على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، نشر محمد دباجة (29 عاماً) صوراً لطفلته زهراء، البالغة من العمر ثلاث سنوات، والتي تعاني من إعاقة في رِجلها اليسرى منذ ولادتها. وتحت الصور، كتب كلمات صغيرته الموجعة: «يا رب أنت الباري الذي خلقتني، وأنت الحق الذي تأخذ حقي من الذين خذلوني وحكموا علي أن أبقى جليسة الأرض من فريق برنامج نحنا لبعض».
لم يكن الوالد «المفجوع» بابنته ينوي فضح ألم يعيشه منذ 3 سنوات، ولكن «بشاعة ما قام به البرنامج» دفعته إلى هذا الأمر، يقول دباجة. بشاعة ولّدت «قصّة جديدة من الألم، إذ حرمت ابنتي من فرصة المشي مجدداً وعرّضتها لنكسة إضافية». يروي الرجل قصته التي بدأت عندما شارك وابنته في برنامج «نحنا لبعض» الذي يعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال. خرج يومها إلى العلن، محرجاً ومضطراً، بعدما اكتشف أن عملية ابنته ستكلفه أموالاً طائلة.
يستعيد دباجة حكاية ابنته التي أوصلته إلى البرنامج. يقول: «عندما ولدت طفلتي زهراء، كانت رجلها اليسرى قصيرة جداً وملتصقة بوركها». يومها «استشرت عدداً من الأطباء اللبنانيين، إلى أن تعرّفت إلى أحد أطباء مستشفى أوتيل ديو المشهورين ووعدني بأنه يستطيع إجراء عدة عمليات متباعدة لإطالة رجل ابنتي، لكن الأمر يكلّف أموالاً طائلة وأنا موظف براتب قليل».
مع ذلك، حاول الأب البحث عن مصادر مالية لإنقاذ ابنته، لكنه لم يفلح، إلى أن قرّر مرغماً اللجوء إلى برنامج تلفزيوني «معروف يدعى نحنا لبعض على أل. بي. سي».
في 28 آب 2011، بثّت قصة زهراء «بحضوري أنا ووالدتها، وقد تم الاتصال في حينها بطبيب الطفلة، وأعلنت مقدّمة البرنامج أن العمليات اللازمة تحتاج إلى 40 ألف دولار أميركي، استناداً لرأي الطبيب»، يقول. وأثناء عرض الحلقة، «تهافتت الاتصالات الهاتفية، تحت الهواء، من متبرّعين، تعهدوا بدفع مبالغ مالية معينة، وعرفت منهم شخصاً يدعى مصطفى خليل، لبناني الجنسية، تعهّد باعتراف مقدمة البرنامج ماغي عون على الهواء مباشرة، بأنه سيدفع كل المبلغ المتبقي لعلاج الطفلة». ويؤكد دباجة وأخوه ابراهيم أنهما «في اليوم التالي لعرض الحلقة، وكان ذلك في شهر رمضان، قالت مقدّمة البرنامج أنه تم تأمين المبلغ المالي اللازم كاملاً للطفلة زهراء». عندها، قصد الوالد عيادة الطبيب واتفق معه على «العملية التي تحتاج إلى وقت طويل، أي حوالي سنة لإجرائها، عندها اتصلت بادارة البرنامج لإبلاغهم بذلك، وتحدث معهم الطبيب شخصياً».
بناء عليه، صار دباجة يتواصل بشكل مستمر مع إدارة البرنامج، فكانت المفاجأة بحسب قوله، أن «الاجابات كانت مختلفة بين اتصال وآخر، مرة يقولون لي إن المتبرعين لن يدفعوا قبل إجراء العملية، ومرة قالوا لي يوجد لدينا مبلغ 10 آلاف دولار فقط، وبعد شهرين من المشاجرة والإلحاح، قالوا لي حاولنا جمع ما تيسّر لك اليوم، وهو مبلغ 5 آلاف دولار. ذهبت للحصول على الشيك، وفوجئت بأن تاريخه يعود إلى اليوم الثاني على الحلقة. عدت أتصل بهم، من دون إجابة، إلى أن أبلغوني أن البرنامج توقف عرضه في بيروت، ولا يوجد أحد لتتصل به هنا». حاول مجدداً مع إدارة المؤسسة «لكن موظفة الاستعلامات قالت لي إن الإدارة لا تريد أن تتحدث معك بهذا الموضوع، لذلك أنا متيقن أن المال وصل إلى إدارة البرنامج وهو من حق طفلتي التي وعدنا بعلاجها». مرّت 3 سنوات إضافية. كبرت زهراء، ولا يزال الوالد يحمل هاتفه ويتصل بالأرقام التي بين يديه بلا جدوى. لكن للانتظار حدوداً «فقد يمر الوقت الذي يمكننا فيه معالجة زهراء»، وهو ما لا يتمناه أحد.
تجدر الإشارة إلى أن «الأخبار» حاولت التواصل أمس مع رئيس مجلس إدارة «أل بي سي» بيار الضاهر، ومع مقدّمة البرنامج ماغي عون، لسؤالهما إلا أنّهما لم يجيبا على الهاتف. وهي، إذ تنشر قصة دباجة كما رواها، تنتظر توضيحاً من «أل بي سي».