الحدث الذي نحن بصدده الآن ، يتعلق بأمر مرّ منذ مئة عام ، وعلى وجه التحديد .
ألا وهو تاريخ بناء هذا النادي . فرغم التهميش الذي كانت تعاني منه منطقتنا في ظل السيطرة العثمانية ، فان الحالة الإسلامية فيها ، كانت تتحرك باستمرار ، وإن بصعوبة ، لأنّ السلطة العثمانية كانت تمارس أنواعاً وأشكالاً مختلفة من الضغوط والتعسف والظلم على أبناء المنطقة ، ومن منظور مذهبي بحث .
وبالرغم من ذلك ، فلم يغب الدين عن بنت جبيل في يوم من الأيام ، أو في فترة من الفترات ، وخاصة تلك العصيبة منها ، وساهموا في بناء المساجد والنوادي الحسينية ، وكان لهم التأثير الإيجابي البالغ ، في تعميق الشعور الديني ، والقومي المنفتح ، وفي التوجه والإرشاد ، وإصدار الأحكام الشرعية ، وفي تركيز الأسس والقواعد السلمية ، التي تبنى عليها المجتمعات المحافظة .
وخلال كل تاريخ بنت جبيل ، كان يتلاقى علماؤها مع أقرانهم في النجف الأشرف ، حيث يذكر الشيخ محمد جواد مغنية ، أن " بيت الشيخ محسن شرارة في النجف، كان يعجّ برجال الأدب والعلماء ، وكانوا يتباحثون في الأدب ، وكانت الآراء تتطاير ويثار الجدل ... " ، وكان بعض رجال الدين قد أنهوا دراساتهم هناك ، أو أن ظروفاً معينة اضطرتهم للعودة إلى الوطن ، فساهموا في تطوير الحياة الإجتماعية والدينية والنضالية في المنطقة ، وفتحوا بيوتهم ، التي أصبحت دواوين للأدب والشعر والثقافة ، وفي هذا الصدد يقول الشيخ علي الزين : " كنت إذا ذهبت إلى بنت جبيل ، أشعر أنّي لست فقط في النجف ، بل في خاصة أدباء النجف " ويضيف قائلاً : " لقد اغنتني الإجتماعات في بنت جبيل وشقرا والصوانة والنبطية ، عن الإجتماعات في النجف ، وبفضل هذه الأجواء ، نشأ عندي تطلّع جديد ، بعدما كنت شبه يائس بعد عودتي .من هنا ، كانت حركة المقدس المرحوم الشيخ عبد الكريم الشيخ موسى أمين شرارة ، بعد أن عاد من النجف الأشرف ، فبدأ بإعمار هذا النادي ، وتحديداً سنة 1330 هـ ، سنة 1912 م ، أي منذ مئة عام ، وانتهى من بنائه سنة 1332 هـ ، ودخله الشيخ يوم العاشر من المحرّم ، حيث أقيمت فيه شعائر عاشوراء ، وقرأ المجلس الشيخ حسين زهر الدين ، ورغم إحراق النادي سنة 1920 ، من قبل الفرنسيين ، فقد أعيد ترميمه من جديد ، ليكون صرحاً دينياً اجتماعياً ، ثقافياً .