هي بلدة جنوبية عانت ما عانته من اهمالين متعاقبين، الأول تمثّل بالعدوان المتكرر الى ان دمرّت البلدة كليًا عن بكرة أبيها في العام 1976، أما ثاني الإهمالين فهو غياب أدنى مقومات الحياة لإعادة من تهجّر قسرًا إن لبلدات الجنوب الأخرى أو الى الخارج . "حانين" تلك البلدة الجنوبية الواقعة في قضاء بنت جبيل، والتي تبعد عن بيروت 130 كلم وترتفع عن سطح البحر 670 م، كان لولادة أول مجلس بلدي فيها الإطلالة الأولى نحو احياء هذه البلدة ونفض ما اندثر من معالمها.. هي التي تم اجتياحها على يد الإحتلال الإسرائيلي وعملائه والتي وضعت في ذلك الوقت بين خيارين: إما الإذعان والرضوخ لشروط العدو، وإما فلا وجود "لحانين" على خارطة القرى الجنوبية.
رفضت "حانين" التنازل عن وطنيتها، هي التي احتضنت وقتها الفلسطينيين وقدمت من الشهداء ما قدمت. وقد فضّل أهلها المقاومة والحصار والتهجير بدل مدّ اليد والتعامل مع من اغتصب الأرض.. وكان الثمن تدمير وخراب.. والقضاء حتى على المعالم الأثرية في البلدة التي لم تعد تملك حجرًا يذكّر بتاريخها المجيد. أما ضريبة كل ذلك، فهو موقعها الجغرافي المتاخم لحدود فلسطين. بعد العام 2000 وبعد أن وطأ أرض بلدة حانين أهلها وناسها، وبعد الضيم الذي لحق بمنازلها وبساتينها، لم تجد هذه البلدة مسارًا لإحياء معالمها سوى تصميم وإرادة أبنائها المقيم والمغترب ومجلسها البلدي الأول 2004 والحالي برئاسة المهندس فهد سويدان الذي قررّ ومن معه من الأعضاء، أنّه ولا بد من أن تاخذ هذه البلدة طريقها الى الإنماء ومن هنا كانت البداية.
عمومًا يقول رئيس البلدية سويدان: ان "تسمية البلدة تعود الى أصل آرامي سرياني، ويعني مكانًا عتيقًا خربًا، ومجازًا يعني مكانًا أثريًا". وفي موضع آخر يقال ان حانين تعني الرحمة والتي تتشارك بالإسم مع عائلة العالم الجليل حسن الحانيني الذي وفِد الى البلدة من بلدة كونين وسكن وتوفي فيها حيث شيّد له أبناء حانين مقام يرقى الى ارثه الغني وأصبح مزارًا للمؤمنين.
ويضيف: "أتمت لجنة العودة لأبناء حانين بعد التحرير البعض من الإنجازات الحيوية والتي توفّر مستلزمات العيش فيها وذلك من خلال استحداث بئر ارتوازي وإعادة بناء مدرسة ومسجد.. وقد تكلّل العام 2012 بجملة من الإنجازات الحالية ومنها: افتتاح المستوصف البلدي، اتمام المشروع التجميلي لطريق ومدخل حرج ديريا، شراء وإدارة مولد للإشتراكات لا يبغى الربح، إنشاء شبكة مياه جديدة تديرها البلدية وتديرها البلدية وتشغيل المولد الكهربائي لمحطة الدفع الى الخزان الرئيسي وصيانته وتزويده بالمحروقات، صيانة الإنارة التامة، شراء حاويات وجمع النفايات ونقلها الى معمل الفرز والمعالجة في عيترون، تشجير المشاعات والأوقاف وجوانب الطرقات الرئيسية بالتعاون مع اتحاد بلديات بنت جبيل، وضع آرمات بالشكل السليم، إنشاء مواقف سيارات عامة ولحسينية البلدة، مشروع شقّ طريق حانين – عيتا الشعب وتعبيده قريبًا وشقّ طرقات زراعية أخرى وتعبيد جزء من الطريق العام بالتعاون مع الإتحاد، وبناء جدران الدعم التجميلية لمدخل البلدة الجنوبي والشارع الرئيسي بالإضافة الى أنشطة متعددة منها: تكريم طلاب الشهادات الرسمية، وتكريم المسنين والقيام برحلات ترفيهية للأطفال والمشاركة الدائمة بالماراتون الرياضي ودائمًا بالتعاون مع الإتحاد، وكل ذلك يبقى جزء يسير من أجل عودة أبناء البلدة الى أرضهم".
انطلاقًا من مبدأ المحافظة على بيئة سليمة وبما أن حانين تتميز بثروة حرجية أكد الرئيس سويدان على "سعي البلدية للمحافظة على هذه الثروة ومنع تشويهها، وعليه تم تأهيل حرج "ديريا" والعمل على تحويل هذا المرفق الى مجمّع ترفيهي ليبقى متنفسًا لأهالي البلدة وحتى لأبناء البلدات المجاورة.
يتابع الرئيس فهد سويدان "تعمل البلدية على إنشاء نادٍ رياضي، كما وتعمل على تحسين ساحة البلدة نظرًا لما تشكله هذه الساحات العامة من جمالية، تفعيل الخدمات الصحية داخل مستوصف البلدة، استكمال مشروع القاعة العامة للشابات والشباب إضافة الى متابعة ملف شبكة المياه وربطها بدائرة مياه قضاء بنت جبيل. كما ويتم العمل على تحديث صفحة الإنترنت وإنشاء مكتبة عامة وقاعة لخدمات الإنترنت". مؤكدًا على دور اتحاد بلديات بنت جبيل في دعم المشاريع الإنمائية المشتركة التي تضم عددًا من البلدات. وبعض الهبات والمساعدات من جمعيات وقوات الطوارئ والتي تكاد تكون الوحيدة في ظلّ غياب دور الوزارات المعنية الشأن العام.
نهاية، طالب الرئيس سويدان وزارة الداخلية والبلديات بضرورة الإسراع في الموافقة على النظام الداخلي بعدما استكمل من الجهات المعنية، وبعد الزيارة الأخيرة التي قام بها اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل للوزير العميد مروان شربل.
وبإلحاح تمنّى الرئيس سويدان على الوزير شربل زيارة بلدات بنت جبيل، حيث وللأسف لم تحظَ الأخيرة بأي زيارة الى اليوم، وذلك للإطلاع عن كثب على شؤون ومتطلبات هذه البلدات. مشدّدًا على ضرورة منح سلطات تنفيذية أفعل لرؤساء البلديات لجهة رخص البناء والإسراع بتحويل الأموال من الصندوق البلدي المستقلّ والمستحقات للقيام بالواجبات تجاه الأهالي، إضافة الى ضرورة استكمال ملف إعادة بناء ما تهدم من منازل البلدة والإسراع بدفع التعويضات للأهالي.
