريقهم إلى الحدود لتسليم الخاطفين، لكنهم تعرضوا لمضايقات أمنية حتّمت عليهم التوجس. وخطاب نصر الله أثّر عليهم سلباً بالطبع، لأنه هدّدهم بأن هذه الأساليب لن تغيّر من موقف الحزب تجاه النظام السوري، وشكر النظام». 

ويترقب اللبنانيون، منذ ستة أيام، إطلاق سراح الـ11 مخطوفاً، خصوصاً بعدما أكدت الدولة اللبنانية، بحماسة غير مسؤولة، يوم الجمعة الماضي، أن المخطوفين وصلوا إلى تركيا، وهم في طريقهم إلى لبنان، الأمر الذي أثار فضيحة دبلوماسية بحق الحكومة اللبنانية. 

ذلك أن معلومات «السفير» تشير إلى أن الجانب التركي، أبلغ الدولة اللبنانية، بالحرف: «المخطوفون سيصلون إلى تركيا خلال ساعات». غير أن الجهات الرسمية اللبنانية، وعلى طريقتها اللبنانية، حذفت عبارة «خلال ساعات»، معلنة النبأ على النحو التالي: «المخطوفون أصبحوا في تركيا»، فحدث ما حدث. 

ونتيجة ما حدث من تخبّط رسمي، فقد ألغى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي زيارته التي كانت مقررة سلفاً إلى تركيا، يوم الجمعة الماضي، وذلك بعد نصيحة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، انطلاقاً من أن النتائج الإيجابية غير واضحة في تركيا. 

وشهد يوم أمس، هرجا ومرجا إعلاميين، من دون الوصول إلى أي نتيجة ملموسة، إذ أعلن العميد السوري المنشق حسام الدين العوّاك، «وجود خمسة قياديين في حزب الله من بين المخطوفين»، فيما نفى الحزب الأمر نفياً قاطعاً، معبّراً عن شجبه مجزرة حولة التي وقعت في سوريا. 

وفي حديث مع «السفير»، أشار الأمين العام لـ«حزب الأحرار السوري» الشيخ إبراهيم الزعبي، إلى أنه كان يعمل على الحصول على تسجيل صوتي ومرئي للمخطوفين اللبنانيين، بغية تسليمه إلى سفير «المنظمة العالمية لحقوق الإنسان» علي عقيل خليل، لكن بعض التصريحات الإعلامية أثّرت سلباً على الموضوع. 

في الآتي، سلسلة مشاهد على امتداد ثلاثة أيام، لاحقت ذوي المخطوفين الـ11، من النبأ الأول، عرسهم الأول في المطار، إلى انتظارهم المربك يوم أمس، فضلاً عن مشاهد أخرى تحاكي أيام الضاحية السعيدة، الحزينة، والغاضبة بهدوء حتى إشعار آخر. 

مشهد الخبر الأول: المعلومة الأولية، التي لم يكن ثمة احتمال ولو واحد في المئة للتشكيك في مصداقيتها، كانت تفيد في أن المخطوفين الـ11 سيصلون «بعد ساعات» إلى بيروت، من تركيا. ذوو المخطوفين كانوا كما لو أنهم في عرس جماعي، يعانقون بعضهم بعضاً على أصوات قرع الطبول، والصراخ، وكل ما يدل على رائحة العرس. 

في باحة المطار الخارجية، المواربة لبوابة ما يُسمى بـ«صالون الشرف»، كان ذوو المخطوفين يرقصون فرحاً، عند الساعة الرابعة من عصر الجمعة، متجمهرين في حلقات دائرية تعلو منها أصوات الزغاريد النسوية. 

الشعور في التعاطف الوطني والزهو بما وصل إليه هذا التضامن، من خلال إعلان النائب سعد الحريري أنه سيقلّ المخطوفين على متن طائرته الخاصة، بدا واضحاً في التصريحات الإعلامية لذوي المخطوفين، خصوصاً في أسلوب معاملتهم مع مراسلة تلفزيون «المستقبل»، كما لو أنها مراسلة «المنار». 

