أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

غضب طرابلس على أميركا: قتيل وهجوم على البابا

السبت 15 أيلول , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,155 زائر

غضب طرابلس على أميركا: قتيل وهجوم على البابا

كان كلّ شيء في طرابلس أمس يدلّ على أن الوضع في المدينة لن يمرّ على خير، وأن فترة ما بعد صلاة الجمعة ستشهد تظاهرات وتحركات احتجاجية، استنكاراً للفيلم الأميركي المسيء للنبي محمد، وهو ما اعتادت أن تشهده عاصمة الشمال دائماً في مناسبات كهذه. استفاق سكان طرابلس صباح أمس ليجدوا أن معظم صور البابا بنديكتوس السادس عشر التي رفعت في شوارع وساحات المدينة، ترحيباً بزيارته لبنان قد جرى تمزيقها وتشويهها بشكل متعمد، ما دفع من رفعوها إلى إزالتها بالكامل في وقت قصير. قبل ذلك بساعات، وتحديداً ليل الخميس ــ الجمعة، شهد خط التماس التقليدي على محور باب التبانة ــ جبل محسن، إشكالات متنقلة بين شبان من المنطقتين تراشقوا بالحجارة والزجاج لأكثر من ساعة ونصف الساعة، لأسباب لم تتضح، قبل أن يتدخل الجيش لفضّ النزاع وعدم استفحاله.

 

تبع ذلك إشكال آخر في محلة التربيعة في الأسواق القديمة، عندما أحرق محتجون علماً أميركياً كان يرفعه معارض للنظام السوري إلى جانب علم المعارضة السورية، وكاد الإشكال يتفاقم لولا تدخل فاعليات المنطقة والقوى الأمنية.

كذلك وقع خلاف عندما احتج شبّان من باب التبّانة على إزالة الجيش متراساً كانوا وضعوه في أحد الشوارع خلال الاشتباكات الأخيرة. هذا الأمر أثار المخاوف من أن تصدق الشائعات التي انتشرت في طرابلس عن أن المدينة ستشهد جولة جديدة من الاشتباكات أشد عنفاً، فور مغادرة البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان.

لكن من كانوا يُحضّرون لإعادة الفوضى لم ينتظروا، بل استغلّوا وجود البابا والانتقادات التي وُجّهت إليه من بعض الشخصيات الإسلامية التي طالبته بالاعتذار علناً عن تصريحات أدلى بها سابقاً اعتبروها مسيئة للإسلام والمسلمين. كذلك استغل هؤلاء الحملة على الفيلم الأميركي التي شنّها خطباء مساجد طرابلس خلال صلاة الجمعة، وخروج المصلين من المساجد وهم مشحونون غضباً، فنظم على الفور أكثر من تجمّع وتظاهرة خرجت من مناطق طرابلس الشعبية، وتحديداً من باب التبانة وباب الرمل والقبة وباب الحديد والأسواق القديمة.

لم تمضِ دقائق حتى كانت حشود من الشبان الغاضبين تتجمّع في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، التي وصلها مئات منهم على دراجات نارية، حاملين معهم العصي والأدوات الحادة، فضلاً عن رايات بعضها لـ«تنظيم القاعدة».

ووسط ما يشبه إعطاءهم كلمة السر، انطلقت الحشود صوب مطعمي «كنتكي» و«هارديز» المتجاورين وهي تهتف غاضبة ومهددة بالانتقام، مخترقة طوقاً حاولت عناصر من قوى الأمن الداخلي نصبه حول المطعم الأول، ومستبقة وضع القوى الأمنية أسلاكاً شائكة في محيطه. واقتحم الغاضبون المطعم وحطموا محتوياته، قبل ان يضرموا النار التي أتت عليه بالكامل.

ولم تفلح محاولات قوى الأمن الداخلي في ضبط الوضع، خصوصاً إطلاقها النار في الهواء لترهيب المتظاهرين وإبعادهم، إذ هاجم هؤلاء رجال الأمن وانهالوا عليهم بالحجارة والعصي والأدوات الحادة. وأسفرت المواجهة عن جرح ضابط و18 عنصراً من القوى الأمنية، وجرح عدد آخر من المواطنين، من بينهم محمد عيوش الذي كان ماراً صدفة في المكان، فأصابه طلق ناري أدى إلى وفاته على الفور، وجرى تشييعه لاحقاً في مسقط رأسه في بلدة مرياطة ــ قضاء زغرتا.

وازاء تدهور الوضع بهذا الشكل، تراجعت القوى الأمنية إلى محيط سرايا طرابلس قرب ساحة كرامي، فيما قطع المتظاهرون البولفار الرئيسي الممتد من السرايا إلى منطقة البحصاص عند مدخل طرابلس الجنوبي بمستوعبات النفايات التي أضرموا فيها النيران ورموها وسط البولفار، قبل أن يحرقوا العلمين الأميركي والإسرائيلي.

