أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

معركة حاسمة تلوح في أفق دمشق .. أم كمين؟

الجمعة 30 تشرين الثاني , 2012 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,340 زائر

معركة حاسمة تلوح في أفق دمشق .. أم كمين؟

عملية استباقية للجيش السوري حول دمشق أم استعجال للمعركة التي يجري التحضير لها، من قبل المعارضة والنظام على السواء؟ 

إنها محاولة استباق هجوم لـ«الجيش السوري الحرّ» على العاصمة، هكذا يرى مقربون من الأخير في باريس. المعركة التي دارت أمس في منطقة قريبة من طريق مطار دمشق الإستراتيجي، وفي بلدات حران العواميد وحجيرة وعقربا، تظهر مؤشرات مهمة على اقتناع الطرفين بأن المعركة حول دمشق تلوح في الأفق. 

وعزّز فرضية اقتراب الصراع من دمشق، ما حصل من إغلاق للطريق إلى مطار دمشق الدولي أمس، والذي سرعان ما أعلنت السلطات السورية إعادة فتحه مشيرة إلى أنه بات «آمناً» بالكامل. وكانت وزارة الإعلام السورية ذكرت أن «الطريق الى مطار دمشق الدولي آمن بعد اعتداءات من مجموعة إرهابية مسلحة على السيارات العابرة وتدخل الجهات المختصة»، وذلك بعد ساعات من إعلان مصر ودولة الإمارات تعليق الرحلات الجوية إلى مطار دمشق بسبب الوضع الأمني. 

وبالعودة إلى جبهتي الصراع، فعلى جبهة المعارضة، أظهرت الصواريخ المضادة للطائرات عنصراً جديداً في عملية تعديل ميزان القوى المستمر لمصلحة المعارضة. تلك الصواريخ، تسمح للمعارضة المسلحة بالرهان على تحييد جزء كبير من الطيران الحربي السوري، الذي يلحق خسائر كبيرة بوحداتها التي تحتشد حول العاصمة وفي ريف دمشق. 

ويقدّر أحد المعارضين القريبين من «الجيش الحر» عدد المقاتلين الذين توغلوا في ريف دمشق بما يقارب 40 ألف مقاتل، يملكون مخزوناً كبيراً من الأسلحة والذخائر، ويظهرون قدرة على القتال لفترة طويلة بفضل خطوط إمداد آمنة على الرغم من قصف الطيران، وهو ما يرجح بأن يتيح نهاية مختلفة لمعركة دمشق الثانية. 

وكانت وحدات «الجيش الحر» قد انسحبت قبل أشهر أمام هجوم مضاد وواسع قامت به الوحدات النظامية، بسبب افتقادها كما قالت آنذاك إلى طرق إمداد آمنة وأسلحة وذخائر كافية. وبحسب مصدر سوري موثوق، فإن وحدات من «الجيش الحر» تخلّت عن مواقع لها في منطقة حوران وتوجهت للقتال في مناطق ريف دمشق. ويضيف تضخّم العديد مؤشراً ثانياً على اتجاه المعارضة المسلحة لخوض معركة دمشق واعتبارها أولوية في هجومها على الجيش السوري، واستدراج وحدات النخبة الموالية له المتمركزة حول دمشق إلى ساحات القتال. 

في المقابل، يشير تعميم داخلي في بعض وحدات «الجيش الحر» بريبة إلى التقدم السريع الذي أحرزته وحداته في منطقة ريف دمشق. ويحذر التعميم من احتمال أن يكون الجيش السوري قد تراجع في بعض المناطق حول مطار دمشق وفي الريف وأخلاها، بهدف استدراج وحدات «الجيش الحر» إلى معركة غير متكافئة، فضلاً عن القضاء على المجموعات التي يقوم بإرسالها إلى المنطقة لفرض حصار على المدينة والاستيلاء على الطرق الاستراتيجية المؤدية إلى المطار، أو تلك التي تربط دمشق ببيروت. 

