أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من يستقيل من الحكومة أولاً: ميقــاتي أم جنبلاط؟

الأربعاء 22 آب , 2012 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,041 زائر

من يستقيل من الحكومة أولاً: ميقــاتي أم جنبلاط؟

عاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من السعودية، الأسبوع الماضي، بخفي حنين. فالزيارة، بحسب مقربين منه، لم تضف ايجابية على علاقاته «المشلولة» بالمملكة. لم يخرج منها، ولو بصورة رسمية، مع أيٍّ من قادتها. لم تؤد الزيارة الى انهاء وضع شاذ علق بعهده، كأول رئيس حكومة لبنانية سني لم توجه الرياض دعوة رسمية اليه لزيارتها. علماً أن زيارته الاخيرة لحضور قمة منظمة المؤتمر الاسلامي، قام بها ممثلاً لرئيس الجمهورية، لا بصفته الرسمية.

ويتردّد ان ميقاتي التقى، بنحو غير رسمي، احد المسؤولين السعوديين، وأن الجملة المفيدة الوحيدة التي سمعها منه، هي: ان اقصر طريق لتقديم اوراق اعتماد قبولك في المملكة هو تقديم استقالتك.

وتفترق الرياض، بحسب مصادر موثوق بها، عن واشنطن والغرب في نظرتها الى استمرار الحكومة الميقاتية. فهي تسعى الى تطييرها بأي ثمن، «أمس قبل اليوم»، فيما يفضّل الغرب، وفي المقدمة واشنطن، عدم اقالتها قبل ضمان ألا يمسّ «تطييرها» الاستقرار. وفي هذا السياق، تُسجل وجهة نظر لرئيس مجلس النواب نبيه بري، مفادها أن الغرب «أجبن من ان يهز الاستقرار في لبنان في هذه الظروف، ولذلك يحاذر الاستعجال بإسقاط الحكومة بأي ثمن». ويبدو أن رئيس الحكومة يعزف على وتر هذا الافتراق التكتيكي، حول موعد استقالة حكومته، وضمن اية شروط موضوعية. ما يمنحه قدرة على شراء الوقت الدولي للبقاء.

ولم يعد خافياً ان ميقاتي نجح في انشاء معادلة دولية لموقعه الشخصي داخل حكومة يطلق عليها الغرب تسمية «حكومة حزب الله»، عبر همسه المتكرر للغرب، بأنه يمثل داخل الحكومة الطرف المدافع عن التزام لبنان الشرعية الدولية، في مقابل حزب الله الذي يمثل الطرف الخارج عنها. وقد اقتنع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بعد لقائه به في باريس، بأن ميقاتي هو افضل فرصة دولية متاحة في لبنان في هذه الظروف. والكلام نفسه، تقريباً، سمعه الرئيس فؤاد السنيورة من جيفري فيلتمان أثناء زيارته لبيروت إثر إمرار الحكومة الميقاتية تمويل بروتوكول المحكمة الدولية.

وغذّى رئيس الحكومة هذه المعادلة من خلال تجاوبه مع رغبات دول كبرى، وخصوصاً بريطانيا والولايات المتحدة، بربط ملفات لبنانية حيوية واستراتيجية للغرب، به شخصياً، كملفي فلسطينيي لبنان وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. هذا التنسيق يجعل قرار استقالته أمراً غير متروك للسعودية وحدها، بل يوجد للغرب رأي مصلحي به، ولا سيما ان بديله غير محسوم، كذلك إن احتمال تعاظم انفلات الامن إذا «طارت» حكومته، ليس مستبعداً.

 

نظريتان لآلية إسقاط الحكومة

 

السؤال اليوم في 14 آذار، وفي السعودية، عاد الى المربع الاول، وهو عن الآلية الأمثل لإسقاط الحكومة، والهدف الأساس هو ألا تشرف الحكومة الحالية على انتخابات 2013 النيابية. وليس مهماً لدى هذين الطرفين الآثار التي قد يحدثها ذلك على الاستقرار، وخصوصاً أن هناك تقديراً شائعاً في أوساطهما، بأن حزب الله ــ بعد الأحداث السورية ــ بات عاجزاً عن القيام بأي رد فعل أمني كبير أو سياسي انقلابي حاد.

