أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«بعثـة المتحف البريـطاني» تكشـف عن أسـرار فيـنيـقيـة: أصـل أوروبا قـد يكـون من صـيدون وليـس من صـور؟

الأربعاء 04 تموز , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,319 زائر

«بعثـة المتحف البريـطاني» تكشـف عن أسـرار فيـنيـقيـة: أصـل أوروبا قـد يكـون من صـيدون وليـس من صـور؟

 ذلك ما استخلصته البعثة التي تواصل أعمالها للسنة الرابعة عشرة على التوالي، بالتعاون مع المديرية العامة للآثار في لبنان. وتقوم بأعمال الحفر والتنقيب في الموقعين الأثريين بجوار قلعة صيدا البرية. وهما «حفرية الفرير» و«حفرية الصندقلي». وذلك بإشراف مكتب الآثار في صيدا. 

وقد تركّزت أعمال التنقيب في العام الحالي في القسم الشمالي من «الفرير»، حيث يقوم فريق البعثة ببذل جهود كبيرة لإنهاء الأعمال للوصول الى الأرض الصخرية البكر. وهي أولى مراحل الاستيطان في الموقعن والتي تعود إلى نهاية الألف الرابع قبل الميلاد. وتؤكد رئيسة البعثة البريطانية كلود سرحال أن «أبرز مكتشفات طبقات القرن الثالث قبل الميلاد، في السنة الحالية، العثور على كميات كبيرة من القمح و الشعير المحروق، بالإضافة إلى عظام حيوانات كالثور، والدب، والخروف، والتي تعتبر بقايا لولائم أقيمت في المنطقة». وتشير عظام تلك الحيوانات إلى أن «عمرها صغير يتراوح بين 18 و36 شهراً، بالإضافة إلى آثار الحريق الواضحة في المكان». وتلفت سرحال إلى أن «الاكتشاف الأكثر حيرة يكمن في العثورعلى بقايا لثلاثة أفكاك، إحداها تعود إلى طفل يبلغ من العمر بين 9 و12 سنة. وضعت بالقرب من الفك الأيمن لدبّ وجدي». والسؤال الّذي طرح نفسه على علماء الآثار وخبراء البعثة «لماذا تم اختيار الفك الأيمن للحيوانات بالذات، وما علاقته بالفك البشري وجودهما معاً في الطبقة نفسها؟». وفي منطقة المدافن التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، والمعروفة بالفترة الكنعانيّة، اكتشفت البعثة المزيد من المقابر ليصل عددها إلى 122 مدفنا، «وبذلك توسّعت معلوماتنا حول الاحتفالات الدينية التي كانت تقام خلال الطقوس الجنائزيّة بشكل عام، وحتى الطقوس المعتمدة لتكريم ذكرى أشخاص معينين»، وفق سرحال. 

كما تم العثور على منطقة تحتوي حُفرا لأعمدة بناء متقاربة تماماً كالتي وجدت منذ أربع سنوات مضت، تشير إلى أنها حُفر مؤقتة لدعائم رفيعة هدفها حماية السكان من الريح والشمس، لأنه عند حفر كل قبر كان يقام «صوان» صغير لوضع الطعام مثل العدس والحمص والفاصولياء، بحيث يتم استهلاكها والدليل على ذلك وجود بقايا محروقة للحبوب في التنور، وهي عادة تشبه العادات الموجودة اليوم. وأنه نحو سنة 1600 قبل الميلاد، تم بناء معبد كبير للاحتفالات، ومصطبة اكتشفت في العام الحالي في إحدى غرف المعبد. 

وفي أحد المدافن عثر على ختم أسطواني فريد من نوعه يحمل طابع بلاد ما بين النهرين، مع تأثير سوري. ويجسّد الختم إله الماء يتدفق من كوعه شلال مياه، ترافقه الإلهة المشفعة «لاما» ومتعبد يتقدم نحو الإلهة. بالإضافة إلى جعران، ذات طابع مصري، تشهد مرّة أخرى على الدور الصيدوني كموقع وسطي على نقطة التقاء وتقاطع لحضارات وثقافات قديمة. 

وتلفت سرحال إلى أنه «تم العثور على أساسات معماريّة فينيقيّة مدهشة وفريدة من نوعها في لبنان تعود إلى العصر الحديدي في المنطقة الجنوبية لحفريّة (الفرير) وموقع «الصندقلي» يدعى «آشلار». والمكون من قطع حجريّة كبيرة استعملت لبناء الحيطان والأرضيات، وضعت بطريقة هندسيّة في الزوايا كحشوة لسد الثغرات بين الحيطان، وكلتا التقنيتين تم اكتشافهما جنباَ إلى جنب في صيدا. كما وُجد أكثر من 50 جرّة داخل أحد مباني «آشلار». إما مكونة في حفر أو مكسّرة على الأرضيّة، وفي بعض الأحيان مع عدد من حراشف السمك. كما عثر على إناء إغريقي مدهش مع رسومات تجسّد خيالين متوجهين إلى الحرب يرتديان ثيابا بيضاء ويحملان حربة». إضافة إلى أن العملة المعدنيّة الّتي اكتشفت، والتي تمثل أسطورة أوروبا المعتلية ثوراً والمشهورة عالميّاً، والتي منحت قارة أوروبا إسمها. وتشير سرحال إلى أنه «بالنظر إلى اكتشافات الأواني الفخاريّة الكثيرة المستوردة من جزيرة كريت التي عُثر عليها في حفريّة صيدا على مرّ السنين، قد تؤسس لاحقاً لدلائل حسّية ومكتشفات تأريخيّة قد تعيد النظر في تلك الأسطورة من أساسها وربما تُظهر أن أصل أوروبا من الممكن أن يعود إلى صيدا وليس إلى صور». وأشارت إلى أن متابعة الحفريات في صيدا «ما كانت لتبصر النور لولا الدعم والمنح المقدّمة من المتحف البريطاني، وشركة الترابة الوطنيّة، ومؤسسة الحريري، وبالتعاون الوثيق مع رئيسة مكتب الآثار في صيدا ميريام زيادة».


Script executed in 0.19195604324341