ويقدّم التعميم سيناريو لكمين كبير قد يكون نصبه النظام السوري للمعارضة المسلحة لإيهامها بأنه لم يعد قادراً على المواجهة، قبل الانقضاض على وحداتها. 

ويعزّز مثل هذا السيناريو، الحماس الذي يبديه النظام، بحسب خبراء في العاصمة السورية، وهو مماثل لحماس المعارضة لخوض معركة دمشق، وتحقيق انتصار عسكري واسع في ريفها ومنع اختراق دفاعاته. وتوجد مؤشرات عديدة على الأرض تدل على أن الجيش السوري يعمل منذ أشهر على تحويل ريف دمشق إلى مصيدة لـ«الجيش الحر». فخلال الأشهر الماضية، تقدمت استراتيجية تحطيم البيئة الحاضنة لـ«الجيش الحر» بشكل واسع. وبات واضحاً أن معظم بلدات الغوطة الشرقية ومدنها الممتدة من دير العصافير حتى حرستا أصبحت مدناً مهجورة. وتتمركز في المنطقة وحدات النخبة من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، وقد تحولت معظم البلدات القريبة من العاصمة وحزامها الشرقي إلى ساحة قتال يمكن المناورة فيها بحرية أكبر ومن دون عائق «مدني». 

وتُعدّ حرية المناورة من دون عوائق مدنية ضرورة لجيش كلاسيكي من طراز الجيش السوري في مواجهة مجموعات تخوض حرب عصابات فعالة ضده وتتمتع بخزان من المقاتلين لا ينضب، رغم الخسائر الكبيرة التي ألحقها به القصف المدفعي والطيران. 

ويمكن إضافة اللجوء الكثيف إلى الطيران إلى لائحة مؤشرات تدل على تصميم النظام على استخدام كل ما يملك من أسلحة، من دون أن يغيّر ظهور الصواريخ المضادة للطائرات شيئاً في المعادلة القائمة بنظره. وتقول معلومات إن الجيش السوري لا يعتقد أن المعارضة المسلحة تملك أكثر من 50 صاروخ «أرض - جو» استخدمت منها 12 صاروخاً حتى الآن، وإن معظمها تملكها مجموعات تعمل في الشمال السوري بشكل خاص بعيداً عن العاصمة. 

وقد يلجأ الجيش السوري للحفاظ على قدرته للقصف بالطائرات إلى الاستغناء عن «الميغ 21» و«الميغ 23» التي فُقد بعضها في المعارك واستخدام طائرات من طراز «ميغ 25» و«ميغ 30» التي يمكنها التحليق عالياً، بعيداً عن مرمى الصواريخ التي زوّد القطريون بها المعارضة. وكانت قطر قامت بتزويد المعارضة السورية المسلحة بهذه الصواريخ منذ أشهر، إلا أن قرار استخدامها الذي اتخذ منذ أيام كان قراراً سياسياً يدل على احتدام السباق نحو هدفين: إسقاط الشمال السوري بأسرع وقت ممكن، وتحويله إلى منطقة آمنة في ظلّ حكومة مؤقتة، فضلاً عن تشديد الضغط على دمشق وريفها. 

ويبدي مقربون من النظام رباطة جأش تتناقض مع اقتراب المعارضة المسلحة من أبواب العاصمة، حيث لا يخشى النظام من نقص العديد. وهذا ما يؤكده مصدر من دمشق، مشيراً إلى أنه خلال الأشهر الماضية عاد الآلاف من الجنود والضباط من إيران وروسيا بعد أن تلقوا تدريبات على «حرب العصابات».. كما أن عمليات الانشقاق التي واجهها في البداية تقلصت بشكل واضح، فضلاً عن لجوء الجيش إلى استخدام الفرق التي كان يتردّد في زجها في المعارك خوفاً من انشقاقها، بعد أن باتت أكثر استعداداً لخوض القتال. 

