أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مزارعو التبغ يشكون «مصابهم»

الجمعة 06 تموز , 2012 11:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,665 زائر

مزارعو التبغ يشكون «مصابهم»

الشكوى، هي كلّ ما يمكنك سماعه من مزارعي التبغ. وهم الذين يعانون للعام الثاني على التوالي من المشاكل الطارئة على «لقمة رزقهم». في العام الفائت، أصيبت أوراق التبغ بمرض الـ«ميليديو». وجاء الطقس الحار هذا العام ليضرب الموسم من جديد، «ويتراجع الإنتاج ويهدّد لقمة عيش عشرات المزارعين الوحيدة» كما يقول المزارع أبو أحمد مصطفى (عيترون). تغيّر المناخ بين عام وآخر، بحسب قوله، «جعل من زراعة التبغ أشبه بألعاب القمار، إذا أقبل الموسم نحصل على أرزاقنا والّا فعلينا الانتظار الى عام آخر». يشرح مصطفى المشكلة بالإشارة إلى قرار المزارعين «تأخير زراعة شتولهم، على اعتبار أن سقوط الأمطار سيتأخر كالعامين الماضيين، لكن ما حصل أن تساقط الأمطار توقف في شهر آذار، ما أدى الى جفاف الموسم وتدني الانتاج».

وهذا ما يشير إليه روجيه نداف (دبل)، حين يقول إن مزارعي المنطقة «سيعانون من الفقر العام القادم، لأن دونم الأرض الذي كان ينتج 200 كيلو غرام من التبغ، أنتج هذا العام نحو 100 فقط. وإذا حسمنا النفقات المالية التي يتكبدها المزارعون على زراعة التبغ، فإن ذلك يعني عدم تحقيق أي فائدة مالية من وراء الزراعة التي أجهدت عائلات المزارعين طيلة عام كامل».

يؤكد حسن مواسي (عيترون) هذا الأمر، فيقول إن «بلدات بكاملها سوف تعاني من الفقر هذا العام، مثل عيترون ورميش وعيتا الشعب وبليدا، التي يعتمد جميع المقيمين فيها بنحو رئيسي على زراعة التبغ، وسينعكس ذلك على الحركة الاقتصادية في المنطقة».

مصطفى مصطفى، يدخلنا في الأرقام لشرح ما يحصل. هو ربّ أسرة مؤلفة من 7 أفراد. يعتمد كل عام على زراعة 10 دونمات من التبغ، كان ينتج سنوياً، على حد قوله، نحو 20 مليون ليرة «أدفع منها ما يقارب الـ7 ملايين على الزراعة، وأنفق الباقي على عائلتي، التي تفرّغ معظم وقتها للعمل معي في زراعة التبغ. لكن هذا الانتاج سيصل إلى نحو 10 ملايين ليرة فقط هذا الموسم، ما يعني أنه علي انفاق ثلاثة ملايين ليرة فقط على عائلتي خلال العام القادم، رغم أن لي ابنة تدرس في الجامعة وتكلفني نحو 5 ملايين ليرة سنوياً».

ويمكن القول إن الأمر ليس بسيطاً، خصوصاً إذا عرفنا أن عدد مزارعي التبغ ازداد عن السنوات الماضية، «بعدما استطاع المزارعون في أعوام ماضية بيع محصولهم بأسعار مقبولة، أي ما يقارب 11000 ليرة عن الكيلو غرام الواحد» يقول مراقب في بلدية عيترون، مقدّراً المزارعين بنحو 1100 مزارع في عيترون، و2000 مزارع في رميش.

يزرع علي فقيه عادة 10 دونمات من شتول التبغ، كانت تنتج في الأعوام الماضية نحو 900 كيلوغرام من التبغ، لكن الإنتاج تضاءل هذا العام إلى 400 كيلوغرام، ما يعني «أن الخسارة كبيرة جداً، لأن الأرباح قليلة نسبة إلى تكاليفها وسعر المبيع، فالأوراق أصابها الاصفرار فقطفناها بسرعة، رغم أننا عادة نقطفها على أربع دفعات، أما الذين تأخروا في القطاف فقد خسروا الجزء الأكبر من الموسم، إضافة الى أن الأرض نبتت فيها أعشاب غريبة أثّرت سلباً على ما تبقى من شتول التبغ».

ام ربيع علوية ( بليدا) تزرع مع أولادها الصغار 7 دونمات، تنتج كلّ عام نحو 1000 كيلوغرام، «يباع الكيلو الواحد بـ11 ألف ليرة فقط، لكن الإنتاج تقلّص هذا العام الى ما دون النصف وبنوعية غير جيدة، ما يعني أن سعر البيع سيتضاءل أيضاً، ولا مصدر رزق آخر لنا». كذلك يعاني مزارعو التبغ من تدّني سعر المبيع، اذ إن سعر مبيع الكيلو لا يزيد في أفضل حالاته على 12000 ليرة، ويتدنى أحياناً الى 9000 ليرة. وهذا السعر بحسب رئيس بلدية عيترون سليم مراد معتمد منذ 5 سنوات، رغم ارتفاع الأسعار بشكل لافت بنسبة تزيد على 30%، وارتفاع المصاريف الزراعية، واضطرار المزارعين إلى شراء المياه، التي لا تصل الى البلدة.

يذكر أنه في عيترون وحدها 825 رخصة زراعية. صاحب الرخصة الواحدة لا يستطيع زراعة اكثر من أربع دونمات فقط، تشتري منه مؤسسة الريجي 400 كلغ بسعر يقارب 4 ملايين ليرة، لذلك يحاول البعض زراعة التبغ على أسماء أصحاب رخص أهملوا الزراعة، مع العلم أن المزارع «يتكبّد ما يزيد على مليون ونصف المليون ليرة بدل حراثة وأسمدة ومياه وأدوات القطاف وزراعة الشتول وغيرها». لذلك يطالب المزارعون المعنيين برفع سعر المبيع ولا سيما هذا العام. فيقول حسين بعلبكي ( 82 سنة) «كان كيلو التبغ يطعم الأسرة كيلو ونصف من اللحوم، أما الآن فبات سعر كيلو اللحمة يساوي ضعف كيلو التبغ، وهذه الزراعة غير مضمونة، اذا أصابها المرض، رغم أنها مورد العيش الإساسي للأهالي، كما أن المزارع غير مضمون أيضاً، رغم وجود مشروع مقدّم الى مجلس النواب لضمان المزارعين صحياً منذ عشر سنوات، ولم يصدر حتى الآن».


Script executed in 0.22305297851562