مشهد الخبر الثاني: عند الساعة السادسة من اليوم ذاته، وفيما كان نصر الله يلقي خطاب «التحرير» في بنت جبيل، كانت حافلات تقل العشرات تصل إلى باحة المطار الخارجية، للاحتفاء بعودة المخطوفين، ترافقهم أعلام الحزب و«حركة أمل»، وبينهما أناشيد التحرير التي ضاعفت من حماسة الحشود. 

يسترسل رجل ثلاثيني في حديثه مع «القناة الفرنسية 24»، فاغراً فمه بزهو وهو يقول: «أنا باسم أشقائي المخطوفين، أشكر السيد نصر الله والرئيس نبيه بري على جهودهما. وباسم أشقائي أيضاً، أتوجه بالشكر للرئيس سعد الحريري وكل من ساهم في تحرير أشقائي المخطوفين». 

تومئ المراسلة للرجل بحركة يد سريعة، وتسأل باستغراب: «لكن عذراً، ما هو عدد أخوتك المخطوفين؟»، فيجيبها بنبرة صارمة: «11 عشر شقيقاً!». تجفل المراسلة من الجواب، خصوصاً أن الرجل وافق على إجراء المقابلة بعد جهود عدة «لأنني تعبت من المقابلات»، فيوضح بجدّية: «سيدتي، كل هؤلاء أشقائي، فنحن أخوة في الوطن». تبتسم المراسلة، عنوة. 

مشهد الخبر الثالث: عند الثامنة ليلاً، كانت الباحة تغصّ بالوفود. تزداد حماسة الحشود تباعاً رغم الانتظار الطويل، فهم كانوا على بيّنة، سلفاً، بأن الطائرة لن تصل قبل التاسعة والنصف ليلاً. ثمة من يرقص، وثمة من ينهمك في التصريحات الإعلامية. شكر لـ«السيد» وبري و«كل من ساعدنا»، كانوا يقولون بزهو. في ركن الباحة، كان ثمة نقاش هادئ، بين شبان يقطنون في الضاحية. يقول شاب عشريني إن «الاستفادة الحقيقية، إلى جانب أهمية إطلاق سراح المخطوفين، تكمن في أن السوريين، من عمال وأصحاب مصالح في لبنان، باتوا في ملاذ آمن من الضرب والسرقة ومحاولات القتل». 

يروي صديقه أن السوريين في الضاحية، يوم إعلان خبر الاختطاف، كانوا عرضة للاندثار: ثمة شاب سوري حاول البعض إحراقه، من خلال رميه في مكب النفايات في حيّ السلّم. وثمة شاب، يملك محل «لطّوف» لبيع الخضراوات في برج البراجنة، تعرّض محله للسرقة بذريعة «الـ11 اختطفوا بسببك!». 

وفي برج البراجنة أيضاً، وفق الشبان الذين تواجدوا في المكان، تعرّض شاب لبناني من عائلة ع. للضرب المبرح، لأن شباب الحيّ اشتبهوا في أنه سوري الجنسية، وعندما حاول إقناعهم أنه «ابن البرج يا شباب»، أمعنوا في ضربه أكثر «لأنه انتحل صفة لبناني!». 

يقول هؤلاء إنهم شاركوا في حاجز ليلي في طريق المطار، وكانوا يتفحّصون هوية لوحات السيارات، وعند تعذّر رؤية اللوحة، كانوا يوقفون السيارات إلى جانب الطريق ويسألون: «لبناني؟». ومن بين السيارات، توقفت سيارة من نوع «رابيد». «لبناني؟» سألوا السائق والركاب، فأجابوا «نعم» بلكنة سورية، فانهالوا عليهم بالضرب المبرح. 

ولولا تدخل مسؤولون في «حزب الله» و«حركة أمل»، وفق الشبان، فإنهم كانوا في صدد «التوجه إلى منزل كل شخص سوري معارض للنظام، خصوصاً اننا نعرف أين يتواجدون»، إلا أنهم، في باحة المطار، كانوا يشعرون بـ«الراحة، لأن المخطوفين سيعودون بعد ساعات، من دون أن يصابوا بأي مكروه». 

مشهد الخبر الرابع: تنتشر معلومة تفيد بأن طائرة الحريري تستعد للإقلاع، لكن ثمة أمور لوجستية تؤخر العملية. مع ذلك، عند التاسعة ليلاً، كانت الحشود تفترش باحة المطار الخارجية، وبدت الحماسة آخذة في التضاعف، لأن ساعة الوصول كانت تدنو إليهم. 