ويعزو الخبراء تغير المزاج العسكري للسنة في الجيش بشكل خاص إلى تطور دور الإسلاميين في قلب المعارضة المسلحة، والخوف من وصولهم إلى السلطة. وعملت صور عمليات الإعدام التي تعرّض لها الجنود والضباط من دون أي تمييز في انتمائهم الطائفي على حسم أمر المترددين في القتال. 

ويقول مقربون إن عدم دخول «الفرقة الثالثة» ساحة القتال بعد، ليس خوفاً من أي انشقاق، إلا أن الفرقة تلقت تدريبات على حرب العصابات في الأشهر الأخيرة وتتمتع بتشكيلات قتالية عالية التسليح، وهي حالياً في موقع الاحتياط بانتظار معارك مقبلة. 

الابراهيمي 

ولم يقدم (ا ف ب، رويترز، ا ب) المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، أمس، جديداً على ما كان أعلنه سابقا. وقال، في مؤتمر صحافي في نيويورك بعد تقديمه ملخصا لمجلس الأمن حول جهوده لحل الأزمة السورية، «تحداني البعض لتقديم خطة. اعتقد أن الجميع يعرف الآن عناصر الخطة، لكن لا يمكن تطبيقها إلا إذا اتحد هذا المجلس وكان جاهزا لتبني قرار سيكون الأساس لحل سياسي» في سوريا. 

وقال، ردا على سؤال عن احتمال تغيير النظام السوري بهدف إنهاء النزاع، «من الواضح جداً أن الشعب السوري يريد التغيير، (يريد) تغييراً حقيقياً لا تغييراً مصطنعاً». وأضاف إن «سوريا الجديدة لن تشبه سوريا الحالية»، متحدثاً عن «تطور نحو سوريا جديدة»، مؤكداً أن «السوريين أنفسهم سيحددون ماهية النظام الذي يريدونه». 

واعتبر أن «المكان الوحيد الذي يمكن أن يبدأ فيه عمل سياسي ناجح هو مجلس الأمن»، مضيفاً «طلبت من أعضاء مجلس الأمن أن يستأنفوا محادثاتهم وبحثهم عن اتفاق. وبيان جنيف يمكن أن يكون أساساً صالحاً لذلك، من أجل أن يكون هناك قرار جديد من مجلس الأمن يؤدي إلى الحل السلمي الذي نتمناه، والذي سوريا في أمس الحاجة إليه». 

وأضاف «ما أعتقد أنه سيكون في هذا القرار هو عملية تمّ وصفها بشكل عام في جنيف، تبدأ بهيئة انتقالية حاكمة، كما أطلقوا عليها، ذات سلطات تنفيذية كاملة، وتنتهي بانتخابات، وأشياء كثيرة تحدث في ما بين ذلك. ولا شك في أن هناك حاجة ماسة جداً جداً لوقف لإطلاق النار يمكن أن يستمر». ولفت إلى أنه «من واقع تجربة الجامعة العربية وبعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا، والتجربة القصيرة لوقف إطلاق النار الذي دعا إليه، فإن أي وقف إطلاق النار لن يستمر ما لم تتم مراقبته بقوة. وهذا في اعتقادي يتطلب بعثة حفظ سلام». 

وعن دور محتمل للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية حتى انتخابات العام 2014، قال الإبراهيمي إن «الحديث يجري عن الأسد كما لو كان هو المشكلة الوحيدة أو الحل الوحيد للأزمة السورية». وأضاف إن «الشعب السوري أهم بكثير جداً من هذا كله، وكلام جنيف يتحدث عن حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، ثم تنتهي إلى انتخابات. وإما برلمان، إذا كان نظاماً برلمانياً، أو رئيس جديد». 

ونقلت مصادر مطلعة أن الابراهيمي رسم صورة قاتمة للأوضاع، حيث تشهد الازمة تدهوراً، مضيفة انه يعتبر ان الاولوية يجب أن تكون كيفية الحفاظ على مؤسسات الدولة لمنعها من الانهيار حتى لا نصل الى مرحلة شبيهة بالعراق. 


Script executed in 0.16689109802246