أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سـوق الصرفنـد ينافـس النبطيـة وصـور: حركـة ناشـطة تسـتقطب الجنوبييـن عشـية الأضحـى

السبت 20 تشرين الأول , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 17,803 زائر

سـوق الصرفنـد ينافـس النبطيـة وصـور: حركـة ناشـطة تسـتقطب الجنوبييـن عشـية الأضحـى

 ولم يكن سوق الصرفند معروفاً قبل موجة الانقسام السياسي والطائفي، التي عرفتها منطقة الجنوب مؤخراً، من صيدا والزهراني، مرورا بقرى وبلدات ساحل الزهراني، وصولا إلى كل منطقة صور، تحولت وجهة المواطنين الاقتصادية نحو ذلك السوق ما ساهم بزيادة الحركة وبزحمة السيارات والمواطنين، وخصوصا قبل المناسبات والأعياد. 

لم تقتصر أسباب التحول من سوق صيدا إلى سوق الصرفند على «الكنتونات الشعبية» ذات اللون المذهبي الواحد، بل إن ما يقدمه السوق من بضائع من حيث النوعية الوطنية أو المستوردة، ومن حيث الأسعار المقبولة للمواطنين في ظل موجة الغلاء، التي يشهدها الوطن ككل في جميع المجالات. السوق الذي «تجد فيه كل ما يخطر بالبال»، يقصده حسن حمود من بلدة كفرملكي، لشراء أكياس النايلون التي تحفظ عناقيد العنب من الحشرات، والتي لم يجدها في العديد من الصيدليات الزراعية في منطقته. كما يقصده أبو علي حرب من بلدة جبشيت حيث تختلف البضائع والأسعار بفارق كبير عن سوق النبطية، يقول «هيدا سوق شعبي، يلي عندو عيلة كبيرة، بيقدر يأمن تياب ولادو بالمواسم وقبل المدارس»، هكذا تتراوح أسعار الملابس بين خمسة آلاف ليرة وعشرين ألفا. ويتراوح سعر بنطال الجينز الرجالي، بين العشرة وخمسة عشر ألف ليرة. تلك الأسعار شكلت عنصرا تجاريا جاذبا لساكني المخيمات في منطقة صور، إضافة إلى ساكني ضواحي مدينة الصرفند. 

تتزاحم المحال التجارية قرب بعضها البعض، تختلط فلا تنظيم لها. هناك مطعم مشهور لا يمكن الدخول إليه لشدة الزحمة، انطلق من الصرفند، وتوسعت فروعه في المناطق»، كما يقول صاحبه. «اللقمة الطيبة رسمالنا، والأعباء الأخرى من كهرباء ومازوت وعمال، نتحملها مع أنها زادت في الفترة الأخيرة كثيرا، اضطررت إلى شراء مولد كهربائي، وخصوصا بعدما ألغى صاحب المولدات الخاصة الاشتراكات عن كل المحال في السوق، ولا يوجد بديل آخر عنه، معظم التجار اشتروا مولدات كهربائية صغيرة أو كبيرة بحجم مؤسساتهم، لأنه كان يتمقطع فينا عا مزاجو ساعة يجيبها وساعة يطفيها والزبون ما بيقدر يتحمل بهالشوب». 

محمد علاء الدين صاحب أحد محلات اللانجري والبياضات والألبسة الولادية، ترك محله من دون كهرباء،» لا دولة ولا اشتراك، ولا مولد، الوضع ما بيسمح، بدي صير زيد الأسعار على الزبون والزبون ما بيتحمل غلاء، الله يساعدنا ويساعد العالم»، نظرته التشاؤمية إلى حركة السوق، تناقضت مع علي خليفة صاحب أحد محال الألعاب الكبيرة والتي تتميز بالجودة والماركات المعروفة عالميا، والذي بدا محله كأنه يغرد في عالم آخر، وخصوصا أن المحلات الموجودة تتسم بالعشوائية والفوضى في عرض البضائع، أما محله فمرتب ومنظم ومصابيح الكهرباء وكاميرات المراقبة وأجهزة التكييف، كلها تعمل من دون انقطاع. يقول خليفة: «اشتريت مولد كهرباء بخمسة آلاف دولار، للبيت والمحل، من لديه مصلحة، يجب عليه أن يتكارم عليها. والشغل الحمد لله منيح وخصوصا في مواسم الأعياد». 

تتوزع المراوح الهوائية في زوايا محل موسى سليمان (من القرى السبع، يسكن في العاقبية). فقد ترك أسواقا وأتى إلى سوق الصرفند حيث الحركة التجارية أفضل بكثير، يبيع سليمان كل أنواع الفوبيجو، والإكسسوارات، جملة ومفرق. السوق أفضل من السنوات السابقة. ولفت إلى أن زبائن السوق «من كل المنطقة من الناقورة جنوبا، وصولاً إلى جباع شرق صيدا». ويرى أن الهم الأكبر هو «ارتفاع الإيجارات السريع، من مئة وخمسين دولاراً أميركياً للمحل، إلى ستمئة دولار أميركي شهرياً». 

قرب المتاجر الكبيرة، تجتمع محال شعبية، في الساحة العامة للسوق، فتتوزع محال الخضار، والملاحم مكشوفة للشارع، قرب محل للأحذية، وصيدلية زراعية، وصيدلية طبية، وعدة الصيادين، ومكتبة، محل ألعاب. ذلك التجمع بات محطة لسائقي الباصات الكبيرة من صيدا حتى صور. هناك يتباطأ السير، وتسمع الشتائم. الركاب يقفون إلى جانب الطريق، والطريق مغلق بسبب الباص، الذي ينتظر أماً وأولادها الخمسة، تجرهم معها إلى السوق. فاطمة تقول: «بيغيرو جو، وبشتريلون شوية ألعاب وتياب رخاص». أمامها بقليل، تتوزع المؤسسات والشركات الكبيرة، من غاليريات وشركات للأدوات المنزلية والسيراميك وأطقم المطابخ والحمامات، وصولاً إلى شركات المستلزمات الزراعية، وشركات تختص بمولدات الكهرباء. 

هي صورة متناقضة المكونات، بين سوق مواكب للتطوارات العالمية، وآخر وطني شعبي، قد يخفي بين طياته صراعاً طبقياً، بين رؤوس الأموال الكبيرة والشركات المساهمة من جهة، وملاذ رخيص يؤمن للفقير متابعة حياته بشكل مقبول من جهة أخرى. 

 

Script executed in 0.18876099586487