أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

فرانسوا هولاند في «الكمّاشة الصهيونيّة»

الجمعة 01 حزيران , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,188 زائر

فرانسوا هولاند في «الكمّاشة الصهيونيّة»

ترقّب المحللون مداخلة هولاند التلفزيونية الأولى لمعرفة الى أي مدى سيترجم البرنامج الرئاسي، الذي أعلن فيه وعوده خلال الحملة الانتخابية. لكن الحدث السوري سرق الأضواء من الشأن الداخلي الفرنسي، على نحو مفاجئ، حيث تصدر عناوين الصحف الفرنسية تصريح هولاند الذي قال فيه «لا أستبعد من حيث المبدأ تدخلاً عسكرياً في سوريا». وهو تصريح مفاجئ بالنسبة الى رئيس يساري تعهّد بقطيعة جذرية مع «الساركوزية». وكان هولاند قد حمل بشدة خلال الحملة الانتخابية، وأثناء مناظرته التلفزيونية مع ساركوزي، على التوجهات الأطلسية لهذا الأخير، وانتقد المشاركة الفرنسية في حرب ليبيا، كما وعد بتعجيل انسحاب الجيوش الفرنسية من أفغانستان.

وبالرغم من أن هولاند حرص على وضع شروط عدة ومتشددة لقبول اشتراك فرنسا في تدخل عسكري في سوريا، وشدّد على ضرورة أن يتمّ ذلك «تحت مظلة مجلس الأمن وبموافقة روسيا والصين ومشاركتهما»، إلا أن «شعب اليسار» الفرنسي، وفقاً لعبارة الرئيس فرنسوا ميتران الشهيرة، فوجئ بإحجام الرئيس الفرنسي الجديد عن التعبير عن موقف مبدئي يترجم قيم اليسار التقليدية المعارض لدبلوماسيات القوة الأطلسية، ولأي عمليات عسكرية من شأنها أن تمس بسيادة الدول المستقلة. وفسر معلقو الصحف الفرنسية التصريح المفاجئ، للرئيس هولاند، بأنه كان حريصاً على «عدم الظهور في صورة ضعيفة على صعيد السياسة الخارجية، التي يرى أنصار سلفه ساركوزي أنها كانت نقطة القوة الأساسية في الولاية الرئاسية المنتهية»، بينما رأى آخرون أن هولاند «يريد من خلال إعلان الحرب الافتراضي على سوريا أن ينأى بنفسه عن التهم التي يروّجها خصومه اليمينيون بأنه «رئيس رخو» غير قادر على مواجهة المسؤوليات الرئاسية بالحزم والصرامة اللازمين».

إلا أن تصريح هولاند لم يكن نابعاً فقط من الاعتبارات التكتيكية المذكورة. فالرئيس الفرنسي وجد نفسه بين فكّي كماشة صهيونية لم تترك له خياراً سوى تأييد التدخل العسكري ضد سوريا. فقبل ساعات من مداخلة هولاند التلفزيونية، خرجت جريدة «لوموند» بعنوان عريض على صدر صفحتها الأولى مفاده أن وزير الخارجية الجديد، لوران فابيوس، يطالب بإخراج الرئيس الأسد بالقوة من الحكم. وقبل ساعة واحدة من ظهور هولاند في النشرة المسائية على «فرانس تلفزيون»، أطل عرّاب التدخل العسكري في ليبيا، برنار هنري ليفي، من خلال تلفزيون «كانال +» ليوجّه نداء الى الرئيس الفرنسي الجديد يناشده «التدخل عسكرياً في سوريا، على نحو عاجل، سواء تمّ ذلك تحت مظلة مجلس الأمن أو من دونها». ولم يفوّت الفيلسوف الفرنسي المتصهين الفرصة للإشادة بـ«روح المسؤولية التي تصرف بها ساركوزي في الملف الليبي»، زاعماً أنّ «التدخل العسكري كان سيتم بالطريقة ذاتها، حتى لو لم تتوفر الشرعية الدولية من خلال مجلس الأمن». ودعا ليفي الرئيس هولاند الى «العمل بالمبدأ ذاته في خصوص سوريا. فحتى لو استمر تعطيل إصدار قرار في مجلس الأمن، لمنح الشرعية الدولية التدخل العسكري، فإن هنالك أطراً جديدة وبديلة للشرعية، وفي مقدمها جامعة الدول العربية».

وبالرغم من أنّ هولاند عارض أيّ تدخل عسكري خارج إطار شرعية الأمم المتحدة، إلا أن النيران المزدوجة التي انفتحت عليه، من قبل لوران فابيوس وبرنار هنري ليفي، اضطرته الى تنازل مبدئي بالغ الخطورة، بإعلانه عدم الاعتراض من حيث المبدأ على فكرة التدخل عسكرياً في سوريا. ومعروف أن وزير الخارجية الجديد، لوران فابيوس، يعدّ ـــ على غرار برنار هنري ليفي ـــ من أبرز الرموز الصهيونية في صفوف «يسار الكافيار» المقرب من الحزب الاشتراكي الفرنسي. وكان فابيوس الشخصية اليسارية الوحيدة التي شاركت في التجمع المثير للجدل، الذي عقده ليفي في الحي اللاتيني بباريس، قبل قرابة سنة، لمحاولة تكرار السيناريو الليبي في سوريا.


Script executed in 0.18911194801331