وكانت تساعدهم على سدّ بعض العجز في ميزانيتهم المكسورة دائماً، حال معظم مزارعي لبنان. ويعود سبب الأزمة وفق مربي النحل علي سعد، إلى «انحسار الأمطار عن المنطقة في وقت مبكر من العام الحالي، ما أدى إلى ضعف النباتات الصيفية، التي تعتمد على أمطار نيسان. وبالتالي فقد خسر النحل مصدراً أساسياً من غذائه خلال الصيف، فضاع الموسم بالكامل». ويؤكد سعد أنه لم يستطع أن يحصد «كيلوغراماً واحداً من العسل في السنة الحالية، بسبب ما أصاب النحل من مجاعة»، بل أكثر من ذلك، فإن عليه إطعام ستين قفيراً من النحل يملكها في بنت جبيل، «بكلفة شهرية تصل إلى نحو خمسمئة دولار أو خسارة جنى عمره، الذي يقدر ثمنه بنحو مئتي دولار لكل قفير».
عشرات مربي النحل في بنت جبيل، الذين يملكون نحو أربعمئة خلية، تتطابق حالهم وحال سعد، من حيث المعاناة وضيق الخيارات، إذا لم يكن هناك تدخل رسمي للمساعدة. ويلفت سعد إلى أن المزارعين لا يريدون مساعدات أو معونات مادية «يكفينا المساعدات العينية والمبادرة بالإسراع لمساعدتنا ومعاملتنا بمثل التعامل في حال أي نكبة تصيب المزارعين، فضياع الموسم أمر قبلنا به. ولكن أن نخسر النحل فذلك أكبر من طاقتنا على التحمل. وبإمكان الجهات الرسمية أن تبادر إلى تقديم مساعدات كما تفعل بتوزيع الدواء المضاد لمرض «الفروة» الذي يصيب النحل والمنتشر عالمياً»، معتبراً أن «المساعدة المطلوبة يمكن أن تكون عبارة عن كميات من الغذاء الخاصة بالنحل أو أقفار جديدة، أو أي مساعدة ممكنة وتساعدنا على تخطي الأزمة». ويلفت إلى أن تلك «المواد رخيصة نسبيا في الحالات العادية، إلا أنها تصبح مرهقة علينا على المدى الطويل». ذلك بالإضافة إلى هاجس عدم تمكن النحل من إطعام يرقاته. ويمكن أن تكون تلك المصيبة الأكبر عليهم، إذا ما نفقت اليرقات. ويوضح سعد أن سعر الكيلوغرام الواحد من الطعام يبلغ نحو أربعة آلاف ليرة، ويحتاج القفير إلى ثلاثة كيلوغرامات شهرياً، أي ما يبلغ نحو خمسمئة دولار لستين قفيراً، «بات علينا أن نعيل أنفسنا وعائلتنا، وقفائرنا بدل أن تعيلنا». وأمام الضائقة الاقتصادية يلجأ سعد إلى استعمال ما بقي له من مخزون العام الماضي من العسل ليعيل نحلاته الضعيفة.
ولا ينكر محمد حسن نائب رئيس «نقابة مربي النحل في الجنوب» المشكلة، بل يزيد عليها جملة من المشكلات الأخرى التي يظهر أنها تهدد القطاع برمته «من مرض التعفن الاوروبي، إلى الأميركي، مروراً بمشكلة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، وطبعا تعويضات عدوان تموز 2006، التي قيل لنا أن ننساها، وصولاً إلى مجرد تسجيل سيارة بناء على رخص النحل». إلا أنه وسط ذلك الكمّ من المشكلات تبدو النقابة ومعها الوزارة بسبب ضعف الإمكانيات، بحسب حسن، «عاجزة عن تقديم أي معونة حقيقية للمزارع، الذي يبدو أن عليه أن يقلع أشواكه بيديه، إذا ما أبقت له مشاكله من أطراف، خاصة أنه يبدو أن هناك أسراباً من شياطين التفاصيل بين النقابة من جهة، والوزارة المعنية من جهة أخرى حول تلك المشاكل، وحول مشاكل أخرى تتعلق بالأدوية والمبيدات ونوعيتها، ونسبة تركيزها».
وبالعودة إلى «الأحلام المحلية» لسعد، فقد كان يتوقع أن يحصل على نحو ألف ومئتي كيلوغرام حداً أدنى من العسل، خلال الموسم الحالي، خاصة أنهم لا يقطفون إلا مرة واحدة سنوياً. وقد وسّع زراعته خلال السنتين الماضيتين بناء على المداخيل المشجعة التي حصل عليها سابقاً. ويتراوح سعر العسل البلدي بين 25 و30 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.