أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من يوقف مجزرة اللزّاب؟

السبت 16 حزيران , 2012 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,253 زائر

من يوقف مجزرة اللزّاب؟

من يقصد منطقة سَمْحَات في جرود الهرمل، إلى الشمال الأعلى من سهل مرجحين، يرصد بالعين المجردة الجذوع العملاقة لأشجار لزاب طاولتها المناشير الجائرة، التي تستهدف الجذوع الغليظة البالغة أقطارها أكثر من متر. ومن الواضح أن القطع يتم بواسطة مناشير ضخمة تعمل على الوقود، لأن جذوع اللزاب قاسية وتحتاج إلى مناشير عالية الجودة. أما القطع فيطاول الشجرة بأكملها، الجذوع والأغصان، بحيث لا يبقى خلف المعتدين غير أوراق قليلة تدلّ على أن «المجزرة» حصلت هنا. ولا يراعي المعتدون عملية انتشار الشجر، إذ يتبين أن مجموعة أشجار تتجاوز العشر قطعت في مربع لا يتجاوز مئة متر، وأحياناً عدة أشجار متجاورة.

يأسف قاسم ناصر الدين لما يصيب الغابات من «قطع جائر، من يفعل ذلك لا يبحث عن دفء عائلته وأسرته، بل هم تجار يقطعون من دون رحمة». يشرح ناصر الدين كيف أنه وزع على أبنائه عدداً من نصوب اللزاب مؤكداً عليهم وجوب زراعتها والاهتمام بها «مثلما أفعل هنا في اللزابات القريبة هنا في سمحات» مشيراً نحو لزابة عمرها ثلاث سنوات بدأت تنمو بسرعة بسبب الري الدائم لها «لكن عمر أشجار اللزاب هنا في الأحراج التي كانت غابات، يفوق ألفي سنة وربما ثلاثة آلاف وأكثر».

لا يطاول قطع الأشجار منطقة سمحات فحسب، بل يمتد نحو الشربين ووادي الرطل ومحيط مرجحين ثم إلى المنطقة الممتدة نحو البستان وغيرها، لكن ما تتعرض له أحراج سمحات يشبه المجزرة إلى حدّ بعيد.

«الدولة معنية بما يحصل هنا في جرود الهرمل، ويجب أن تأخذ دورها في عملية حماية هذه الثروة البيئية والطبيعية» يقول مدير مركز الجواد للتنمية والارشاد الزراعي المهندس حسين قانصوه. ويتمنى على الدولة «أن تستنفر أجهزتها ووزاراتها على مختلف المستويات وأن تعلن أحراج جرود الهرمل محميات طبيعية وأن تأخذ على عاتقها عملية توجيه الناس إلى أهمية هذه الغابات وفائدتها على مختلف المستويات، إضافة إلى قيمتها الطبيعية والبيئية والتاريخية». يضيف «يجب إعلان حالة استنفار قصوى في سبيل حماية الاشجار ومنع هذه المجزرة عنها». «هذه أشجار لا تعوّض»، يقول قانصوه «لأن هذه الأشجار عندما تقطع تيبس، حتى أن عملية تشذيبها تحتاج إلى مهارة عالية لكي لا يؤثر التشحيل على الجذع فيؤدي إلى يباسها وموتها». وبرأيه يجب على وزارة السياحة أن تقيم دورات تثقيف للمختصين في السلطات المحلية أولاً ومن ثم للمعنيين بمستقبل المنطقة السياحي والبيئي «وعليها أن تشرك المجتمع المحلي في عملية حمايتها، ومنهم زعماء العشائر وأصحاب النفوذ وأرباب العائلات، الذين لن يترددوا لحظة في لعب دورهم في منع الأذى والقطع الجائر عنها».

بدوره، يرى رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر أنه «يجب أن يتعدى دور الوزارات الكلام». مشيراً إلى أن «المنطقة المتضررة تتوزع بين بلديات مختصة، فلا يمكننا أن نتدخل في شؤون الجوار، لكننا نلح باستمرار على وجوب حماية هذه الثروات البيئية والطبيعية والتاريخية. الدور الأساس هنا للوزارات المعنية، ومنها وزارة الزراعة التي يجب عليها تعيين مأموري أحراج من ذوي الاختصاص والمناقبية، وعندما يتكامل الدور الحكومي مع الدور المحلي والأهلي نكون قد خطونا الخطوات الأولى نحو حماية منطقتنا وجعلها رائدة في السياحة البيئية والطبيعية والتاريخية». ويشدد على ضرورة التوعية مع إجراءات الحماية، «وهذا الأمر لا يحتمل التأجيل».

صحيح أن أوضاع الناس المعيشية والاقتصادية في مناطق الأحراج والغابات في مصافي الفقر والعوز، لكن، وبرأي المهندس قانصوه، «لا يمكن بأي شكل من الأشكال، تعويض الحاجة بتشويه المنطقة وتصحيرها، يجب أن تراعى هموم الناس من خلال الدعم المعيشي، من قبل الدولة والسلطات المحلية، لكن ليس بقطع الأشجار وتعرية الأحراج والغابات». أما الخاسر الأكبر بنظره «فهي المنطقة بأكملها، لذلك يجب تشكيل لجنة متابعة مشتركة، من السلطات المختصة والمجتمع المحلّي».


Script executed in 0.19694900512695