أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عون: علاقتي مع نصرالله أقوى من التباينات الداخلية

الإثنين 09 تموز , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,026 زائر

عون: علاقتي مع نصرالله أقوى من التباينات الداخلية

بعد قليل، تصل «الترويقة» وهي عبارة عن مناقيش بالزعتر والجبنة، «يؤازرها» صحن الخضار، ثم فنجان قهوة، بدا ان قعره يحتمل الكثير من التبصير السياسي، في أعقاب «الانتفاضة البرتقالية» على «الإقرار المشوه» لـ«قانون المياومين». 

من كرسيه في زاوية الشرفة، يطل «الجنرال» على المشهد العام: «الخلاف الحاصل مع شركائنا في الاكثرية حول ملف المياومين ومشروع الاصلاح، لا يمكن أن يطال الجانب الاستراتيجي من العلاقة والمتصل بسلاح المقاومة، وقد سبق لي أن أكدت هذا الامر حتى أقطع الطريق سلفا على أصحاب التأويلات والنيات الخبيثة، لذلك فأنا لا أعير اهتماما لكل ما يقوله هؤلاء في هذا الشأن». 

يعتبر عون ان هذا السلاح يؤدي وظيفة حيوية في الدفاع عن لبنان وحماية مصالحه الاستراتيجية، وهذه الوظيفة لا تزال سارية المفعول، منبهاً من التداعيات الكبرى لهزيمة خيار المقاومة على أكثر من مستوى، وستؤدي الى ضياع رأسمال البلد والانجازات التي حققناها حتى الآن، وبالتالي «فأنا أميز جيدا بين التباين حول أمور داخلية والموقف الثابت من خيار المقاومة، ولا أنصح أحدا بأن يخلط المسألتين في وعاء واحد». 

ويشدد عون، وفق زوار الرابية، على متانة العلاقة الشخصية التي تربطه بالأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. ويلفت الانتباه الى انه يتشارك وإياه في العديد من القيم الأخلاقية والوطنية، وقد خضنا سوياً تجارب مشتركة في مراحل صعبة، مشيرا الى ان هذه العلاقة هي خارج دائرة الازمة الاخيرة، وستبقى بمنأى عن العوارض الجانبية لأي تباين يرتبط بقضايا داخلية. 

وإذ يشير الى انه ليس صحيحا أن عقد التحالف والتفاهم مع «حزب الله» قد انفرط، كما يظن البعض. يشدد عون، كما ينقل عنه زوار الرابية، على تفعيل بنود ورقة التفاهم، لا سيما ما يتعلق منها ببناء الدولة ومحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح، لافتا الانتباه الى انه أعاد قبل أيام قراءة هذه الورقة واكتشف انه لا تزال هناك مسافة بين مضمونها الإصلاحي والواقع السائد. 

وتبعا لما يرويه الزوار، يضحك عون عندما يقال له انه قرر الوقوف على مسافة من حركة «أمل» و«حزب الله»، رغبة منه في إعادة التموضع، بعدما استشعر أن النظام السوري بات آيلا الى السقوط، مؤكدا ان باله ليس مشغولا على مسار الوضع في سوريا، وملاحظا ان المعركة في حمص أصبحت شبه محسومة. 

يوضح عون انه ينظر الى النظام السوري من زاوية ما يمثله موضوعيا كخط دفاع أخير في مواجهة المد الأصولي التكفيري، محذرا من أن سقوطه سيعني أن هذه الموجة المتشددة ستجتاح لبنان والمنطقة، وستصل ارتداداتها الى روسيا التي عاشت تجربة صعبة في الشيشان. 

ومنعا لأي اجتهاد، يؤكد «الجنرال» انه إذا عولجت الاسباب (قانون المياومين) التي دفعته الى اتخاذ الموقف الأخير، فإن المياه ستعود الى مجاريها وسيستعيد التحالف حرارته، قائلا: أنا لا أناور.. ولست ممن يلعبون البلياردو السياسي، فيصوّبون على كرة ليصيبوا أخرى.. نعم، قد أمارس المناورة المشروعة في العلاقة مع دول أو مع خصوم، ولكن لا أفعل ذلك مع الأصدقاء والحلفاء. 

يضيف عون أمام زواره: لقد تحملت كثيرا وصبرت كثيرا.. ولم يعد بمقدوري الاستمرار على المنوال ذاته، ولذا كان لا بد من ان نطلق صرختنا، علما أن هذا الأمر صحي ومفيد خلافا لما يظن البعض، لأنه من المعروف طبيا أن مواجهة المرض تتيح مداواته، في حين أن إخفاءه يؤدي الى تفاقمه. 

