أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صـــيـدا تـحبـــس أنــفاســــها

الجمعة 01 آذار , 2013 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,378 زائر

صـــيـدا تـحبـــس أنــفاســــها

حتى جمعية تجارها، لم ترفع الصوت بالرغم من المعاناة اليومية لأصحاب المؤسسات والمصالح الاقتصادية. اللقاء بين نواب وفاعليات وقوى سياسية ورجال دين، وهيئات المجتمع المدني متعذر، لا بل مستبعد. ومفتي المدينة لم يبادر إلى رفع «البطاقة الحمراء» في وجة الجميع، ويدعو إلى اجتماع عاجل تحت سقف دار الإفتاء محملا من يتخلف مسؤولية ما قد يصيب صيدا من أهوال. 

ذلك فيما الحكومة بكل ما تمثل لم تتحرك بشكل جدي على غرار ما كان يفعل رئيسها في طرابلس، لوضع حد للموجة المذهبية التي استشرت في المدينة ونفخت بنيران الفتنة من أوسع أبوابها في «مدينة التعدد والتعايش والانفتاح». والرئيس نجيب ميقاتي لم يفكر بمجرد القيام بزيارتها، لا بل انه لم يرد على مكالمات إحدى فاعلياتها... وكل ما فعله في السابق هو إرسال وزير الداخلية مروان شربل، الذي كان يحضر للتفاوض، لا أكثر، على طريقة تبويس اللحى. كما لوحظت خلال الفترة الماضية برودة في حركة الاتصالات التي كانت تقوم بها القوى الإسلامية الفلسطينية في عين الحلوة. وتفيد المصادر أن تلك القوى «تشكو من أن أحمد الأسير لم يعد يتجاوب معها، كما كان يفعل في السابق». 

تحرك شبابي 

وسط تلك «العتمة» تحركت مجموعة شبابية أمس، بمبادرة، ونفذت اعتصاماً وسط ساحة النجمة في المدينة، رفع خلاله الشبان لافتة ترفض «مشروع الفتنة االمذهبية في صيدا»، وضد بث الفرقة بين أبناء المدينة من السنة والشيعة. ولوحظ غياب كلي لهيئات المجتمع المدني والقوى السياسية، وحتى التجار غابوا عن التحرك. 

وكانت صيدا عاشت على أعصابها أمس، وحبست أنفاسها استعدادا لما قد يحصل اليوم، حيث هدد الأسير، بأنه سيعتصم أمام الشقق التابعة لـ«حزب الله» في عبرا، وأمام «مجمع السيدة فاطمة الزهراء» قرب «المدرسة المهنية»، وسط تهديدات من «حزب الله» بأنه لن يسكت على أي محاولة للاقتراب من الشقق، أو المجمع، وأبلغ الجميعَ بأن ذلك خط أحمر. 

على صعيد الاتصالات، علم أن «اللقاء الإسلامي» في طرابلس، أوفد النائب معين المرعبي، الذي تردد أنه التقى الأسير وأبلغه أن «اللقاء ليس بوارد دعمه في تحرك غير مدروس قد يقدم عليه. وقدم له نصيحه بالتروي وعدم التهور، وأن عليه ألا يشغل طرابلس بمشاكل صيدا، لأن طرابلس تكفيها مشاكلها». كما زار المرعبي النائبة بهية الحريري في دارتها في مجدليون. 

وعلم أن القوى الاسلامية الفلسطينية أبلغت كل من راجعها بشأن حركة الأسير اليوم انها غير معنية بالتحرك لا من قريب ولا من بعيد، وتعمل على تحييد المخيم عن التجاذبات اللبنانية والصيداوية ولن تغير موقفها. وكانت أوضاع صيدا محور الاجتماع الذي عقد في مجدليون وضم الحريري، ومفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، ورئيس بلدية صيدا محمد السعودي، بحضور رئيس «جمعية تجار صيدا وضواحيها» علي الشريف، ومنسق «تيار المستقبل» في الجنوب ناصر حمود. 

واعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، والحريري، أن «الكلام الذي صدر عن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والذي تضمن تهديدات مبطنة وتحذيرات باستخدام القوة، مرفوض ومردود ومستهجن، وينم عن تكبر واستفزاز وعن نوايا أو تحضيرات أو مخططات معدّة لتنفيذ اعتداءات مسلحة على المدينة وأهلها بسبب حجج مفتعلة». ولفت النائبان، في بيان، إلى أن «التهديد بمهاجمة مراكز سكنية ودور عبادة أمر مستنكر ومرفوض ولا يمكن القبول به تحت أي ذريعة». وأشار البيان إلى «أنه لا يحق لأي جهة إطلاق التهديد والوعيد أو فرض الإقصاء على أي أحد وتحت أي ذريعة». وأوضح النائبان أن «سكان صيدا وأهلها، لا يقبلون بتفشي أو بوجود أي مظاهر مسلحة خارجة عن الشرعية وعن مؤسسات الدولة الرسمية، ويعتبرون أي حمل للسلاح واستعماله هو بمثابة تعدّ على القانون وهيبة الدولة وعلى كرامة المواطنين». 

