أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عباس إبراهيم... أحدث اسم على لائحة جنبلاط «السوداء»: بند في طلب الانتساب إلى عهد «ما بعد الأسد»؟

الإثنين 03 أيلول , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,122 زائر

عباس إبراهيم... أحدث اسم على لائحة جنبلاط «السوداء»: بند في طلب الانتساب إلى عهد «ما بعد الأسد»؟

 معها ثم ضدها. هاجم بشراسة الرئيس رفيق الحريري ثم جلس في حضنه. تحالف مع «حزب الله» ثم انقلب عليه. عاد وتلطّى تحت خيمته، ثم فتح النار مجدداً عليه. وقف مع ثوار «14 آذار»، ثم انقضّ عليهم، ثم «صالحهم». خاصم ميشال عون «دهراً». ثم حضنه في الجبل، لكنه طوى الصفحة قبل ان يفتحها مع الرابية... آخر المغضوب عليهم على لائحة وليد جنبلاط مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم! 

وبعد الصداقة عداوة. هي لعبة «البيك» المفضّلة. قطع العلاقة مع «القابض» على أسرار الدولة الأمنية جاء من طرف واحد. انتفضت المختارة على «التجاوزات» في توقيف شادي المولوي «من غير أصحاب الصلاحية». الشاب، المتهم بكونه طرفاً في شبكة إرهابية، خرج من زنزانته خروج الأبطال من الاعتقال، بعدما ناصر جنبلاط الداعين الى إطلاق سراحه تحت طائلة «قطع شعرة» السلم الأهلي. 

اللواء ابراهيم، واحد من قلّة يملكون الرواية الكاملة لملف له بُعده المحلي والدولي، لكن السرّية والتوقيت يحولان دون كشف المستور. فاخر أول «جنرال» تتمّ ترقيته إلى رتبة لواء في عمر الـ 52 بـ «الطلّة الأمنية» الأولى للأمن العام بملف بهذا الثقل والأهمية. جنبلاط الناقم كان له رأي آخر تماماً. وقبل أن يجفّ حبر هجومه على «المغامرات البوليسية» لـ«المديرية»، فتح النار على صديقه السابق بعد ترحيل الأمن العام 14 سورياً صدرت بحقهم أحكاماً قضائية لارتكابهم جرائم على الاراضي اللبنانية. مع العلم انهم لا ينتمون الى المعارضة السورية، ولا ملفات لهم لدى السلطات في دمشق. شرح «اللواء» دوافع الترحيل وعدم خطورته على المبعدين، لكن «البيك» لم يقتنع. 

حتى الساعة لا يزال جنبلاط على حَرده. هو بادر بالهجوم ووحده، إذا أراد، يعيد وصل ما انقطع. في هذه الأثناء، يتابع اللواء ابراهيم عمله كالمعتاد. لا شيء تغيّر في رزنامة الضابط النشيط. ابواب «الأمن العام» مفتوحة للجميع. وفي تقدير المطّلعين، لا تطوى صفحة الجفاء بين «البيك» و«اللواء» إلا بزيارة الأول للثاني في مكتبه في المديرية. مطالبة جنبلاط باتخاذ إجراءات مسلكية بحق إبراهيم «وصولاً الى إقالته»، بدت كمزحة «مقبولة» من «البيك»، وإن أعادت إلى أذهان البعض الملابسات التي قادت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إلى إصدار قرار إقالة العميد وفيق شقير، بناءً على «الداتا الجنبلاطية». 

في الأيام الأخيرة التي سبقت انتقال «العميد ابراهيم» آنذاك من موقعه كرئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب إلى اليرزة نائباً لمدير المخابرات، حصل التعارف الأول بين وليد جنبلاط و«الجنرال» الخبير رقم واحد في الحسابات الجنوبية، وصاحب «الأيادي البيضاء» في الملف الفلسطيني، والضابط الأول والوحيد الذي دخل مخيم عين الحلوة. لقاء المختارة حصل بناءً على موعد مسبق ممهّداً الطريق أمام علاقة متينة تكرّست دعائمها بعد أحداث السابع من أيار 2008، وصولاً الى دخول «مبرّد الرؤوس الحامية» على خط تهدئة النفوس المحقونة في ملف الكهرباء وغيره من الملفات الحسّاسة التي باعدت بين أركان الحكومة. 