أن يكون الـ11 مخطوفاً مازالوا في تركيا أم في سوريا، لم يكن سؤالاً مطروحاً عند أحد، بل كان السؤال: «هل فعلاً سيأتي الحريري معهم على الطائرة؟». هكذا، بعيداً عن أي معلومات تشكك في العودة، كان ذوو المخطوفين يتنقلون في دوائر المعلومات «السعيدة»، التي أخذت تتحلق من حولهم، بهدوء المتيقّن من معلوماته، ومصادرها. 

مع حلول الساعة التاسعة ليلاً، وبعد مرور نحو خمس ساعات من الانتظار، كان محور السؤال، عند الأهالي والوفود التي أتت لاستقبال المحررين: هل أقلعت الطائرة من تركيا أم لا؟ هل صحيح انها في قبرص اليونانية، ويتعين عليها أن تأتي إلى بيروت ثم تتوجه إلى تركيا؟». 

قبالة حاجز المطار العسكري، ووصولاً إلى «مستشفى الرسول الأعظم»، كانت الوفود تقف على جانبي الطريق، حاملة الأعلام الحزبية والورود، تنتظر مرور حافلة المخطوفين من أمامهم، كي تنثر الأرز على الوجوه، وتلوّح بالأيادي المرفوعة، المسرورة بعودة المخطوفين. 

مشهد الخبر الخامس: عند الساعة العاشرة ليلاً، كان وزير الداخلية مروان شربل يقف أمام «قاعة صالون الشرف»، وهو المكان الذي مُنع الأهالي من دخوله. وبعد نحو نصف ساعة من تصريحه، الذي أكد فيه أن «المخطوفين في طريقهم إلى بيروت، لكن خلال ساعات. فثمة عوائق لوجستية»، دخل إلى الصالون. 

على كنبات وثيرة، كان يجلس كل من نائب رئيس الحكومة سمير مقبل، وزير الخارجية عدنان منصور، وزير الزراعة حسين الحاج حسن، وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، والنواب علي عمار، نوار الساحلي، هاني قبيسي، بلال فرحات، والشيخ أحمد قبلان، وغيرهم. ثم وصل لاحقاً مسؤول اللجنة الأمنية في «حزب الله» وفيق صفا. 

مقابل هؤلاء، في الداخل، كان مندوبو وسائل الإعلام يحاولون الوصول إلى معلومات «جديدة»، تضيف إلى رصيدهم عبارة غير «خلال ساعات» أو «عوائق لوجستية»، لكن عبثاً: «هل هم متوجهون بحراً، أي سباحة، أم سيراً على الأقدام، من تركيا؟» كانوا يسألون باستهزاء، كردٍ على تضارب المعلومات الرسمية. 

مشهد الخبر السادس: عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، يسود هرج ومرج في الصالون. «لن أتحدث إذا بقيتم تصرخون!» يقول شربل لمندوبي وسائل الإعلام. يحلّ صمت وجيز. «أنت على الهواء يا معالي الوزير، تفضل!». 

يعلن شربل بنبرة مرتبكة: «أنا لا أعرف مكانهم بالتحديد الآن. ثمة تحقيق من الجانب التركي معهم، ربما. لا أعرف بصراحة. ثمة تأخير لثلاث ساعات. سنذهب إلى منازلنا الآن، ونعود بعد ساعات، ما إن يستقلوا الطائرة». 

وسط ذلك، وفيما كان أحد الزملاء يقول، نقلاً عن رسالة «خبر عاجل» نصية، إن «أحد المخطوفين اختطف الطائرة، وهو يتجه بها إلى بريتال، للمفاوضة على الفدية المالية»، كان وزير الزراعة يقول همساً: «البعض يأخذ موضوع التأخير من باب المزح، لكن فعلاً هيبة دولتنا اللبنانية أصبحت على المحكّ». 

