أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

السجناء أرباب عمل في الجنوب

الجمعة 17 آب , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,440 زائر

السجناء أرباب عمل في الجنوب

تحوّل علي إلى منطوٍ على ذاته منذ خروجه من السجن قبل أشهر. كان ابن السادسة والعشرين قد أوقف احتياطياً لمدة عام كامل بسبب اتهامه بسرقة محل للأجهزة الخلوية. إطالة أمد جلسات محاكمته وهو خلف القضبان، لم يكن السبب الوحيد لليأس الذي تغلب عليه. الأثر الاقتصادي والاجتماعي لسجنه الذي انعكس على أسرته، كان أشد إيلاماً. فهو كان المعيل الرئيسي لأسرته من خلال مهنته في «جلي البلاط». المورد المالي انقطع، والجيران والأقارب قلّصوا التواصل معها. خلال احتجازه في سجن تبنين، زاره فريق من جمعية «شيلد» يعرض عليه، في إطار برنامج «مشاريع الدعم للسجناء وعائلاتهم في جنوب لبنان»، تقديم الدعم لعائلته للتعويض عن مورد المعيشة الذي خسرته بسبب سجنه. أحالهم على شقيقته عبير التي طلبت تجهيز خيمة لزراعة الخضر عضوياً استناداً إلى خبرتها الزراعية. نجاح التجربة في مرحلتها الأولى شجّع الجمعية على مساعدتها مجدداً لتطوير مشروعها بتوسيع الخيمة وإضافة أنواع جديدة من المزروعات. حالياً، بات بيت عبير المتواضع في برعشيت (قضاء بنت جبيل) مقصداً لشراء الخضر العضوية. أما شقيقها علي الذي خرج بعد أشهر، فلم يحتج إلى دعم الجمعية؛ لأن حاجته لم تكن مادية. فهو صاحب مهنة ويعرف بكفاءته. مع ذلك، تقلّص حجم نشاطه إلى الحدّ الأدنى بسبب عدول الناس عن تسليمه ورش «جلي البلاط» في بيوتهم ومؤسساتهم. تهمة السرقة تحولت إلى لعنة تلاحقه وتضرب أشغاله وصداقاته.

في بلدة شقرا المجاورة، يبدو علي أقل يأساً من زميله. الأخير سجن بسبب اتهامه بتعاطي أحد أنواع المخدرات. لكنه استطاع تخطي التجربة، وخصوصاً مع افتتاحه للفرن الخاص به بدعم من «شيلد». يقر بأنه بعد خروجه رفض أصحاب الأفران في بلدته ومحيطها أن يعمل لديهم. لكنه متفائل بأن الوقت كفيل بنسيان الناس لتجربته، نظراً إلى الإقبال الكبير على الفرن.

أما تامر وسليمان، فهما شريكان في ملحمة تقع في منطقة رأس العين، كانا زميلين في زنزانة واحدة لسنوات طويلة. «شيلد» أحيت مهنتهما السابقة كقصابين، وساعدتهما على تجهيز ملحمة خاصة بهما، فيما ساعدت زينب على افتتاح محل سمانة في بلدتها صريفا عندما كان زوجها يمضي حكماً بالسجن لأكثر من عامين.

يستند برنامج المساعدات إلى الدراسة الميدانية التي نفذتها الجمعية في الجنوب عن واقع عوائل السجناء بالتعاون مع منظمة دروسوس السويسرية وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والبلديات. نتائج الدراسة فرضت مرحلة التدخل المباشر عبر تأمين مشاريع التدخل السريع التي تؤدي إلى زيادة الدخل يسبقها الخضوع لتدريب مهني. أشكال الدعم المختلفة لكل عائلة مستفيدة، ارتكزت إلى تقييم اقتصادي للعائلة لناحية موارد الدخل والمهارات المهنية التي تتوافر لدى أفرادها المعيلين.

وقد توزّع من وافقوا على التدريب والانخراط في سوق العمل، بين سجناء سابقين أو أقارب سجناء حاليين. هؤلاء حدّدوا مجالات عملهم من التزيين والتجميل والخياطة ودكان السمانة وصنع الأكسسوار إلى الكمبيوتر وتصليح الدواليب والبناء والكهرباء والنقل إلخ...

وفي ظل عدم توافر خطة رسمية شاملة لدعم السجناء، تنتظر جمعية «شيلد» الضوء الأخضر من وزارة الداخلية لافتتاح مشاغل في سجني النبطية وتبنين، توفر للسجناء تدريباً على مهارات مهنية تجعلهم جاهزين للدخول إلى سوق العمل فور الإفراج عنهم.


Script executed in 0.18679404258728