أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الطريق البحرية: أرتال أمنية ومستقبلون بالعشرات!

السبت 15 أيلول , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,955 زائر

الطريق البحرية: أرتال أمنية ومستقبلون بالعشرات!

عند الثالثة والنصف تماماً، كان الضيف المميز قد دخل مقرّ القاصد الرسولي ليستريح قليلاً قبل ساعتين ونصف ساعة من توقيع «الارشاد». مشاهد سريعة التقطتها عينا «رجل السلام»، في ساعات الزيارة الأولى، من خلف الزجاج الداكن للسيارة الرئاسية التي أقلته، وقد ارتفع على مقدمتها علم الكرسي الرسولي الأصفر. لمح البحر سريعاً، قبل أن يلامس سكون الجبل.من العلم الفاتيكاني عرفوه. تلك كانت الإشارة الوحيدة التي خرقت الموكب الضخم وسمحت لبعض راصديه على طول الطريق البحرية التي سلكها الضيف المميز، من التعرّف إلى السيارة التي أقّلته، لإلقاء تحيّة سريعة، ولو عن بُعد.بدا واضحاً، أنّ الإجراءات الأمنية كانت صارمة، وأكثر من احترازية، دفعت بالقوى المولجة تأمين الحماية للزيارة، إلى اعتماد الطريق البحرية بدلاً من الأوتوستراد الرئيسي الذي زيّن بالأعلام واللافتات الترحيبية، ليكون المسار البابوي من البوابة الجوية إلى «قصر الضيافة». عبرها الزائر الرسولي على عجل، حالت دون لقاء على الواقف بينه وبين منتظريه.عشرات الأشخاص، معظمهم من النسوة والأطفال تسللوا من بين الحواجز الأمنية التي ضربت طوقاً حول الطريق البحرية، وانتظروا قدوم البابا. لا شيء هناك يوحي بأّنّ الطريق ستشهد على تلك اللحظات التاريخية. لا لافتات ولا أعلام، ولا حتى صور. مجرّد حفر عولجت في الساعات الأخيرة... وأرتال من القوى الأمنية.عند الثالثة من بعد ظهر أمس، كان اللقاء عند مجمّع الـGeant. بعض موظفيه استغلوا الفرصة فخرجوا إلى النور. اختلط المستقبلون بحشد البذات العسكرية، من جيش وقوى أمن داخلي. شكّلوا صفّاً طويلاً، استظلوا فيء الجسر الاسمنتي الذي يصل منطقة الدورة بنهر الموت، وانتظروا.ها هي مروحية الجيش تقترب من المنطقة. ضجيجها بات أقوى. صارت تحلّق فوق رؤوس الحاضرين. إلتفاتة واضحة بأنّ الموكب صار على بعد أمتار من الموقع. فجأة هبّت الطيور البحرية وطارت أسراباً أسراباً... وكأنها تشارك بدورها في عرس الاستقبال.تجهّز السيّدة العراقية التي تسمّرت مع طفليها في مكانها لأكثر من نصف ساعة، هاتفها الخلوي. تريد صورة للعمر. «ممثل المسيح» سيكون على بعد خطوات منها. تقول لرفيقتها اللبنانية. «إنّها لحظات مميزة قد لا تتكرر في حياتنا»... تسأل سيدة أخرى وصلت مع صديقتيها، عن أسباب هذا الخجل في الاستقبال. تجيبها رفيقتها أنّ الدعوات للقاء البابا لم تشمل يوم الوصول. لا بدّ من انتظار يومي السبت والأحد.ثوانٍ ويطلّ الموكب. درّاجات بأبهى حلّتها، أولاً، ثم السيارات السوداء... ثوانٍ قليلة وينتهي المشهد. لقد عبر الرجل سريعاً. ما كادت الأيدي ترتفع حتى عادت إلى مكانها. وما كادت القلوب تخفق حتى استعادت نبضها. ما كاد الحلم يبدأ حتى استفاق الواقع.استقبال قياسي الزمن. قلّة لمحت رجل الثوب الأبيض يلوّح بيد أثقلها العمر. وكثر لم يعرفوا أين يبحثون عنه. يقفل من بعدها المستقبلون عائدين إلى بيوتهم لمتابعة الزيارة عبر المحطات التلفزيونية. مشهد زيارة البابا يوحنا بولس الثاني حاضر بقوة على الألسن. استقلّ الأول سيارته البيضاء المكشوفة في رحلته من المطار، فانتظره محبوه بكثافة، تجلى من خلال الحشود التي اصطفت على الطرقات لتحيي رجل الكنيسة الأول. فيما اللقاء مع سلفه مؤجّل إلى محطات أخرى منظمة سلفاً من جانب المعنيين. لا لقاءات عفوية ضخمة. ولا تجمعات غير منظّمة.الظروف السياسية بين العامين 1997 و2012 مختلفة كلياً. صحيح أن مسيحيي لبنان لم يستعيدوا «مجدهم»، ولكنهم استرجعوا بعض قادتهم. مع البابا يوحنا بولس الثاني، تأملوا بمخلّص ينتشلهم من إحباط تغلّب عليهم طويلاً. انتظروه بشغف، تناسوا خلافاتهم العتيقة، حمّلوه آمالهم، وصلوا مع صلواته. مع سلفه، نظروا إلى إرشاد رسولي وضع من أجل «وطنهم الرسالة»، وراحوا يبحثون عن «ثماره»...


Script executed in 0.19252991676331