وأوضح مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» أن «الحشد الذي اقتحم المطعم كان كبيراً ولم نتوقعه، ولم يردعه إطلاقنا النار في الهواء».

وبينما حاولت القوى الأمنية العودة إلى المكان بمواكبة آليات الدّفاع المدني لاطفاء الحريق فيه، اصطدمت مرّة ثانية بالمتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة، ما أجبر هذه القوى على الانسحاب مرة ثانية إلى داخل السرايا وهي تطلق النار في الهواء بهدف إبعاد المتظاهرين عنها.

لكن المتظاهرين لاحقوا القوى الأمنية، وهم يكبّرون وينهالون بالشتائم على البابا وأميركا والنظام السوري والقوى الأمنية معاً. وحاولوا اقتحام السرايا إثر وصولهم إلى بابها الرئيسي وأخذوا يرشقون العناصر وآلياتهم وسياراتهم بالحجارة، ما دفع القوى الأمنية إلى إغلاق جميع مداخل السرايا والتمركز داخلها، وإطلاقهم النار أكثر من مرة فوق المتظاهرين الذين حاولوا مراراً اقتحام السرايا.

هذا الوضع غير المسبوق في محاصرة السرايا استمر قرابة ساعة من الزمن، قبل أن يتدخل الجيش بقوة ويفضّ الاشتباكات في محيط السرايا ويعيد الأمور إلى نصابها. كما انتشرت وحدات من الجيش في محيط المطاعم ذات الماركات الأميركية، التي خلت سريعاً من الزبائن قبل أن تقفل أبوابها خشية تعرضها لاعتداءات مشابهة.

 

«فتح الإسلام» في بلاد الشام ينعى قائده

 

نعت مواقع جهادية أمير «تنظيم فتح الإسلام» في بلاد الشام «أبو حسام الشامي» الذي «استُشهد أثناء قيامه بواجبه الجهادي». أثار خبر النعي ردود فعلٍ مشكّكة في صدقيته في الأوساط الأمنية، إلا أن مصادر جهادية أكّدت أن «الشهيد كان يتولى إمارة كتائب الخلافة فى الشام التابعة لتنظيم فتح الإسلام». وتناقلت المواقع الجهادية نبأ «استشهاد أمير تنظيم فتح الإسلام في بلاد الشام» منذ أيام. خبر مقتل الأمير ذُكر في بيان حمل توقيع تنظيم «فتح الإسلام»، القريب فكرياً من تنظيم القاعدة، كاشفاً أن «عبد العزيز الكوركلي» الملقّب بـ «أبي حسام الشامي» قُتل على طريق دمشق درعا.

وقع خبر مقتل الأمير كان مفاجئاً في الأروقة الأمنية، ولا سيما أنّ الأخير لم يكن معروفاً بالاسم ولا بالكنية لدى المتابعين للحركات السلفية. أُثيرت شكوك حول حقيقة الأمر، ولا سيما أن البحث عن الأخير لم يُثمر أي نتيجة، باستثناء وجود عدة تسجيلات صوتية، يُزعم أنها تعود له، كانت محمّلة على مواقع جهادية. أضف إلى ذلك، أن المواقع التي تولّت نشر نبأ النعي، لم تكن «موقع السحاب» أو «شبكة الفجر للإعلام» التي تعتمدها القاعدة لنشر بياناتها، والتي تُعدّ موثوقة يُعتدّ بها لدى الأوساط الإسلامية وغيرها. التشكيك في حقيقة الخبر، ردّته مصادر إسلامية مؤكدة أن «الشيخ أبو حسام الشامي» كان يتولّى قيادة تنظيم فتح الإسلام في بلاد الشام. ليس هذا فحسب، بل ذهبت إلى القول بأن هناك تنسيقاً بين عناصر «تنظيم فتح الإسلام» الموجودين في لبنان وأولئك في سوريا.

وكان بيان التنظيم، الذي نشرته شبكة «حنين»، التي تصف نفسها بالشبكة «الجهادية»، قد ذكر أن عبد العزيز الكوركلي «عمل بصمت، فلم يُسجل له صوت، ولم تؤخذ له صورة، وكان كثير الحرص على أمنه»، مشيراً إلى أن عبد العزيز الكوركلي قضى عن عمرٍ يناهز 40 عاماً. وتضمن البيان أن «شهيدنا رحل إلى ربه صابراً مرابطاً بعد اشتباك خلال كمين نصبته قوات النظام على طريق دمشق ــ درعا بعد أن اجتهد في الثبات».


Script executed in 0.181077003479