وفي أوساط الرياض وحلفائها في لبنان، هناك آليتان، لا تكاد توجد ثالثة لهما، لإسقاط الحكومة: الأولى تقديم ميقاتي استقالته مع ضمانة سعودية بترشيحه لرئاسة الحكومة المقبلة. والثانية، تنفيذ انقلاب سياسي داخل البرلمان بواسطة النائب وليد جنبلاط.

أبرز المتحمسين لنسف الحكومة، من خلال اللغم الجنبلاطي، هو السنيورة. وهو أوضح ذلك لفيلتمان عندما سأله عن طريقة إسقاط الحكومة، فردّ: «جنبلاط ثم جنبلاط ثم جنبلاط». لكن أطرافاً أخرى في 14 آذار تفضل ان تأتي الخطوة من ميقاتي. ويرى هؤلاء ان استقالة وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي الثلاثة من الحكومة لن تكون كافية لإسقاطها، بل ينبغي أيضاً سحب نوابه السبعة ثقتهم منها في مجلس النواب. وهذا الإجراء الأخير، لن تتاح له المناسبة الدستورية، الا من خلال دعوة بري مجلس النواب الى جلسة مناقشة عامة، علماً بأنه يستطيع عدم فعل ذلك، والأرجح ألا يفعل.

كذلك إن استقالة الحكومة تطرح تعقيداً آخر، وهو تعذّر تشكيل حكومة تخلفها، ما يعني استمرار حكومة ميقاتي في تصريف الأعمال. وهذا الواقع سيثير جدلاً دستورياً معروفاً حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال في إجراء الانتخابات. والمطروح في هذا السياق استبدال حكومة ميقاتي بحكومة تكنوقراط محايدة تشرف على الانتخابات، في حال تعذُّر تشكيل حكومة وحدة وطنية. وثمة سوابق لذلك، منها الحكومة التي ألّفها الرئيس صائب سلام للإشراف على الانتخابات في بدايات الخمسينيات، وكان شرط التوافق عليها، ألا يترشح رئيسها أو أي من وزرائها لخوض الانتخابات. وقد طُرح في كواليس سياسية اسم تمام سلام لأداء دور والده في ترؤس حكومة كهذه عشية انتخابات عام 2013.

من يبادر: ميقاتي أم جنبلاط؟

وفي خضم هذا النقاش بشأن شكل الوليد الحكومي الجديد، يظل السؤال: بواسطة من ستنسف الرياض الحكومة الميقاتية، ومن سيطلق الرصاصة القاتلة على رأسها أولاً؟ ميقاتي أم جنبلاط؟

الرئيس بري يستبعد تبرع جنبلاط بهذا الدور لأسباب عدة، أولها أنه المستفيد الأكبر سياسياً من هذه الحكومة التي تمنحه دور بيضة القبان بين توازناتها السياسية، ودور صمام الأمان داخل البرلمان.

وثمة اتجاه واسع في 8 آذار يوافق على هذا الرأي، ولكن مع الحذر من أن الزعيم الاشتراكي قد يغامر في قبول العرض السعودي، إذا طالبته الرياض في لحظة حاسمة، ربما خلال زيارته المرتقبة إليها، بوضع التزاماته في شأن تغيير موقفه السياسي موضع التطبيق العملي، من خلال نسف الحكومة.

أما بخصوص ميقاتي، فيرى بري أن الأخير لا يريد أن يحكم، انطلاقاً من سبب موضوعي، «هو انه حينما شكّل الحكومة لم يكن يعرف، مثلنا، ان سوريا ستشهد أحداثاً كالتي تحصل اليوم. واذا كنا نحن مستمرين في العمل السياسي لأننا ثابتون في حساباتنا السياسية، فإن ميقاتي وجد نفسه في ظروف جديدة لا تنسجم مع الحسابات التي قبل بموجبها تشكيل الحكومة».


Script executed in 0.19459795951843