أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«عيد القلق» يخطف اللبنانيين و«الدولة المتفائلة» .. لا تطمئنهم

الثلاثاء 21 آب , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,539 زائر

«عيد القلق» يخطف اللبنانيين و«الدولة المتفائلة» .. لا تطمئنهم

لم يجد اللبنانيون أفضل من القلق على المصير، عنوانا جامعا. أما «الفطر»، فحلَّ هذه السنة عيدا غير سعيد. 

ها هو الشمال مشرّع بعاصمته وحدوده على احتمالات النيران السورية، فيدفع أهله في عكار يوميا الضريبة، مثلما يتكرر مشهد النزوح السوري، من دون أن يملك أحد، سواء من المضيفين أو النازحين، موعدا لنهاية المأساة السورية... كما تداعياتها اللبنانية التي كان آخر فصولها، تجدد «اشتباكات العيد»، بين التبانة وجبل محســن، حاصدة قتيلة وثمانية جرحى. 

والأفدح من الاشتباكات، إعلان الشيخ السلفي سالم الرافعي، عن «تشكيل مجلس عسكري لأهل السنة في طرابلس»، وإطلاقه تهديدات تزامنت مع تحذيرات تلقتها عائلات ومجموعات موالية لـ«حزب الله» وسوريا، بوجوب إعلان التوبة سياسيا، تحت طائلة تحملها مسؤولية مضيها في نهجها السياسي الحالي! 

وإذ شكل الإعلان عن «المجلس العسكري»، استعادة لسيناريو العام 1982 عندما أسس عدد من الفصائل المسلحة في عاصمة الشمال «حركة التوحيد الإسلامي» وتمت مبايعة الشيخ الراحل سعيد شعبان أميرا لها، بدعم من جهات غير محلية، فإن ظهور تنظيم «فتح الاسلام» في الشمال مجددا، ولو بأسماء حركية، يعيد تسليط الضوء على الاحتمالات الشمالية، وخاصة الطرابلسية في الأيام والأسابيع المقبلة. 

وها هو الجنوب، يبدو مشرّعا على تهديدات اسرائيلية يومية، وطيران حربي لا يغادر أجواءه حتى في «الفطر السعيد»، وفي المقابل، تستعيد عاصمة الجنوب، في يوم العيد، مشهد الفرقة، بعودة اعتصام الشيخ احمد الاسير، من جهة، وبإطلاقه خطابا تحريضيا من جهة ثانية. 

ومن صيدا نفسها، أطل أسامة سعد ليطلق للمرة الأولى تحذيرات صريحة للأسير ومن يقف خلفه، في الداخل والخارج، وفي الوقت نفسه للمخيمات الفلسطينية (عين الحلوة)، محذرا اياها من مغبة استدراجها «بعيداً عن قضيتها»، وأن تزج في صراع «لا مصلحة لها به». 

أما بيروت، فقد افتقدت في العيد، سعادة أهلها وسعادتها بمن يضيئون ايامها المعتمة، أي الرعايا العرب الذين يتدفقون كل سنة في الأعياد، فيعوضون بحضورهم الموسمي، ركود الأسواق الطويل، ودورة حياة اقتصادية باتت موضع شكوى حتى في أيام الأعياد. 

وأهل العاصمة لطالما تباهوا بأنهم العنوان، المركز، الحضانة والمظلة، السوق والمستشفى والجامعة والصحيفة والشاشة... لكأنهم صاروا يفتقدون اليوم كل شيء... والأهم أمنهم وأمانهم. يبحثون عن دولة، إما هي غائبة، وإما متوارية عن الأنظار. 

الخطف صار سمة يومية. في العاصمة وفي كل المناطق. خطف يتلطى بقضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا، فينال من السوريين النازحين والمقيمين في آن معا، ويهجر ما تبقى من رعايا عرب وأجانب. 

خطف يبتغي المال أو الفتنة أو الاثنين معا. خطف مصارف بسرقتها في وضح النهار. خطف حقائب سيدات في أكثر شوارع العاصمة أمنا وازدهارا. 

خطف ملتبس ليس معروفا إن كان أبطاله لصوصا، او ينتمون الى اجهزة معينة، كما حصل في المصيطبة والاشرفية وبيروت والجبل وصولا الى شتورة وبريتال وسائر البقاع والشمال. 

