أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مناورة الأسير الفاشلة تكشف هشاشة البلاد

الأربعاء 13 آذار , 2013 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,700 زائر

مناورة الأسير الفاشلة تكشف هشاشة البلاد

وبعد منتصف الليل، حاول التحرش ببلدة حارة صيدا المجاورة، من خلال إرسال أحد أنصاره إلى هناك، فطرده عدد من شبان البلدة. وبهذه الذريعة، طالب الأسير أنصاره بالنزول إلى الشارع بالسلاح، «بعدما تأكد وجود سيارات شبيحة مدججين بالسلاح تابعة لحركة امل تجوب شوارع صيدا وتهدد المواطنين الآمنين على غرار ما جرى في السابع والتاسع من أيار». لكن شوارع صيدا بقيت حتى ما بعد الساعة الواحدة من فجر اليوم فارغة.

في المحصلة، أظهرت حركة الأسير هشاشة الوضع الأمني في البلاد التي شهدت توتراً ملحوظاً وعاشت شوارعها ما يشبه حظر التجول الطوعي. فمناورة الأسير أثبتت فشلها، إذ إن دعوته لم تلق تجاوباً سوى من بضع مئات. الأجهزة الامنية قدّرت عدد من «هبّوا لنصرة» الأسير خارج مربعه في عبرا بأقل من 400 شخص توزعوا على طرابلس وبيروت والبقاع. لكن 400 «غاضب» أظهروا الواقع القابل للانكسار الذي يعيشه لبنان، في ظل غياب أي مرجعية سياسية او أمنية بإمكانها تقديم حل ما او ضبط انفلات امني.

بدأت القصة بمرور أحد أنصار الأسير، الشيخ عاصم العارفي، على حاجز للجيش في عبرا. بعد التدقيق في أوراقه الثبوتية، تبيّن ان وثائق السيارة مزورة. أراد عناصر الحاجز نقل العارفي وسيارته إلى ثكنة الجيش في صيدا، فرفض السائق الامتثال لهم. وسريعاً تدخل الأسير مع عد من انصاره، ومنعوا الجيش من توقيف العارفي الذي دخل مع الأسير ومرافقيه مسجد بلال من رباح. حاول عناصر الجيش إعادة توقيف العارفي، فبدأ الأسير بث رسائله عبر الهواتف الخلوية، وعلى صفحته على فايسبوك: «الجيش اللبناني سيقتحم مسجد بلال بن رباح خلال دقائق بحجة سحب أحد مشايخ المسجد، عاصم محرم العارفي الذي ارتكب مخالفة سير ورفض أن يعتقله الحاجز القابع على باب المسجد». الاقتحام لم يحصل، «والجيش لم يكن بوارد الاقتحام، وهو لن يقتحم المسجد مهما كانت الظروف»، بحسب ما أكدت مصادر عسكرية وأمنية لـ «الأخبار». وأوضحت المصادر أن الجيش طلب من حراس المسجد تسليم العارفي الذي كان يقود سيارة بلوحة مزورة ورفض الإمتثال لأوامر الحاجز.

وكان الأسير قد أعلن انتفاضة شاملة ضد الجيش الذي كان حتى يوم أمس يتجنب الصدام والمواجهة معه. واستدعى الشيخ المثير للجدل عناصره في صيدا إلى المسجد، فحمل بعضهم أكفانهم معهم، فيما وصل بعضهم إلى عبرا برفقة أبنائهم وزوجاتهم. وفي غضون دقائق، تبنى الأسير شعار المرحلة المستحدث بـ«سحب جميع القوى العسكرية والأمنية من محيط المسجد وفك الحصار العسكري بشكل كامل عن منطقة عبرا». وقبلها، كان دعا عبر الرسائل القصيرة وصفحته على الفايسبوك جميع أنصاره «في مختلف المناطق اللبنانية إلى النزول إلى الشوارع وقطع الطرقات بالسيارات من دون الإقدام على حرق الدواليب أو اذية أحد، أو التعرض للأملاك العامة والخاصة، رداً على تهديد الجيش باقتحام المسجد». وتجدر الإشارة إلى أن الجيش بدأ ظهر أمس تنفيذ خطة أمنية جديدة في صيدا تقضي بتضييق الخناق حول المربع الأمني لأحمد الأسير في عبرا، حيث تم استحداث نقاط ثابتة عند كل زاوية تقوم بتفتيش السيارات والمارة الداخلين والخارجين. كذلك، استحدثت نقطة في ساحة النجمة. وتهدف الخطة إلى تقييد حركة الأسير في المدينة ومنع تجمعاته. علماً بأن تعزيزات استقدمت إلى المدينة من اللواء الثامن.

اللافت كان التجاوب السريع مع دعوات الأسير «لنصرته». فقد دعا بعض قادة المجموعات المسلحة في طرابلس، كسعد المصري المحسوب على الرئيس نجيب ميقاتي، مناصريهم للنزول ليلاً إلى ساحة النور تضامناً مع الأسير. وكذلك فعل الشيخ السلفي داعي الإسلام الشهال. وتجمّع في ساحة النور بطرابلس عشرات المحتجين، بينهم عدد كبير جداً من المسلحين. وخطب الشهال فيهم مهدداً بإعلان الجهاد إذا تم اقتحام المسجد. واللافت في ما جرى في طرابلس هو تمزيق عدد من صور الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز من قبل المحتجين، ورفع رايات تنظيم «القاعدة» في مكانها. وهدّد بعض الموجودين في ساحة عبد الحميد كرامي بإسقاط جبل محسن إذا تم اقتحام مسجد بلال. وسجل تجمع لعدد من الأشخاص في منطقة قصقص في الطريق الجديدة وقطعوا الطريق. كذلك قطعت الطرق الرئيسية قرب المدينة الرياضية وفي قصقص في بيروت، وفي الناعمة والعبدة في عكار وسعدنايل في البقاع الاوسط.

وبدا واضحاً امس ان الأسير يضغط باتجاه رفع الإجراءات الأمنية التي يتخذها الجيش في عبرا، مستخدماً أسلوب التحريض عبر الرسائل التي كان يرسلها، والتي وصلت إلى حد مطالبة المسلمين في العالم للاعتصام امام السفارات اللبنانية!

وبعيد منتصف ليل امس، فُتِحَت معظم الطرق التي أقفِلَت في المناطق، فيما بقي الوضع متوتراً في عبرا.


Script executed in 0.16159796714783