من تلك المناطق اللبنانية النائية البعيدة بنت جبيل عاصمة المنطقة الحدودية الجنوبية التي تفاخر بتاريخها السياسي وتراثها المعماري قبل أن يحيق الدمار التام نتيجة الحرب الاسرائيلية على لبنان في صيف عام 2006 .
في تلك المدينة المتوسطة ، بنت جبيل ، التي شهدت الكثير من موجات الهجرة إلى ضواحي العاصمة وكذلك السفر إلى إفريقيا أو المغامرات المحدودة إلى أميركا قبل السبعينات سعياً وراء فرص العمل، ولد جهاد مصطفى مثلنا من أبوين متواضعين وعاش سنواته الأولى حتى مطلع شبابه فرداً في عائلة كبيرة يبلغ تعدادها أربعة عشر فرداً إلى جانب الوالدين علي ذيب مصطفى ( الوالد ) والسيدة رنجس بيضون ( الوالدة ) ضمت العائلة من البنات : فدوات ، زينات ، نوال ، إلهام، غادة ، وفاء ، والشباب : محمد ، حسين ، نور الدين ، غسان ، المرحوم نبيل، جهاد.
كان الوالد تاجراً لمواد البناء في منطقة تدفع على الموسم أي بانتظار أن تقوم الدولة بشكل خاص بشراء موسم التبغ الذي تحتكره شركة الريجي أو أن تتمكن العائلة من بيع ما يفيض عن حاجاتها من موسمها الزراعي ( الزيتون والزيت وتين الشريحة وخلافه ) حيث أن سكان تلك المنطقة كانوا باستثناء قلة من الموظفين أو بعض الذين رمى بهم الوطن إلى قارعة العالم كمغتربين كان مقيماً على " حد السكين " كانوا يعيشون على الزراعة في منطقة لا تصلها مياه الشفة فكيف ري الأراضي الزراعية ؟ !.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن تلك المنطقة الحدودية ، ومن ضمنها بنت جبيل التي عاشت منذ عام 1948 وحتى العام 1969 تحت قانون الطوارىء الذي حكمت الدولية به تلك المنطقة تحت ستار الحفاظ على الهدوء في المنطقة الحدودية الجنوبية .
وفي أواخر الستينات، دخلت تلك المنطقة عملياً دائرة النار ، رسمياً بسبب اتفاق القاهرة وسياسياً بسبب تحولها إلى قاعدة ارتكاز لمقاتلي الفصائل الفلسطينية .
وهكذا أضيف الأمن والأمان كسبب جديد لحالة القلق على المصير الذي كان يعيشه السكان بسبب الضيق وقلة الموارد حتى إن بنت جبيل وليلة رأس السنة للعام الميلادي 1970 وبدل أن يتمكن الناس في بنت جبيل والجوار المسيحي من الإحتفال بالمناسبة واطلاق المفرقعات شهدت أعتى عملية قصف إسرائيلية لأحيائها مما أدى إلى سقوط سبعة مدنيين جلهم من النساء .
كانت هذه الليلة بمناسبة الإعلان الرسمي لبدء الأهالي بالنزوح بدل الهجرة وأصبحت بنت جبيل شبه خالية تقريباً واستمر الوضع على ما هو عليه إلى الآن لأن الناس قد استقروا في مهاجرهم البعيدة والقريبة خصوصاً في ديربورن – ديترويت في الولايات المتحدة الأميركية حيث هاجر ما يزيد على خمس وستين بالمئة من السكان .
وكانت الولايات المتحدة الأميركية فتحت في مطالع السبعينيات من القرن الماضي أبواب الهجرة إليها وبدأ الناس يأخذون بأيدي بعضهم بعضاً إلى ديتريوت في الولايات المتحدة الأميركية حيث تشكلت بنت جبيل جديدة .
لم يكن بإمكان علي ذيب مصطفى وزوجته رنجس علي بيضون أن يحملا عائلة مؤلفة من أربعة عشر فرداً بأسنانهما ( على غرار القطط عندما تستشعر بالخطر ) وان يغادرا إلى الولايات المتحدة وأصبحت الخيارات مفتوحة أمام الأبناء من أجل المغامرة.