في الباحة المواربة للمطار، كان من تبقى من «المتضامنين» يحاول تخفيف عبء الانتظار بإطلاق بعض الدعابات، من وحي المناسبة: «ربما أسباب التأخير تعود إلى أن طائرة الحريري فارغة من الوقود. وربما لأن إشكالاً ما وقع بين الحجاج وإحدى المضيفات. وربما لأن الموساد قرر اختطاف الطائرة، رداً على عيد التحرير. لكن الحمد لله أنه لا يوجد عمّال أتراك في لبنان». 

مشهد الخبر السابع: بعد انتصاف الليل بنصف ساعة، وبينما كان مندوبو وسائل الإعلام يتناقلون خبر «رويترز» بجدّية، والذي كان يفيد بأن المخطوفين في الأراضي السورية ولم يصلوا الأراضي التركية، كان ذوو المخطوفين يلهثون ويحدقون بالحشود التي اختفت: «ماذا يحدث؟». 

وتخفيفاً من هول الصدمة، وكإجراء آني، خرج المسؤولون في الحزب من الصالون إلى الخارج، وسمحوا بدخول شخص واحد من كل عائلة مخطوف إلى «قاعة الشرف». هكذا، بدا أن الأمل موجود، والعودة قريبة. «إنهم عائدون» كان يقول الأهالي، بثقة. 

عند الثانية فجراً، يحاول شبان قطع طريق المطار بالإطارات المطاطية، احتجاجاً على تأخير الطائرة، فيقع إشكال يتطوّر إلى إطلاق نار، من دون وقوع إصابات، ويُمنعون من قطع الطريق، فيما قطع شبان آخرون طريق مار مخايل لنحو نصف ساعة. 

مشهد الخبر الثامن: تستيقظ الضاحية، أمس الأول، على خبر يؤكد أن المخطوفين لم يصلوا إلى تركيا، لكن من دون توافر الأسباب الواضحة. ثم، شيئاً فشيئاً، تبدأ الروايات غير الرسمية بالدوران من شارع إلى آخر. 

ثمة من قال إن المخطوفين تعرّضوا للقتل عمداً، وثمة من قال إنهم تعرضوا لقصف من الجيش النظامي في أثناء توجههم إلى تركيا. وبينهما، ثمة من قال إن جهة ثالثة قامت بخطفهم من الجهة الخاطفة الأصلية! 

وسط هذا التخبّط في المعلومات، كان ذوو المخطوفين يحاولون استيعاب الشائعات من جهة، وتصديق ما حدث عشية الانتظار الطويل من جهة ثانية: «إنها فضيحة بكل ما للكلمة من معنى! أين هيبة الدولة التي أعلنت رسمياً عن وصول المخطوفين إلى تركيا؟ ماذا يحدث؟ إننا ما عدنا نصدّق أحداً، إلا السيد نصر الله وبري»، وفق دانيال شعيب، شقيق رئيس حملة «بدر الكبرى» الحاج عباس. 

بدأ الأهالي في التجمع بين بئر العبد وحيّ السلّم، محاطون بحشود متضامنة معهم. بوهن ونبرة تحاول إخفاء خوفهم، كانوا يتحدثون: «نحن نثق بنصر الله وبري. هما يعملان على الموضوع. لقد أكدا لنا أن المخطوفين بخير»، وفق عائلة المخطوف حسن حمود، الذي أكد ذووه أنه ليس منضوياً في «حزب الله». 

مشهد الخبر التاسع: علامات الوجوم تطغى على وجوه الأهالي، أمس. خليل يحدثهم عن اتصاله بالزعبي، مطمئناً «ان المخطوفين بخير، وسيصلنا خلال ساعات تسجيل صوتي لهم». انتشار أمني لعناصر الحــزب في الضاحية، منعاً لقطع الطرق. باحة المطار الخارجية نائية من أي وفد ينتظر العودة. «صالون الشرف» مقفل. 

الأهالي يعاتبون الدولة اللبنانية، مطالبين «المنظمات الدولية» في التدخل، إسوة في حالات عالمية مماثلة. من سعادتهم بالعودة، انتقلوا إلى حلقة رعب في سلسلة طويلة: بات همهم، من أعماق أرواحهم، أن يسمعوا صوتهم، أو يشاهدوا أي صورة جديدة لهم. يصمّون الآذان لأي متحدث، رسمي أم غير رسمي، يتفوه بعبارة «خلال ساعات»...


Script executed in 0.18732404708862