ومئة عام وعامان على بناء الحسينية القديمة في الساحة 1332هـ / 1434هـ
في بنت جبيل معالم أثرية عديدة ، لايزال بعضها ماثلاً للعيان حتى اليوم ، والبعض الآخر إختفى ، نظراً لعوامل وأسباب كثيرة ، منها الإحتياجات العديدة التي قام بها العدوَ الصهيوني ، وحرب تموز ، حيث كان تركيز العدوَ على الأحياء القديمة في المدينة ، والتي كان فيها مئات البيوت القديمة .
- من أهم المعالم التراثية " الجامع الكبير " ، وموقعه عند حاكورة نصف الضيعة ، قريباً من دار بيت صالح بزي ، وهو دار الزعامة الأولى للعائلة .
كان الجامع الكبير ، عبارة عن غرفة صغيرة ، ولايعرف بالتحديد من قام ببنائه في البداية ، إلا أن أقدم تأريخ لتجديد بنائه ، يعود إلى ما يقارب الثلاثماية عام ، حيث ورد في الكتابة المحفورة على حجر مثبت في الحائط الجنوبي للجامع ، العبارة التالية : "جدَد بناء هذا المسجد المبارك ، إبتغاء لوجه الله الحاج علي أبن المرحوم المبرور الحاج أحمد البزي ، أثابه الله ثواب المحسنين ، وله ذخراً ليوم القيامة ، وذلك في أواسط سنة أربعة وثلاثون وماية وألف هـ" (1134هـ) ".
ويبدو أن الحاج علي المذكور هو جدَ آل جابر بزي ، وليس من المعلوم من وقف أرض الجامع في تلك الفترة ، إلا أن الجامع أتسع بشكل واضح ، حيث أصبحت مساحته أكثر من دونم ونصف الدونم ، مع الباحة والملحقات التابعة له ...
- ومن معالم بنت جبيل التراثية القديمة "سوق بنت جبيل ".
هو من أقدم أسواق جبل عامل ، وأهمها ، وكان أحد معمَري بنت جبيل ، وكان عمره في سبعينات القرن العشرين ، أكثر من مئة عام ، يقول ، أن أباه الذي عاش هو الآخر أكثر من تسعين عاماً ، كان يعمل تاجراً في سوق الخميس ببنت جبيل ، وهذا يعني أن السوق كان موجوداً في البلدة قبل الأمر الذي أصدره المتصرف العثماني ، رستم باشا في منتصف شهر تموز سنة 1880 ، والذي قضي " بفتح أسواق في بعض القرى اللبنانية ، وفي أوقات معينة ، لتسهيل أحوال الرعايا ، ومعاونتهم على تصريف الأشياء التي يرغبون ببعيها ".
ينعقد السوق في بنت جبيل نهار الخميس ، وأصبح هذا اليوم يعرف ب" يوم السوق " ، وهو سوق شعبي ، شبيه بالأسواق التي تعقد في النبطية ، حاصبيا (الخان ) ، مرجعيون ، الطيبة ، العباسية ، قانا ، جويا ، جباع ، ميس الجبل وغيرها ....
كان السوق يقام قديماً في المنطقة المعروفة ، حتى اليوم ب" الساحة "، وتحديداً في المحلة الواقعة بين ببَور الحاج نجيب شرارة جنوباً ، وحتى الحسينية القديمة ، والمتفرعات ، المتصلة بعين الصغيرة ، وطلعة السوق ، ونزلة البركة ...
ويذكر الشيخ على الزين ، في كتابه "فصول من تاريخ الشيعة في لبنان " نقلاً عن الركيني ، أن " السوق نقل في سنة 1234هـ (1819م)من عند البلد (أي من محلة الساحة ) إلى الشمال " ( أي إلى موقعه الحالي ) ، حيث يحتل السوق مساحة واسعة في المنطقة التي يقع فيها ، إذ تترواح مساحته بين 20و30 دونماً ، وكانت تقع بالقرب منه عدة خانات واسعة ، مهيأة لإستقبال أعداد وافرة من الخيول ، وأنواع أخرى من الحيوانات .
- أما "الحسينية القديمة "، فيذكر السيد محسن الامين في خططه " أن الشيخ عبد الكريم شرارة هو الذي بنى الحسينية "، وبالفعل فقد بدئ بالبناء بعد عودة الشيخ عبد الكريم شرارة إلى بنت جبيل ، قادماً من النجف الأشرف ، وذلك في سنة 1330 هـ (1912م) ، وتحديداً في أواخر ذلك العام ، وتم الإنتهاء من البناء بعد سنتين أي في العام 1332هـ (1914م) ، ودخلها الشيخ عبد الكريم ، كما يذكر المرحوم الشيخ محمد حسين شرارة، يوم العاشر من المحرَم ، حيث أقيمت فيها شعائر عاشوراء ، وكان المقرئ في ذلك الوقت الشيخ حسين زهر الدين (والد الشيخ محمد نجيب زهر الدين ).
ومن المعروف أن أرض الحسينية هي وقف من قبل السيد علي رضا والحاج حسين علي سعد، وقام بالبناء الحاج محمد الصفدي ، وتابعه المعماري الشهير من صور ويدعى "غزيَل".
د.مصطفى بزي
بنت جبيل
