أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أمين الجميل مستعد لاجتماع «منتج ومثمر» مع نصر الله

الثلاثاء 12 حزيران , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,555 زائر

أمين الجميل مستعد لاجتماع «منتج ومثمر» مع نصر الله

تراكمت نقاط التمايز السياسي مؤخراً بين «حزب الكتائب» وحلفائه في قوى «14آذار»، وكان آخرها الموقف من طاولة الحوار التي تعاملت معها قوى المعارضة بسلبية مرتجلة في البداية، فراحت تجاهر برفضها، وتضع دفتر شروط للعودة اليها، بينما تمكن الرئيس أمين الجميل، في المقابل، من التقاط الإشارات الداخلية والإقليمية بشكل مبكر، فكان أول المبادرين الى الموافقة غير المشروطة على المشاركة في الحوار، ليلتحق به لاحقاً معظم الذين كانوا يحاولون إقناعه بالمقاطعة، بعدما تأخروا في فك «شيفرة» البرقية الملكية السعودية. 

يوحي أمين الجميل بأنه يتعاطى بواقعية مع فرصة الحوار الجديدة، من دون ان يذهب بعيداً في التوقعات، لافتاً الانتباه الى ان الهيكل اللبناني لم يسقط مرة واحدة، بل على دفعات، «وعلينا ان نعاود بناءه تدريجياً، وان نصعد السلم درجة درجة، فلا نرفع السقف أكثر من اللزوم، لئلا نحرق المراحل ونصاب بخيبة الأمل». 

من هذه الزاوية، يقارب الجميل ملف الاستراتيجية الدفاعية، مشيراً الى أنها متعددة العناصر ولا تقوم فقط على قاعدة السلاح، ما يستوجب مقاربة متكاملة للجوانب الأخرى التي تشمل العامل الاقتصادي والاستقرار الداخلي وعوامل إضافية، يجب العمل على إنضاجها. 

ولا يخفي الجميل خشيته من توظيف الحوار لحسابات خاصة، مشدداً على انه يكون مفيداً إذا تم الانخراط فيه بنيات حسنة وبتحسس للمسؤوليات، «أما من يرد خوضه وهو يضمر رغبة في تحقيق انتصارات على الآخرين، فإنه يحكم عليه سلفاً بالفشل ويضرب الهدف منه والمتمثل في السعي الى التوافق على رؤى مشتركة، بعيدا عن منطق الخاسر والرابح، وبالتالي على الجميع ان يدركوا انهم يشاركون في حوار له أصول، وليس في معركة تسجيل نقاط». 

وإذا كان الجميل يحتفظ بموقفه المبدئي ضد سلاح «حزب الله»، إلا ان ذلك لا يمنعه من إبداء الاستعداد للقاء الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله «الذي سبق لي ان اجتمعت به في اصعب الظروف بعد اغتيال ابني بيار»، مؤكداً ان يده ممدودة «ونحن لسنا مقفلين على أحد، ومن هنا، لا أمانع في حصول اجتماع بيني وبين السيد نصرالله بعد إنضاج حيثياته، حتى يأتي منتجاً ومثمراً». 

أما في ما خص اقتراح نصرالله الداعي الى عقد مؤتمر وطني تأسيسي، فإن الجميل يلفت الانتباه الى ان الكتائب كانت أول من طالب بعقد مؤتمر وطني، لمناقشة عناوين محددة كالحياد واللامركزية والدولة المدنية، وذلك تحت سقف الميثاق الوطني، ومن خلال المؤسسات وليس على حسابها، معتبراً ان فكرة نصرالله غامضة بعض الشيء وتحتاج الى إيضاح لجوهرها وحدودها، «وهل المطلوب نسف كل شيء والبدء بالتأسيس من جديد، أم هناك ثوابت سيجري البناء عليها». 

ويبدو الجميل مسكوناً هذه الأيام بهاجس التيارات الاصولية التي تستخدم العنف وسيلة لتحقيق اهدافها، حيث يحذر من خطورة تنامي هذه التيارات في الساحة اللبنانية لأن التطرف يولد التطرف، بحيث يصبح من الصعب السيطرة عليه، مشدداً على ضرورة ان نكسر الحلقة المدمرة التي بدأنا ندور فيها، وسمتها الاساسية التعصب. 

