أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قانا الشهيدة رسمت بدم أطفالها طريق المواجهة مع اسرائيل

الخميس 18 نيسان , 2013 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,392 زائر

قانا الشهيدة رسمت بدم أطفالها طريق المواجهة مع اسرائيل

نهار الخميس 18 نيسان 1996، الساعة الثانية بعد الظهر، كانت الفاجعة في المكان الذي ظنه الجنوبيون الملاذ الآمن لهم، مقر الكتيبة الفيجية في القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان. لجأ اليها الكثير من المواطنين العزل وشكل الاطفال والنساء معظمهم، احتموا من العدوان الاسرائيلي، الا ان حقد الشياطين لحق بهم وصب عليهم "عناقيد الغضب" وهو الاسم الذي أعطي لعدوان اسرائيل على لبنان الذي امتد بين الحادي عشر والسابع والعشرين من نيسان 1996، وكانت الحجة الخروقات المستمرة للمقاومة لتفاهم نيسان بين "حزب الله" و"إسرائيل"، بينما السبب الذي قتل بسببه اكثر من 170 لبنانيا كان محاولة شيمون بيريز تعزيز حظوظه في الانتخابات التشريعية، التي كانت إسرائيل تعد لها. ضربت المدفعية الاسرائيلية المتمركزة في جبل حميد ورشاف مقر القوات الدولية بارشاد من طائرة استطلاع إسرائيلية تحدد الأهداف، فتطايرت اشلاء الشهداء. اكثر من مئة شهيد مدني ومثلهم من الجرحى سقطوا ذلك اليوم، فكانت مجزرة قانا الاكبر في تاريخ الحرب الاسرائيلية على لبنان. سقط الشهداء مسطرين بدمائهم عنوانا للتضحية ودليلا على حقد اعمى لا يصد الا عبر مقاومة مسلحة ترد العدوان وتحمي لبنان وتكون هي ملاذ اللبنانيين بعد ان اثبتت الامم المتحدة وقواتها ودول العالم اجمع انها لا تستطيع حتى حماية قواتها من اسرائيل فكيف ستحمي الشعب اللبناني.

هو يوم أسود في تاريخ البشرية، فأجساد الاطفال المقطعة والمشوهة طبعت في ذاكرة الناس جميعا ووصلت الى كل دولة. عندها وقف العالم بأسره يتفرج على "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها"، هكذا اعتبر وقتها الرئيس الاميركي جورج بوش الذي حمّل المقاومة اللبنانية مسؤولية المجزرة ومنع ادانة اسرائيل في مجلس الامن الدولي عبر استعمال حق النقض "الفيتو". وعلى هول هذه المجزرة المروعة أعلنت الجامعة العربية يوم 18 نيسان من كل عام "يوم قانا" يوما للحداد العربي، بينما دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى دفع 1.7  مليون دولار للقوة الدولية في لبنان كتعويض للخسائر الناتجة عن القصف. لم تكن حماية المجتمع الدولي لاسرائيل  مفاجئة لاحد، ولم يشكل اهتمام الامم المتحدة بالتعويضات المادية للقوة الدولية العاملة في لبنان اي صدمة، فهم لم يغيروا موقفهم، كانوا ولا يزالون داعمين لاسرائيل ولحروبها ومجازرها. فمنذ عام 1947 بدأت اسرائيل بارتكاب المجازر في فلسطين، وعندها كانت "الهاغانا" و "الارغون" وهما تنظيمان عسكريان اسرائيليان سريان مهمتهما الابادة، يقومان بالقتل تحت تغطية دولية متمثلة ببريطانيا، وحتى يومنا هذا لا تزال اسرائيل ترتكب المجازر في فلسطين دون حسيب او رقيب وتحت غطاء دولي كبير. بينما في لبنان فالمجازر عديدة ايضا وموزعة على مدن الجنوب واحياء بيروت، فمنذ احتلال بيروت حتى تحرير الجنوب، ومن بعدها حرب تموز 2006، ومجزرة قانا الثانية ايضا في 2006، حيث سقط أكثر من67  لبنانيا بينهم 37 طفلا شهداء على مذبح الوطن، الاف الشهداء سقطوا دفاعا عن لبنان.

تعامل المجتمع الدولي مع هذه المجازر لم يتغير، و"الفيتو" كان موجودا في كل مرة للدفاع عن ما يعتبرونه حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها . لا عتب على هذه الدول فهي ليست منّا وتنازلت عن انسانيتها مقابل مصالحها، ولكن العتب على العرب الذين سكتوا طوال عقود حتى ملّ منهم السكوت. العتب على عرب كانوا اشد قسوة من الغرب، طرحوا خريطة سلام مع "دولة" لا وجود للسلام في معاجمها، طرحوا التفاوض مع "دولة" لا تعرف التفاوض سوى بلغة الرصاص والقذائف والدم. فما نفع اموالكم ايها العرب ان كانت فلسطين مقتولة وقانا شهيدة، وتعيشون دون كرامة؟

في ذكرى قانا فان الشهداء والجرحى عاتبون على بعض اللبنانيين الذين يدعون السيادة والحرية والاستقلال، عاتبون على من نادى وينادي بوقف المقاومة وتسليم السلاح، عاتبون على من يرى التفاوض المباشر او غير المباشر مع اسرائيل والدول الكبرى هو الحل، والمجتمع الدولي هو الضمانة. الم تتعلموا من دروس حروبنا مع اسرائيل؟ الم تتيقنوا ان اسرائيل لا تعرف سوى لغة الحرب تتواصل بها مع الاخرين؟

قانا واخواتها رسموا بدمهم طريق المواجهة مع اسرائيل، ووجهوا رسالة مدوية للقريب والبعيد بأن اسرائيل لا تحتاج الى ذريعة لتقتلنا ولا يردعها قانون دولي او مجتمع دولي او قوات دولية عن تنفيذ اجرامها. فتكفي رؤية الاشلاء تحت سقف مقر قوات دولية في قانا كي لا نثق بعالم اعمى حاقد همه مصالحه ولو على حساب ارواحنا، وتكفي لندرك ان المقاومة بالسلاح هي الحل الوحيد لمواجهة الشيطان. قانا رسمت بدم اطفالها طريق مواجهة اسرائيل. قانا الباقية في عقولنا وقلوبنا شاهدة وشهيدة، ومن لم يشهد ويعتبر منها فتلك مشكلته..


Script executed in 0.16741490364075