أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صيد المطوق ينعش تجارة البقاع

السبت 10 تشرين الثاني , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,038 زائر

صيد المطوق ينعش تجارة البقاع

«إنشا الله بيستمر صيد المطوق فترة أطول حتى نسترزقلنا شوي». تقول أم حسن عبارتها وهي تمسح بأصابعها الزعتر البلدي على العجينة الدائرية، لتلصقها بواسطة «الكارة» على جدار التنور. السيدة الأربعينية، التي تدير تنوراً على طريق شعث تحاول جاهدة، وبعجلة لافتة أن تنجز طلبات زبائنها من الصيادين المنتظرين. هؤلاء انهمكوا في الحديث عن مهارتهم في الصيد، وحجم غلّتهم في غضون أقل من ساعتين من بزوغ الفجر، في حين وقف البعض الآخر قبالة التنور ينعم بشيء من الدفء، ويرقب طريقة إنجاز الترويقة البعلبكية الشهية.

«الله يديم هالعجقة اللي افتقدناها من زمان» تقول السيدة، مشيرة إلى أن عودة الصيادين «أعادت الحياة إلى المنطقة». فقد كانت بعض المحلات التجارية تعاني من الخسائر منذ أشهر، نظراً إلى حالة الركود التي تشهدها الطريق الدولية شبه الخالية، إذ تعتمد المنطقة بشكل أساسي على حركة طريق بعلبك ــ حمص الدولية، من محلات تجارية ومطاعم وأخرى لبيع الخرطوش. وقد شهدت منذ تصاعد الأحداث السورية والاشتباكات المتكرّرة في محلة مشاريع القاع الحدودية، وإقفال معبر جوسيه الحدودي (الأمانة)، انعداماً في الحركة التجارية والاقتصادية، الأمر الذي دفع بعض أصحاب المال والمصالح التجارية المختلفة إلى إقفال أبوابها.

لكن المطوق، ذلك الطائر المهاجر الذي تجذب رفوفه الصيادين من مختلف المناطق اللبنانية، أعاد شيئاً من تلك الحركة التي افتقدها البقاع الشمالي. ففي سهول البلدات وسفوحها ينتشر الصيادون بالمئات، حتى أن بعضهم افترش مع أفراد عائلته جنبات الطريق الدولية في رأس بعلبك والقاع ومدخل الهرمل، ليمارس شغفه بإسقاط مطوقة هنا، أو زرزور هناك. وقد بدا لافتاً أن اليوم بعضهم كان موفقاً، كما حال «هاروت» الذي اعتبر أن يومه لا بأس به، مع 72 مطوقة مقارنة مع اليوم الذي سبق أن كانت حصيلته 48 مطوقة.

نتوغل أكثر باتجاه بلدة القاع لنلحظ ملامح الفرح أكثر وضوحاً على وجوه أبنائها. كيف لا، وهي البلدة النائية والبعيدة عن حركة جاراتها، واعتمادها الرئيسي يتمحور حول حركة العبور على المعبر الشرعي مع سوريا (جوسيه). ومع إقفال المعبر انعدمت الحركة التجارية في البلدة واقتصرت على الأهالي. يشير رئيس البلدية ميلاد رزق إلى إقفال عدد كبير من المطاعم الصغيرة والمحلات التجارية والصيرفة وكذلك مكاتب التأمين الإلزامي. الضرر الذي لحق بالبلدة لم يكن ناتجاً من إقفال المعبر الحدودي فقط، وإنما أيضاً بسبب «النظرة الخاطئة وعدم معرفة جغرافيا المنطقة لدى البعض»، شارحاً أن الأحداث والاشتباكات التي تحصل بين المجموعات المسلحة والجيش السوري في كثير من الأحيان في محلة مشاريع القاع المحاذية للحدود اللبنانية ــ السورية بعيدة مسافة 11 كيلومتراً عن القاع والسهل المخصص للصيد وشاليهات الصيادين. وأكد رزق أن القاع تتمتع بمساحة عقارية واسعة تبدأ برأس بعلبك وتصل إلى الحدود السورية، وأن محلة مشاريع القاع ليست سوى جزء منها خاص بالمشاريع الزراعية.

من جهة ثانية لفت رزق إلى أن موسم صيد المطوق الذي انطلق منذ أسبوعين تقريباً أعاد تنشيط الحركة التجارية في البلدة، حتى أنه دفع البعض إلى إعادة فتح محلاتهم التي كانوا قد أقفلوها منذ اشهر ومنها الخاصة ببيع خرطوش الصيد، موضحاً أن الموسم لا زال في بدايته وأن حركة الصيادين لم تتعدّ بعد نسبة 50% بالمقارنة مع أيام مواسم الصيد السابقة، داعياً الصيادين من مختلف المناطق اللبنانية إلى زيارة القاع والاستمتاع بموسم الصيد.

أما بالنسبة إلى أصحاب محلات بيع خرطوش الصيد فقد أكدوا ارتفاع نسبة المبيعات في غضون أقلّ من ثلاثة أسابيع بالنظر إلى ارتفاع عدد الصيادين ووجود المطوق بكثافة. وهذا ما دفع بالصيادين إلى الحضور، ليس فقط في عطلة نهاية الأسبوع، بل على مدار الأسبوع.

في المقابل، دعت «الحركة البيئيّة اللبنانيّة» في بيان الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها لجهة تطبيق قانون الصّيد البرّي (580/2004).


Script executed in 0.18179106712341