وفي معرض شرح المحاذير المتأتية عن بروز بعض الظواهر غير الصحية، يلفت الجميل الانتباه الى ان الأصولية، التي لا تعترف بالآخر وتحاول ان تلغيه، تشكل خطرا على الدولة المدنية التي ننادي بها، موضحاً في الوقت ذاته «ان لدينا الاستعداد للانفتاح على أي تيار إسلامي يؤمن بالحوار ولا يستخدم السلاح لفرض إرادته، وقد حصل ان استقبلنا مؤخراً وفداً من قيادة «الجماعة الاسلامية» في بكفيا». 

ويتوقف الجميل عند أحداث طرابلس وعمليات الخطف في عكار، معتبرا ان الوضع في الشمال مخيف، «وإذا واصلنا العنف الكلامي والسياسي الرائج حاليا، فهو سيؤدي الى اتساع في العنف الميداني والدموي، ما يستدعي التحرك سريعاً للجم هذا الاندفاع نحو الهاوية، ولعل الحوار الوطني يشكل أحد المكابح التي يمكن ان تفيد في الحد من الانحدار نزولا». 

ويرفع الجميل الصوت محذراً من خطورة «عرقنة» بعض المناطق اللبنانية او جعلها نسخة طبق الاصل عن قندهار الأفغانية، معتبراً ان «حزب الكتائب» يدفع ثمن الخطاب العقلاني الذي يستخدمه في مواجهة حالة الانفلات والانفعال السائدة حالياً، «وهناك حتى بين جمهورنا من لا يتفهم مواقفنا في هذه المرحلة وسبب تمايزنا في العديد من المحطات عن بعض حلفائنا، ومع ذلك فنحن مصرون على خياراتنا ومقتنعون بجدواها، بمعزل عن مدى شعبيتها». 

ولعل الازمة السورية شكلت الاختبار الاصعب لسياسة «التمايز» الكتائبي، ذلك ان عواطف الحزب هي ضد الرئيس بشار الأسد بشكل صريح، ولا يتردد الجميل في التأكيد انه مع الحرية والتعددية والديموقراطية في مواجهة الانظمة الديكتاتورية، مشيرا الى ان حزبه دفع الثمن الأكبر لسلوك النظام السوري في لبنان.. ومع ذلك، لا يلبث رئيس «الكتائب» ان يستدرك، بتشديده على رفض «الانجرار وتحت أي شعار، الى صراع أكبر منا، كالذي يدور في سوريا». 

بهذا المعنى، يؤكد الجميل ان الثورات الحاصلة أكبر من اللبنانيين، «ونحن لدينا ما يكفينا من مشكلات، ولسنا بحاجة الى المزيد منها»، منبهاً الى ان عدم التصرف بمسؤولية وصولا الى الانخراط في الصراع السوري سيتسبب بنقل عدواه من حمص وإدلب ودير الزور والرستن الى شوارع بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع، «لان الانقسام في لبنان حاد بين من هو مع النظام السوري وبين من هو ضده، ما يعني ان إشعال الحريق الداخلي في مثل هذه الظروف لا يحتاج الى عناء كبير». 

بناء على هذه القراءة، يرفض الجميل ان يزج أي طرف لبناني بنفسه في الازمة السورية، مشدداً على ان أحداً لا يستطيع ان يجر «الكتائب» الى حيث لا يريد، «علماً انه كان من أسهل الامور لنا ان نركب الموجة وننساق وراء الانفعالات، إلا اننا قررنا ان نحتكم الى المنطق على حساب العاطفة». 

ولا يفوت رئيس «الكتائب» ان يشير في هذا المجال الى ان بعض حلفائنا كانوا قد انتقدوا موقفنا حيال كيفية التعامل مع الازمة السورية، «إلا انهم عادوا إليه سواء في البيان الصادر عن الاجتماع الأخير لقوى 14 آذار او في المذكرة التي سلمت باسم هذه القوى الى رئيس الجمهورية». 

ومع ذلك، فإن الخصوصية التي يتسم بها سلوك «الكتائب» مؤخرا لا تحتمل المبالغة في تفسيرها ولا تعني ان الحزب سيطلب «اللجوء السياسي» الى صفوف الاكثرية. وإذ يشدد الجميل على ان تمايز «الكتائب» تاريخي، وليس ابن اليوم، مستشهدا بوقوف والده ضد اميل ادة في العام 1943، يشير الى «ان اختلافنا مع حلفائنا يطال مسائل ثانوية، اما الاولويات الاساسية فلا تزال تجمعنا كلنا تحت مظلة 14 آذار».


Script executed in 0.23075604438782