أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بـري: وزيـر الخارجيـة غـرّد ولم يتفـرد

الخميس 20 أيلول , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,770 زائر

بـري: وزيـر الخارجيـة غـرّد ولم يتفـرد

مع تصاعد حدة الانقسامات الداخلية حول قانون الانتخاب، بدأ حابل المشاريع المتعارضة يختلط بنابل الحسابات المتضاربة، وسط تقاذف بالونات الاختبار بين الأطراف المعنية، ولاسيما المسيحية منها، فيما يبدو ان الجميع يفضل الاحتفاظ بأوراقه الحقيقية الى ربع الساعة الأخير من المفاوضات التي ستُستخدم فيها كل فنون المناورة السياسية. 

وفي ظل الكباش الحاصل بين مشروع الدوائر الصغرى ومشروع «اللقاء الارثوذكسي» وطرح الحكومة (13 دائرة وفق النسبية + دائرة اغترابية)، يواصل الرئيس نبيه بري ـ كلما سنحت الفرصة ـ «التبشير» باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، على اساس النسبية، برغم إدراكه ان هذا الطرح بعيد المنال في ظل المعطيات الراهنة. 

ويعتبر رئيس المجلس ان خلاص لبنان من الكثير من أزماته «يمكن ان يتحقق عبر الصيغة الانتخابية التي تجمع بين تحسين نسل التمثيل النيابي وتخفيف الاحتقان الطائفي»، مشيرا الى ان الخيار البديل عنها، والاقل سوءا من غيره، «يتمثل في صيغة الحكومة القائمة على اساس تقسيم لبنان الى 13دائرة، وفق النسبية».

وبينما تستمر المناورات الانتخابية في الساحة المسيحية، تحت غطاء من القنابل السياسية الدخانية، وفيما دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع العماد ميشال عون الى انتزاع تأييد حلفائه لمشروع «اللقاء الارثوذكسي»، وعندها سنتجاوب مع هذا الطرح.. يقول الرئيس بري في المقابل: «ليحصل مسيحيو 14 آذار أولا على دعم حلفائهم لمشروع «اللقاء الارثوذكسي»، وبعدها نتكلم على قاعدة لكل حادث حديث». 

ويلفت بري الانتباه الى ان المشروع الانتخابي الذي يطرحه «اللقاء الارثوذكسي» يتضمن بعض النقاط الايجابية مثل اعتماد النسبية وجعل لبنان دائرة واحدة، لكن مشكلته تكمن في انه ينص على ان ينتخب كل مذهب نوابه.

وإذا كان الخلاف على قانون الانتخاب يشكل مادة للانقسام الحاد، فان الفيلم المسيء للاسلام ساهم في جمع بعض ما فرقته السياسة، من خلال تلاقي معظم اللبنانيين على رفضه والتنديد به، وإن تكن «الحساسية المفرطة» لدى البعض حيال المقاومة قد جعلته لا «يهضم» تظاهرة الضاحية الجنوبية، وما رافقها من مواقف للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. 

وبري الذي نُصح من بعض المقربين بعدم مشاهدة الفيلم او مقتطفات منه، حتى لا يفقد السيطرة على أعصابه، يصف تظاهرة الضاحية الجنوبية قبل أيام بانها «كانت تظاهرة حضارية يُرفع الرأس بها، ويجب ان تكون قدوة»، لافتا الانتباه الى انه لم تتخللها ضربة كف واحدة أو أي حادثة على الرغم من ان المتظاهرين مروا بالقرب من مطاعم أميركية عدة.

ويشير بري الى ان الإهانة لا تستهدف الرسول والاسلام فقط، بل هي تطال كل الانبياء والأديان، كون الرسول كان خاتمة الانبياء، معربا عن تقديره لمشاركة رجال دين مسيحيين وسنّة في تظاهرة الضاحية، ومعتبرا ان هذا التنوع في الاحتجاج والاستنكار يشكل افضل رد على الفيلم الذي حاول إيجاد فتنة إسلامية ـ مسيحية.

ويلفت الانتباه الى ان الفيلم أعطى مفعولا معاكسا للنيات التي كان يضمرها أصحابه، بعدما جرى تحويله، بفضل وعي القيادات والجمهور، من مشروع انقسام وفتنة الى مناسبة لتأكيد الوحدة، سواء على المستوى السني ـ الشيعي او على المستوى الاسلامي ـ المسيحي.

ويستغرب بري «الغباء» الاميركي في التعاطي مع الفيلم والردود عليه، مشيرا الى انه لم يعثر على موقف واحد من واشنطن يساعد على احتواء حالة الغضب التي عمت العالمين العربي والاسلامي، في حين كان يُفترض بالادارة الاميركية ان تتصرف بطريقة مغايرة وان تتخذ اجراءات عاجلة وعملية لامتصاص النقمة ليس حرصا على مشاعرنا، وإنما حرصا على مصالحها بالدرجة الاولى.

ويلاحظ بري ان أميركا وأوروبا تلاحقان من يطرح مجرد علامات استفهام، حول «الهولوكوست»، بتهمة جاهزة هي معاداة السامية، كما ان الولايات المتحدة لا تزال تلاحق مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج حتى الآن بسبب كشفه عن وثائق هي في غالبيتها صحيحة، بينما لم تحرك ساكنا حيال فيلم هو في كل مضمونه كاذب. وأكثر من ذلك، هددت العائلة المالكة في بريطانيا برفع دعوى قضائية بسبب نشر صور فاضحة لأحد أفرادها في فرنسا، في حين لا يتحرك أحد في الغرب عندما يتعلق الأمر بالإساءة إلى الإسلام، وذلك بحجة احترام حرية التعبير. 

ويدعو بري الى تحرك منظم وهادف، داخل الولايات المتحدة وخارجها، عبر الضغط السياسي والقانوني والشعبي، لإيجاد الضوابط والأطر المناسبة التي من شأنها ان تحول دون تكرار الاعتداء على الاديان.

وإذ يبدي بري نوعا من خيبة الأمل حيال حجم التحرك الرسمي العربي في مواجهة الفيلم المهين ودلالاته، يتوقف عند مبادرة وزير الخارجية عدنان منصور الى الاتصال بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي للتباحث معه في إمكان عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية من اجل اتخاذ الموقف المناسب، مشيرا الى انه فعل الصواب، علما إنني، كما الآخرين، اطلعت على خطوته من خلال وسائل الإعلام.

وردا على الاتهام الذي وُجه الى منصور حول تفرده بالقرار، من دون العودة الى رئيسي الجمهورية والحكومة، يقول بري: وزير الخارجية غرّد ولم يتفرد، مضيفا: ما فعله لا يتعدى حدود التشاور مع نبيل العربي حول فكرة معينة، ولم يصل الامر الى حد اتخاذ القرار.

وينفي بري ان يكون الرئيس ميشال سليمان قد عاتب منصور بلهجة حادة، مؤكدا ان رئيس الجمهورية استوضح المسألة بلطف من وزير الخارجية، وأبلغه انه يؤيد مضمون تحركه، لكنه كان يتمنى عليه لو وضعه في الجو مسبقا.

ويستهجن بري الحملة التي شنها البعض على السيد نصرالله، في أعقاب تظاهرة الضاحية والخطاب الذي ألقاه خلالها، مستنتجا ان هناك من يزعجه كل ما ينطق به السيد نصرالله، فقط لانه يصدر عنه تحديدا، بمعزل عن مضمون كلامه، كما يبدو ان هناك من ضايقه النجاح في عدم الانزلاق الى الفتنة.


Script executed in 0.16925716400146