خطف مثير للعجب ينتهي بالافراج عن المخطوف وتسليمه «حصريا» الى قناة تلفزيونية، وعلى الهواء مباشرة! 

أما البقاع الكاسدة مواسمه، على وقع الركود المحلي، وانسداد الشريان السوري الحيوي، فقد أدمن الاهمال وكل أمراضه، من بطالة مستشرية وظواهر سلبية، وأخطرها، تلك التي تجعل حياة الناس في الطرق رهن قطّاعها، من عصابات المال أو الفتنة. 

هذا هو الواقع. لكأن لبنان يرقص على حافة الهاوية، والسؤال الكبير هنا: هل يستطيع ان يستمر في الرقص طويلا، وهل ان الاستقرار الهش السائد في هذا البلد من دون مرتكزات صلبة، يمتلك من المناعة، ما يمكنه من الصمود في وجه رياح الفوضى التي تحاصره من كل حدب وصوب، أم أنه بات قاب قوسين أو أدنى من السقوط في المحظور؟ وهل لبنان هو أول «بلد جوار» يدفع فاتورة الحرب الأهلية الجارية في سوريا؟ 

لا أحد من اللبنانيين يمتلك أجوبة تطمئنه الى غده، وفي الانتظار الذي سيستمر طويلا، لا شيء يبرد قلوب ذوي المخطوفين اللبنانيين في سوريا، برغم النفحة الإيجابية التي أرخاها تطمين وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنهم كلهم أحياء وبخير، داحضا بذلك كل الروايات التي رسمت صورة سوداء حول مصيرهم. 

واذا كان التحرّك الذي قام به وزير الخارجية الفرنسية حيال قضية المخطوفين اللبنانيين يأتي استجابة لطلب الدولة اللبنانية، فإن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال لـ«السفير» إن الحكومة اللبنانية لم ولن تقصر، على الاطلاق، في متابعة ملف المخطوفين اللبنانيين في سوريا، وهي تولي هذا الملف أولوية قصوى، وتتابعه مع جهات اقليمية ودولية، وخاصة مع المسؤولين الأتراك، من أجل ضمان عودة جميع المخطوفين الى ذويهم سالمين وطي هذه الصفحة الأليمة. 

وأوضح ميقاتي أن الضجيج السياسي المفتعل من بعض القوى في الداخل لا يجب ان يحجب حقيقة أن الوضع في المنطقة شديد الصعوبة، وأن انعكاساته على لبنان دقيقة للغاية، وهذا الأمر يتطلب وقف المزايدات والسجالات والانصراف الى كل ما من شأنه توخي مصلحة البلد بالدرجة الاولى وتجنيبه المخاطر في هذه المرحلة. 

وفيما عاد وزير الداخلية مروان شربل من اسطنبول التي زارها مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، بأجواء «مفيدة ومثمرة» وبحرص تركي على الوصول الى خاتمة سعيدة لقضية المخطوفين، قال شربل لـ«السفير» إنه يستعد للقيام بزيارة قريبة لتركيا لاستكمال البحث في هذا الملف الانساني، مشيرا الى أن «خلية الأزمة» التي شكلها مجلس الوزراء ستعقد اجتماعا لها عند الثالثة بعد ظهر اليوم لتقييم نتائج محادثاته في تركيا، على أن يسبقها عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم لقاء بينه وبين السفير التركي في لبنان. 

وأضاف شربل أنه لمس من المسؤولين الاتراك كل جدية وتجاوب واهتمام في التعاطي مع ملف المخطوفين، وقال: قررنا نحن والاتراك ان نعمل في هذا الملف بصمت من دون الخوض في التفاصيل، وما استطيع قوله، اننا نجري تدقيقا في كل المواضيع، وانا لست متشائما، بل اقول تفاءلوا بالخير تجدوه، وآمل ان نفاجئ الاهالي وكل اللبنانيين بالوصول الى خواتيم ايجابية تعيد المخطوفين الى ذويهم. 

من جهة ثانية، افاد مراسل «السفير» في البقاع الأوسط أن عددا من اهالي مجدل عنجر قاموا باقفال الطريق الدولية نحو المصنع، حوالي الساعة الحادية عشرة من ليل أمس، احتجاجا على قيام الجيش اللبناني بتوقيف شابين، احدهما من مجدل عنجر والثاني ناشط سوري. وهدد الاهالي بالتصعيد في حال عدم اطلاق الشابين. 


Script executed in 0.19002914428711