من جهته، أكد الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد أن لصيدا هوية ثابتة تعبر عنها وعن مصالحها ودورها. ولن يستطيع أي طرف سياسي أو أي شخص، مهما كان حجمه، أن يأخذ المدينة إلى خياراته الخاصة. هذا لم يحصل في الماضي، ولن يحصل الآن أو في المستقبل. ومن يدعي انه يستطيع أن يأخذ البلد إلى خياراته الخاصة يكون مصابا بشيء من الغرور. وشدد سعد على ان ما يحصل في صيدا، يعتبر ظواهر استفزازية تشهدها المدينة، سنتصدى لها بالطريقة السياسية المناسبة. وحذر سعد من ان هناك تحضيرات للمسرح اللبناني كي تبدأ هذه المؤامرة. 

وبكلام عالي النبرة وجه إمام «مسجد القدس» الشيخ ماهر حمود نصيحة إلى الأسير، في مؤتمر صحافي، قال فيها: «إذا ما أنت أصررت على غيك وضلالك، وإذا ما أنت أردت أن تسلك بكامل «وعيك» طريق أهل النار، كما أنك تعمل بعمل أهل النار، فتنة وتحريفا وتأويلا بغير حق، فلا يغرنك أن لك أتباعا يرددون وراءك ما تقول، ويقولون إنهم مستعدون لبذل دمائهم في سبيل ما ترسمه من أهداف وهمية فاسدة». أضاف: «إنك تتحدث عن الطائفة بالمفهوم القبلي الجاهلي الذي نهانا الله عنه». 

من جهته، شدد رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري على أن «الوضع الأمني في صيدا صعب والحالة الاقتصادية متردية، ما جعل الحركة التجارية تتراجع في المدينة وأسواقها لتبلغ مرحلة خطيرة وحساسة. فهناك من يضرب بعرض الحائط مصالح الناس وقوت عيشهم ويرفع بالمدينة ومنطقتها إلى مزيدٍ من التوتر والاحتقان والتموضع الطائفي». وحمل الحكومة ووزير الداخلية المسؤولية عن كل حادثة تقع وتؤثر في سلامة المواطنين ومصالحهم. 

وكان محافظ الجنوب نقولا بو ضاهر قد قام بجولة من اللقاءات السياسية شملت سوسان، وسعد، والبزري. 

مواقف 

دعا الرئيس سليم الحص «الجميع، خصوصاً الجماعات المتهورة والمدفوعة، للعودة إلى رشدها»، مؤكداً أن «أي فتنة، طائفية أو مذهبية، ستدمر البلد ولن تكون في مصلحة أحد». وطالب، في بيان أمس، باسم «منبر الوحدة الوطنية»، المجتمع اللبناني بـ«عدم الأخذ بالشائعات والاتهامات والافتراءات والشتائم كي لا يبنى عليها مواقف متطرفة». 

وحذّر «اللقاء الوطني الإسلامي»، خلال اجتماعه أمس في منزل النائب محمد كبارة بحضور النائبين خالد ضاهر ومعين المرعبي، المسؤول السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» في طرابلس حسن الخيال، والمشايخ سالم الرافعي، كنعان ناجي، زكريا المصري وبلال بارودي، من «محاولات الاستفراد بالشيخ أحمد الأسير في صيدا، ودعوته الى فسح المجال أمام الجهود المبذولة لمعالجة الأمور بالحكمة بما يجنب المدينة أي خضة أمنية». 

إلى ذلك، أكدت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية أن «ما يصدر عن بعض رجال الدين لا يمثل موقف المديرية التي تحدد مواقفها ومنهجها أسبوعيا من خلال اقتراح خطبة الجمعة التي يتم تعميمها على جميع خطباء لبنان»، داعيةً رجال الدين إلى «الترفع إلى مستوى المسؤولية والتزام تعاميم ومواقف مرجعيتهم الدينية». ودعت المديرية في بيان أمس، جميع المسؤولين السياسيين والأمنيين إلى «ضرورة الإسراع في معالجة هذا الواقع واتخاذ المواقف والإجراءات الحاسمة للجم هذا التفلت، ولتجنيب البلد عواقب الانفعالات والعصبيات»، لافتةً الانتباه إلى «ما تشهده الساحة اللبنانية، والساحة الإسلامية خاصة، من توترات سياسية وطائفية ومذهبية، وخطابات تزيد هذا التوتر وتنفخ في نار العصبيات». 


Script executed in 0.1987190246582