يضرب عون مثالا على الضغوط المتفاقمة التي واجهها «التيار الوطني الحر» مؤخرا، مشيرا الى ان هناك بين جمهورنا من أصبح يعتبر ان الوزير جبران باسيل يتحمل مسؤولية الاستمرار في انقطاع التيار الكهربائي، لان الناس يتعاملون مع النتائج، ولا تهمهم في نهاية المطاف العوامل المتراكمة التي أنتجت الازمة ولا يعنيهم من وضع الحل ومن عرقله.. المهم بالنسبة اليهم ان الكهرباء لا تصل الى منازلهم وان المعني بذلك وزير الطاقة.. فهل المطلوب ان نسكت ونتحمل وزر أخطاء غيرنا؟ 

يتابع «الجنرال»: قيل تارة ان اعتراضنا على قانون المياومين ينبع من اعتبارات طائفية، وقيل طورا انه يستند الى حسابات انتخابية، والحقيقة البسيطة هي أننا تمسكنا بطرح الوزير جبران باسيل لأنه يوفق بين البعدين الانساني والاصلاحي، وليس هناك أي خلفية أخرى لموقفنا، ولو كنت من الذين يسعون الى زيادة شعبيتهم بأي ثمن، لما اعتمدت خيارات سياسية ووطنية كنت أدرك أنها مكلفة شعبيا، إلا أنني بقيت مصراً عليها لقناعتي بصوابيتها ومردودها الوطني. 

وينبه عون إلى أن تثبيت مياومي مؤسسة الكهرباء بطريقة غير سليمة يؤسس لسابقة خطيرة قد يستند إليها آخرون في وزارات وإدارات أخرى للمطالبة بالشيء ذاته (وزارة الإعلام و«الريجي» وغيرهما)، مع الإشارة الى ان هناك أغلبية مسيحية في بعض الأماكن يمكن أن يستفيدوا من هذه السابقة، كما هي الحال في مصالح عائدة الى وزارة الطاقة، ولكنني أرفض اعتماد أداة القياس الطائفية، وأتمسك بالمعيار الإصلاحي. 

وفي معرض شرح دوافع رد الفعل السياسي الحاد الذي بدر عن الوزير باسيل في سياق هذه القضية، يقول عون: لنقلب الصورة.. تصور أن مناصري «التيار الوطني الحر» اعتصموا لأسابيع داخل وزارة الزراعة أو وزارة الصحة، وعطلوا سير العمل فيهما، ووجهوا الى وزيريهما ما هب ودب من الاتهامات والإهانات.. هل كانت المرجعية السياسية لكل من هاتين الوزارتين ستحتمل هذا التصرف من أشخاص محسوبين على حلفاء لها؟ 

ويصر عون على أن هناك العديد من مشاريع القوانين التي يجري إهمالها عمدا في مجلس النواب حيث تقبع لأوقات طويلة في أدراج اللجان المشتركة، بينما تُعطى الأولوية لمشاريع أخرى تحظى بالدلال، معتبرا ان من واجب الرئيس نبيه بري ملاحقة ما هو مجمد في اللجان المشتركة وأمانة سر المجلس، متسائلا: ماذا تفعل أمانة السر.. وهل هي مجرد صندوق بريد أم يجب أن تؤدي دورا في تحريك القوانين وتسريع وتيرة سيرها؟ 

يتساءل عون عن المبررات التي تحول دون أن يذهب القضاء عموما، وديوان المحاسبة خصوصا، حتى النهاية في متابعة الملفات المالية والإدارية الموجودة في الأدراج والمتعلقة بفضائح ثقيلة، مشيرا الى أنه لو تأخذ المساءلة مداها الطبيعي لكان المرتكبون قد أصبحوا أمام واحد من خيارين: إما اللجوء السياسي الى روما وإما الدخول الى سجن روميه.. مضيفا: أنا أجزم أن هذه الملفات كفيلة وحدها بإنهاء الحياة السياسية للعديد من خصومنا، ممن مروا على الدولة وأمسكوا بمقدراتها المالية والاقتصادية، من دون أن نحتاج الى بذل أي جهد إضافي. 

وإذ يوضح ان وزراءه كانوا على وشك تقديم استقالتهم مؤخرا، لو لم يتم الاتفاق على تفعيل عمل الحكومة وتحسين إنتاجيتها، يشير الى أن خيار الاستقالة ليس مطروحا الآن، إلا اننا لن نتردد في الاعتكاف متى وجدنا ضرورة لذلك، ونحن تعلمنا هذا الامر من خصومنا. 

يرى عون، وفقا لزواره، أن من يظن أن حصتنا في الحكومة منحتنا امتيازا، هو مخطئ وواهم، لان هذه الحصة الوزارية التي تبدو في الشكل وازنة، تصبح في الحقيقة عبئا وينقلب سحرها علينا إذا لم نستطع أن نفعل شيئا، إذ ان الناس تنتظر منك بحجم ما تمثله، وواقع الحال ان هذه الحصة التي يحسدوننا عليها هي معطلة عمليا ويُمنع علينا تسييلها، علما انه سبق لي ان حذرت الحلفاء عند تشكيل الحكومة من أنه يجب ألا يحصل الفريق الآخر الممثل فيها على أكثر من 10 وزراء، حتى لا نصل الى هنا. 

يأخذ عون على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه ينأى بنفسه عن كل شيء منتج، لافتا الانتباه الى أن الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل البوجي لا يزال «الحاكم بأمره» برغم ان بقاءه في مركزه مخالف للقانون.


Script executed in 0.22380685806274