هكذا حمل جهاد نفسه إلى الولايات المتحدة الأميركية ولكنه بدل أن يتوجه إلى مطار ديترويت كما فعل أبناء بنت جبيل الآخرون توجه إلى مطار ( جون اوف كندي ) حيث لم يكن ينتظره أحد وحيث لا أعرف إذا كان أحد من إخوته أو إخواته قد سبقه إلى هناك ولا أين كان يذهب ؟
بالتتابع هاجر إخوته سمعنا أن أخاه نبيل قد قضى في حادث مؤسف في ديترويت وأقمنا مراسم العزاء في بنت جبيل ثم ذاب بقية الإخوة في المهجر ولم نعد نعرف شيئاً حتى إن (حسين ) الذي كان مقيماً في " الحواكير " أصبح طائراً موسمياً محلقاً فوق المحيطات بين الولايات المتحدة واستراليا .
نحن غلبت ذاكرتنا الأحداث ، نسينا جهاد تماماً ربما بقي حسين الوحيد من العائلة عالقاً في ذاكرتنا بسبب شقاوته ولأنّه كان على كل لسان في البلدة متهماً بريئاً بكل ما يحصل في البلدة من شرور وطرائف .
عندما توفي الوالد علي ذيب مصطفى عام 2000 كانت العائلة قد أصبحت تماماً خارج الذاكرة البلدية ، كان أفراد العائلة قد امتصتهم الغربة سوى بعض الأخوات المقيمات في لبنان والوالدة السيدة رنجس بيضون التي كانت ما ان تغيب برجليها في الغربة حتى تطل برأسها عائدة إلى لبنان مقيمة بين مدينة صور وبنت جبيل ربما لأنها كانت تعتقد أن روحها معلقة تهيم في المكان وهي كانت سرعان ما تعود لالتقاط أنفاسها .
عام 2006 سمعت لأول مرة من حسين باسم الدكتور جهاد وأنه يريد أن يبني له " فيلا " في البلدة لم أعلق .. كان حسين كثير المشاريع يأمل كثيراً ويحلم وغالباً ما يفسر أحلامه .
ثم أعاد حسين تكرار اسم جهاد أكثر من مرة واستوقفني أنه كان يزيد جملة من هنا أو من هناك وكأنه يجمع أوراق كتاب من على شجر المواسم .
مرة جاء جهاد إلى بنت جبيل بعد العام 2006 تعرفت إليه شخصياً شاباً ناضجاً بأفكار غير معلنة .. كان يحب بنت جبيل على محبته لأمه .
عام 2012 توفيت الوالدة، جاء الشباب من أبعد أصقاع الأرض من أميركا واستراليا وجاءت الأخوات من أصقاع الوطن من البقاع وصور واجتمعت العائلة في بنت جبيل في دار العائلة على حزن وفراغ كبير تركته الوالدة .
من جهتي كنت شديد الخوف من أن تتحلل العائلة من التزامها بالبلدة .
في هذه اللحظة أتيحت لي الفرصة لأن أتعرف أكثر و أكثر إلى جهاد .. إلى د. جهاد .. إلى البروفسور والمخترع .
لم أحتمل أن أعرف وحدي كل الإبداع والموهبة والتقدم العلمي والطبي الذي أطلعت وقصدت رئيس مجلس النواب نبيه برّي وأطلعته على سر جهاد فطلب التعرف إليه .
كان جهاد يسير رجلاً إلى الأمام ورجلاً إلى الوراء خلف حسين ود. قاسم مصطفى ونحن ندخل قاعة الإستقبال عند الرئيس برّي قلت باختصار : هذا الدكتور جهاد مصطفى .. لدية 38 اختراع هو أوقف قطع الأطراف وبإمكانه زراعة خلايا على عضلات القلب الميتة أحسست أنني أقول أشياء علمية متخيلة .
سألني الرئيس برّي ولماذا إلى الآن لا نعرفه في لبنان وفي الوطن ؟
قلت : الغربة .. الغربة يا دولة الرئيس في " بو " في سيراليون وأنا أيضاً في ليبيريا لولا أن كلمة من معلقات الشعر العربي بقيت واقفة في سقف حلقي وكذلك أنت .
قال له الرئيس برّي : نحن ننتظرك في لبنان لتكريمك .
في قاعة الإستقبال ذاتها كان وزير الصحة الدكتور محمد خليفة الذي له أيضاً أياد بيضاء على الطب لم أعرف كيف قدم له جهاد بطريقة علمية .. تركت جهاد يسبقني إليه .
في شهر أيلول ( سبتمبر ) من العام 2012 زرت الولايات المتحدة كنت آخذ بيد ابني حسان في مغامرة إلى بلد الفرص على أمل أن نجد في بنت جبيل هناك ( دير بورن ) عروساً للشاب .
