أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«فوبيا» الأمراض السرطانية والعصبية

الخميس 12 تموز , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,089 زائر

«فوبيا» الأمراض السرطانية والعصبية

مئات الحالات المرضية السرطانية والعصبية برزت على نحو لافت ومخيف بعد حرب تموز 2006، ما جعل الأهالي يعلنون مخاوفهم من احتمال أن تكون آلة القتل الإسرائيلية هي السبب المباشر وراءها، رغم عدم وجود دليل طبي ملموس يؤكد ذلك. إلا أن ما يؤكده معظم أطباء المنطقة أن هذه الحالات تتزايد، من دون أيّ تحسّن، باستثناء الأمراض الجلدية التي برزت بعد الحرب مباشرة.

يقول طبيب القلب والشرايين وجيه قاروط: «كان لافتاً بعد الحرب ازدياد عدد الحالات المرضية العصبية والنفسية ودقات القلب السريعة، التي تبرز كلما زاد التوتر الأمني والسياسي». أما بالنسبة إلى حالات مرضى السرطان التي تزايدت على نحو كبير، فيتحفّظ قاروط على ربطها بالحرب إذ «لا توجد دراسات طبية لنستطيع بناءً على نتائجها إثبات أيّ صلة لهذه الأمراض بالتلوّث الناجم من حرب تموز، وهذا يعود الى الإهمال الرسمي». ويذكر قاروط أنه، أثناء وجوده في مستشفى ميس الجبل الحكومي خلال حرب تموز، استقبل عدداً من المصابين من القصف الاسرائيلي، الذين عانوا أمراضاً جلدية غريبة، منها «سواد البشرة، ربما بسبب المواد المشعّة، وترك الأمر على حاله، كأنه لا شيء يستدعي الدراسة والبحث». ويؤكد «ازدياد الأمراض العصبية والتوتر عند العديد من الأهالي، وذلك بعد فترة من الحرب، ما يؤكد صلة الحرب بهذه الأمراض».

لكن بعيداً عن الرأي الطبي، تبقى الحرب السبب الأساسي لهذ الأمراض من وجهة نظر الأهالي. هذه إيمان رزق، المصابة بسرطان الثدي، تتحرّك مع بعض مرضى السرطان للكشف عن أسباب هذا المرض في منطقتها. تقول لـ«الأخبار» إن «العدد يزداد على نحو لافت، وهو يزيد على السبعين في بلدة حولا وحدها»، مشيرة الى أن «الأطباء يحيلون السبب دائماً على الحرب من دون أن يحرّك المعنيون ساكناً».

بدروه يؤكد رئيس بلدية حولا عدي مصطفى أن «حالات مرضى السرطان في البلدة تزداد يوماً بعد يوم، وهي المسبّب الرئيسي للوفاة في البلدة ». ويلفت العضو البلدي والخبير الزراعي محمد يعقوب أن «المثير في الأمر ليس العدد فقط، بل سرعة انتشار المرض في الجسم أيضاً، ما يؤدي إلى الوفاة في وقت قصير بعد اكتشافه ». وبحسب يعقوب فإن «أبناء حولا والعديد من القرى المجاورة يعتمدون في غذائهم على المنتجات الزراعية التي يزرعها الأهالي في أرضهم، فقد تكون مياه الريّ أو الأرض المزروعة هي السبب في ازدياد حالات السرطان». وتأكيداً على كلامه، يروي قصة «أربعة رجال من البلدة اشتهروا بعشقهم للزراعة، أصابهم المرض جميعاً، فتوفّي ثلاثة منهم، والرابع ينتظر»!

الطبيب عباس موسى، أكد وفاة أكثر من 16 شخصاً في بلدة كفركلا جراء مرض السرطان خلال السنوات الثلاث الأخيرة، «وهذه نسبة مرتفعة جداً قياساً على السنوات السابقة، قبل الحرب». ويقدّم مثالاً والدته، التي أصيبت بمرض السرطان وتوفيت بعد 39 يوماً من الإصابة. بحسب موسى، كانت والدته تخضع لفحوص دائمة، قبل المرض، «أي إننا لم نتأخر في اكتشافه، وقال لي طبيبها المتخصص إن من هم في مثل حالة أمي لا يؤدي المرض بهم الى الوفاة قبل أربع سنوات، لكن هناك عوامل خارجية أسهمت في الانتشار السريع للخلايا السرطانية».

أما في عيتا الشعب، فيضيف الطبيب رضا الطحيني سبباً آخر إلى ما سبق «الأهالي، بسبب ازدياد الأمراض السرطانية والعصبية باتوا لا يتهمون اسرائيل فقط، بل أيضاً أصحاب أجهزة الارسال في شركات الخليوي واليونيفيل ». ويرى أن « الأمراض المعروفة التي أصابت أشجار الزيتون وبعض الزراعات الأخرى بعد الحرب دليل على تلوّث البيئة حينها من القذائف والصواريخ الإسرائيلية». وبحسب طحيني فإن «حالات مرضى السرطان زادت أكثر من الثلثين بعد الحرب، إذ يوجد اليوم في عيتا الشعب ما لا يقل عن 60 حالة».

ويفيد مصدر مسؤول في مركز وزارة الشؤون الاجتماعية في بنت جبيل أن «مرضى الضغط والسكري والأعصاب زاد عددهم بعد الحرب بنسبة تزيد على 30%، ونواجه بسبب ذلك صعوبة في تأمين أدوية الأعصاب نظراً إلى ازدياد الطلب عليها، وبسبب ازدياد عدد حالات سرطان الثدي والرحم نقوم بحملات توعية للنساء، لكن رغم ذلك لا توجد إحصاءات رسمية للمصابين، ولا دراسات تحدد أسباب الإصابة». ويبين المصدر أن «أكثر من 10 صبايا توفين هذا العام بسبب سرطان الثدي والرحم في منطقة بنت جبيل».

 

انتشار المهدّئات

 

يلفت الطبيب رضا الطحيني إلى ظاهرة أكثر خطورة برزت في السنوات الأخيرة في المنطقة، وهي «تتعلّق بالأعداد الكبيرة من المواطنين التي تتناول أدوية الأعصاب والمهدّئات، بعضهم لأسباب مرضية، وبعضهم الآخر لأسباب اقتصادية أو اجتماعية». وهذا ما أكدته مسؤولة مركز الشؤون الاجتماعية في عيتا الشعب سهام الدروبي، التي اضطرّت الى «إبلاغ وزيري الصحة والشؤون الاجتماعية هذه الظاهرة الخطيرة، لأن الشباب هم من يلجأوون الى شراء هذه الأدوية، حتى إن بعضهم يحصل على وصفات طبية لشراء هذه الأدوية من بعض الأطباء، رغم علم هؤلاء بخطورة الأمر». تروي: «كنت مرة في إحدى الصيدليات عندما حضر شاب صغير وطلب أربعة أنواع من المهدئات، وقد لفت صاحب الصيدلية نظري إلى تفشي هذه الظاهرة الخطيرة، وخصوصاً أن هناك من يمنح هؤلاء الشبان وصفات طبية بذلك». وطالبت الدروبي «السلطات الرسمية والهيئات الفاعلة بضرورة التدخل لمكافحة هذه الآفة، التي تعود أهم أسبابها الى حرب تموز، وازدياد حالات البطالة وضيق العيش والأمل عند الشباب».


Script executed in 0.19746899604797