أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مرجعيون «لايت»: قرى بلا محالّ تجارية

الخميس 23 آب , 2012 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,383 زائر

مرجعيون «لايت»: قرى بلا محالّ تجارية

كلّ يوم، تحمل عواضة حقيبتها وتنطلق في مشوار متعب لا ترف فيه. تنصب ورفيقات الدرب «كمائن» لسيارات «خصوصية»، لا تقل عادة إلا راكباً واحداً أو راكبين، «ولذلك نتوزّع في أماكن بعيدة عن بعضنا البعض كي ننقضّ على السيارة عندما تتوقف، لأنه لا يوجد سيارات أجرة في المنطقة». هكذا، يبدأ النهار بـ«كمين محكم، حيث تقف واحدة في الشارع، فيما رفيقاتها تختبئن، وعند توقف السيارة يظهرن ليصعدن جميعهن»، يقول حسن بدر الدين، الذي لم ينفد يوماً من حيل النساء اللاجئات إلى أسواق العديسة.

عادة ما يكون المشوار «طويلاً»، تقول عواضة. فهي، كما غيرها من ربات المنازل، «مضطرة» لهذا التعب لشراء حاجيات لا تتوفر في البلدة «التي لا يوجد فيها إلا دكانان صغيران يبيعان بعض المعلبات ومأكولات الأطفال». وما عدا ذلك، لا شيء في مركبا. أما اللحوم والخضر والحلويات وغيرها من الحاجات اليومية الضرورية «فنأتي بها من العديسة». وتضيف عواضة «قد نضطر لهذا المشوار كل يوم، لأننا لا نستطيع تخزين الطعام في البرادات في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي المستمر».

لكن، ليسوا أهالي مركبا وحدهم من يفتقدون هذه الخدمات، فثمة قرى كثيرة يعدّ وجود «زاوية» فيها لبيع الخضر ترفاً، كقرى ربّ تلاتين وطلوسة والقنطرة ودير سريان وبني جيان في قضاء مرجعيون. فداوود يونس مثلاً من قرية رب ثلاثين يقصد هو الآخر العديسة «لأنه لا يوجد في البلدة محلات لشراء اللحوم والحلويات والسمك والدجاج، وهذا أمر يعود الى قلّة عدد المقيمين الذين لا تزيد نسبتهم على 10% من سكان البلدة، وهم من كبار السن والمتقاعدين».

وفي بلدة بني حيّان، الأمر سيان، فالكل «راحل» لشراء الحاجيات. هناك، في بيت الضيافة، كان المختار صلاح جابر، يرتاح بعد رحلة شاقة لشراء «مونة اليوم». هذه البلدة التي لا يوجد فيها «إلا دكان صغير لا شيء فيه»، وحتى سكانها لا يتعدون الـ«150 نسمة من أصل 3000، جميعهم من كبار السن، كما لم يبق في البلدة إلا مزارع واحد يزرع الحبوب». وما يزيد الطين بلة في تلك القرية هو «انعدام وجود السيارات العامة وحتى الخاصة التي تقلّ الأهالي من بلدة الى أخرى، لذلك فعلى الجميع التنقل سيراً على الأقدام إلى بلدة مجدل سلم أو العديسة لشراء ما يحتاجون اليه، حتى أن البعض يتفق مع آخرين لكي يتناوبوا على الذهاب إلى المحال التجارية البعيدة». وهذا يذكّر جابر بأيام الاحتلال الاسرائيلي «إذ كان لا يقيم في البلدة إلّا العجزة، وإن توفيّ أحدهم يأتي شباب من القرى المجاورة للقيام بما يلزم لدفنه».

بعض الأهالي ينتظرون قدوم البائعين المتجوّلين إلى البلدة لشراء حاجاتهم. وهنا، تقول فاطمة بركات من بلدة ربّ ثلاثين، «لا نستطيع أنا وزوجي التنقل بسبب المرض، لذلك نعتمد على التموين المنزلي من الحبوب أو ننتظر البائعين المتجوّلين لشراء الدجاج والخضر وغيرها». هذه الحال جعلت بركات «تشتهي» المناقيش والحلويات وطعام المطاعم، فتقول «أضطرّ أحياناً الى خبز المناقيش على الحطب وصنع ما تيسر من الحلويات، وهذا صعب علينا في كثير من الأحيان». وكما هي حال البلدات الأخرى، تشير بركات الى أن «بلدتنا هذه أصبحت مساكن للمقعدين والمتقاعدين، مع ذلك نعيش هنا كأسرة واحدة نساعد بعضنا على تحمّل الأيّام المرّة». وللخروج من هذه الرتابة، تطالب بركات المعنيين «بضرورة إنشاء معمل أو مصنع لتشجيع الأهالي على العودة إلى قراهم وتأمين متطلّبات العيش الكريم، فلا يوجد في منطقة مرجعيون كلّها فرن للخبز، ففي حرب تمّوز مثلاً انقطعنا من الخبز أول أيام الحرب بسبب انقطاع الطرقات».


Script executed in 0.16849112510681