أردت أن يجيب حسان على سؤال سيبقى يحيرني : من على صواب رفاقي الذين غادروا بنت جبيل إلى أصقاعة العالم أم أنا الذي أحببت المكان إلى حد التعفن ؟
المهم أن حسان أكمل فرحي في بنت جبيل الجديدة والمفاجىء ان الدكتور جهاد هو الذي أهداه خاتم الخطوبة و استدعاني الى عيادته في مستشفى Metro Heart & Vascular التي تبعد نحو ساعتين ونصف عن ديربورن وهو المستشفى الذي يقصده أشخاص على جانب من الأهمية ( Vip) وهناك رأينا بأم العين مكتباً للأبحاث ومركزاً للدراسات على اسم جهاد مصطفى وعيادة يشرف من خلالها على مرضاه .
وحدي ربما من بين كل مرضاه أخضعني لعناية خاصة ووقف على يد الممرضات وهن ينصبن لي أفخاخاً من الأسلاك والأشرطة ويقمن بالفحوصات للشرايين.
أعاد د. جهاد مصطفى لي ثقتي بشراييني .
أعاد لي الثقة بأنّ بإمكاني أن أحلم بانجاز كتب جديدة عن أفكار أكبر من الدول وعن شخصيات مبتكرة أكبر من سياسات مالية وأيضاً صحية .
منحني د. جهاد مصطفى التعرف إلى منزله الجديد الذي كان وما زال قيد الإعداد .
كان منزلاً مقيماً وسط أشجار باسقة يطل على غرار من المياه العابرة وعلى حديقة مجللة بالإخضرار .
تطلعت أنا وحسين وتمنينا لو أننا نقيم حراساً على الطبيعة حيث تعامل الأشجار والطيور والحيوانات باحترام كما الناس وفقاً للقوانين .
غادرت الولايات المتحدة وما زال د. جهاد على لساني أينما حللت فقد أصبح عندنا من نفخر بالحديث عنه من الأحباء فنحن كنا نكتفي بالشهداء .
1- جهاد مصطفى (44 عاما) مدير قسم عمليات القسطرة ( التمييل ) و الأبحاث في مستشفى متروهيلث معروف باسم " منقذ الساق "
مبدع و ذو فكر متقدم الى أبعد حدّ و ثمة جانب هندسي و فيزيائي في ابتكاراته الطيبة لما يقول د.وليام بايير المسؤول الطبي و المدير التنفيذي ل VAN ANDEL RESEARCH INSTITUTE/CLINXUSK
2- ولد في بلدة بنت جبيل جنوب لبنان
3 - انتقل الى نيويورك حيث تعلم اللغة الانجليزية
4 - تسجل في WAYNE COUNTY COMMUNITY GOLLEGE
5 - التحق في جامعة سانت ماري عام 1997 حيث أنهى تخصصه.
6 - تزوج عام 1996 ورزق بثلاثة اولاد.
7 - حائز على اجازة الدكتوراه في الطب الداخلي في مستشفى بكتروم هيلت و أكمل تخصصه في أمراض القلب و الشرايين في جامعة ولاية لوزيانا في نيوأورلينز
9 - حائز على رخصة و شهادة الولايات المتحدة في الطب االداخلي و أمراض القلب و القسطرة.
10 - شريك مزاول في مستشفى متروهيلث في ولاية و يومينغ - ميشيغن حيث يشغل منصب مدير المختبرات المختصة بالأوعية و الشرايين و مدير الأبحاث ذات الصلة بالقلب و الشرائيين.
11 - أستاذ مساعد متطوع في جامعة ميشيغان .
12 - محاضر في المؤتمرات الدولية.
13 - أحال 38 براءة اختراع لأجهزة طبية قام بابتكارها، منها: WIRE CADDY سلك كادي، و STEALTH CHRONIC TOTAL OCCLUSION DEVICE ( جهاز يدخل الى الشرايين و يعالج الانسداد المزمن فيها).
PERIPHERAL INTERVENTION SHEATH ( غلاف يعالج الانسداد في محيط مركز الاوتار العصبية ).
PERIPHERAL ASPIRATION DEVICE ( جهاز يسحب الدم أو الصديد من الشرايين).
MANUAL COMPRESSION DEVICE (جهاز ضغط يدوي).
PERIPHERAL MANIFOLD (جهاز متعدد الوظائف يعالج الأوتار العصبية).
مخترع شريك لجهاز ALMEDIA MACKEY PHLEBECTOMY .
و هو مؤسس شركة ابتكارات نبيل NABIL INNOVATION و مؤسس شريك لشركة تصنع الأجهزة ذات الصلة بالأوعية الدموية VDP.
http://vasculardevicepartners.com/CV_Mustapha.pdf