بادر ابراهيم، ليس كوسيط، بل بتكليف من رؤسائه في قيادة الجيش إلى تفكيك ألغام التوتر والشحن الطائفي والمذهبي في الجبل عقب 7 أيار. تجلّى ذلك في إدارته للملف الدرزي والعلاقة بين»حزب الله» و«الحزب الاشتراكي». هو الدور نفسه الذي لعبه الضابط على الساحة الصيداوية حاصداً تنويه النائبة بهية الحريري والشيخ ماهر حمود. 

بعد العام 2008، تكثفت وتيرة اللقاءات بين الرجلين. زيارات متبادلة. مآدب غداء وعشاء. جلسات مع أصدقاء مشتركين. وهدايا جنبلاطية في المناسبات، كان أكثرها غرابة إرسال «البيك» باباً أثرياً الى صديقه. لم يبادر الزعيم الدرزي الى إهداء اللواء ابراهيم اي نوع من الأسلحة. الأخير، وفق ما ينقل عنه، لا يحب اقتناء السلاح، ولذلك كان يستمتع بهدايا جنبلاط الكلاسيكية، اي الكتب. 

لم يطلب جنبلاط من اللواء إبراهيم يوماً أمراً شخصياً. وفي مقابل معلومات تحدثت عن عدم رضى رئيس «جبهة النضال» عن تعيينات اجرتها مديرية الأمن العام، فإن العارفين يؤكدون أن أي شكوى جنبلاطية بهذا الإطار لم تصل الى مكتب اللواء. 

قلّة تحاسب وليد جنبلاط اليوم على «أخطائه». الرجل بات خبيراً في تعليم الآخرين دروساً في «المكيافليّة» السياسية الى حد إخراجه من دائرة المحاسبة. فقط لأنه وليد جنبلاط. العارفون بحسابات المختارة والبنود المدرجة في متن «دفتر شروط» الانتساب الى عهد «ما بعد الأسد» يبرّرون للزعيم الدرزي ما يفعله. يتحدثون عن «برنامج» وعن التزام جنبلاطي حرفي به. ثم ان الانتخابات على الابواب. هذا اذا حصلت. لكن تحسّباً، فإن تأليب الرأي العام، من وقت الى آخر، على «رموز» فريق الثامن من آذار يصبح «واجباً قومياً». التضليل يحضر ايضاً، باعتقاد هؤلاء. ثمة من يضلّل «البيك» بمعلومات «ملغومة»، تماماً كما حصل مع المبعدين السوريين. لكن العالمين يجزمون «وحده وليد جنبلاط يقرّر متى «يسمح» للآخرين بتضلليه...! 

المعركة ضد الأمن العام تأتي اذاً ضمن «البديهيات» الجنبلاطية التي تفرضها شروط المعركة. وإن كان «مرصد» المختارة يؤشّر الى مرور «عاصفة» محاسبة اللواء كأنها لم تكن. 

في المقابل، داخل مبنى المديرية في السوديكو ثمة ثوابت «مضادة». بعد عام تقريباً على توليه سدّة المسؤولية يبدو عباس ابراهيم راضياً عن الأداء. هذا ما ينقله مقرّبون منه. «بالقانون لا احد يستطيع أن يطال مديرية الأمن العام. هي بذلك لا تنتظر من يدافع عنها، لا من قبل 8 ولا 14 آذار، كونها تحت سقف القانون. على طاولة اللواء ملفات حسّاسة جداً تصيب في العمق، لكن المرجع الاول هو القضاء، وتطبيق القانون واجب حتى لو كان الثمن كبيراً. في قضية شادي المولوي استلم ابراهيم استنابة قضائية نفذها من دون إدارة ظهره لردات الفعل. وفي قضية المرحّلين لا غبار قانونياً وسياسياً على قراره. موقع الرجل يفرض عليه الانفتاح والتعاطي مع كل الأفرقاء السياسيين. اذاً «لا اعداء ولا حلفاء للمديرية». المقرّبون من ابراهيم ينقلون عنه «جئت لأرضي ضميري وليس لأرضي أي طرف سياسي او زعيم شارع أو زاروب».


Script executed in 0.18769097328186