أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جباع قرية الينابيع وجنّة الجنوب

الخميس 20 حزيران , 2013 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 15,469 زائر

جباع قرية الينابيع وجنّة الجنوب

ليدل ذلك على أن اسم جباع يشير إلى غزارة المياه والينابيع التي تكاد لا تخلو قطعة أرض منها، ويربو عددها على ثلاثمئة وخمسة وستين ينبوعاً، ومصدر مياهها جميعاً جبل صافي، أو جبل الشوك، أو جبل جباع المشرف على جباع من الجهة الشرقية، حيث تعتبر هذه المنطقة تجمعاً لأكبر خزان مائي في لبنان، بما يجعل من جباع «جنة الله على الأرض وأجمل بقعة على أرض الجنوب».

كيفما سرنا وأينما اتجهنا في أنحاء جباع نرى الاخضرار في كل ناحية، وأحراجها جميلة مترامية «على مد عينك والنظر» يتقاسمها السنديان والسرو والشربين والحور والملول والصنوبر والدفلى والخروب والصفصاف، وبساتينها الزاخرة بالجوز واللوز والتفاح والزيتون والتين والمشمش والخرمة والخوخ والإجاص والريحان والعنب الزوطراني الأحمر الذي يندر وجوده إلا في كرومها، ما دعا المؤرخ فيليب حتي للقول عن جباع «إنها أرض الفاكهة».

ويقول ابن البلدة المؤرخ والباحث مصطفى كركي: «لما كان أهالي جباع يعتمدون اعتماداً كبيراً على مواسم الاصطياف، فقد كانوا في الماضي يتركون منازلهم في الصيف ويعمدون إلى نصب أكواخ من أغصان الأشجار وأوراقها بالقرب من الينابيع المنتشرة في أراضيهم، ومن ثم يسهرون على ضوء الشموع والقناديل، في الوقت الذي كانوا فيه يؤجرون منازلهم للمصطافين للاستفادة من بدلات الإيجار في تموين أنفسهم للشتاء». 

يتمتع أهالي جباع، وفق كركي، بثلاث ثروات في البلدة، الأولى «جوزة الفرن»، وكانت تنتج ثمانية وأربعين ألف حبة جوز في الموسم، ويستمر العمل في قطافها وجمع محصولها ثلاثة أيام، والثانية «زيتونة البريك»، ولا تزال معمرة حتى الآن، ويبلغ محيطها ستة عشر متراً مربعاً، وتنتج طناً من حبوب الزيتون في الموسم الواحد، واثنتي عشرة صفيحة زيت، والثالثة «إجاصة سمر القنديل»، التي كانت تعطي حمولة اثني عشر بغلاً، أي ما يعادل ألفاً ومئتي كيلوغرام من الإجاص في الموسم الواحد. 

كل هذه الخيرات يعود فضلها إلى مياه وينابيع جباع التي تقسم إلى قسمين، الأول يملكه الأهالي لأنه ينبع في أراضيهم ويعتبر ملكاً خاصاً بهم، والثاني يعرف بالينابيع العامة والأميرية التي تملكها الدولة أو البلدية، وهو يخضع للاستعمال العام ويمتاز بغزارة مياهه، وأهم هذه الينابيع العامة هو «نبع القبي» أو «نبع عكيتا» الذي يعتبر من أشهر ينابيع جباع على الإطلاق، ومن أغزر المصادر المائية فيها، ومنه يشرب الأهالي بواسطة شبكة تصل إلى كل منازل البلدة منذ العام 1955. أما بقية الينابيع المهمة في جباع فهي: المرجة، عين الركيز، عين التينة، البسيس، الشيخ، المغارة، كسار الصباغين، المشارع، البوار، المغاريق، الرز، جليمة، الكسارة، عين الزرقاء، عين أبو عز الدين، عين الجبل، الحواصل، وادي الحيز، وادي حين سعدى، الأطرش، الذهب، البيزان، الضمير، شقة العجوز، المنفر، القعقور، شير المارد، الوادي، عين حويلة، عين عبود، بستان السيد، العين، الياسمينة والحمام وغيرها من الينابيع الصغيرة. 

ويوضح رئيس بلدية جباع عدنان نعمة أن جباع تعلو عن سطح البحر ثمانمئة وخمسين متراً، ما يجعل مناخها بارداً في الشتاء ومنعشاً في الصيف والضباب لا يفارق سماءها، لذلك اشتهرت قبل الحروب الإسرائيلية على الجنوب بمواسم الاصطياف عندما كانت مقصداً للمواطنين من المناطق كلها، فكان أن انتشرت فيها وبالقرب من ينابيعها المقاهي والمطاعم والمتنزهات التي كانت تعج بالمصطافين، وقد أعيد بناء وتجديد هذه المطاعم والمتنزهات غداة الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب في العام 2000 في محاولة من أصحابها لإعادتها إلى عز أيامها الغابرة التي شهدتها مطلع السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات، عندما هجرها أصحابها وروادها بفعل الاعتداءات الاسرائيلية التي بدأت تتعرض لها جباع بعيد انسحاب قوات الاحتلال من جزء من الجنوب في العام 1985 وتمركزها مع عملائها على التلال المشرفة عليها لتصادر الحياة منها، إلا للقليل من السكان الصامدين وحفنة من المقاومين الذين كانوا يحرسون تخومها من الأعداء.

ولفت نعمة إلى قيام البلدية الحالية بتمديد شبكة مياه الشفة لبعض الأحياء والأماكن السكنية المستحدثة في جباع وعين بوسوار، وزيادة تمديدات إضافية على الشبكة القائمة، وهي ستقوم ببناء خزان كبير بالتعاون مع مجلس الجنوب تصل سعته إلى ألف متر مكعب لرفد المزارعين والمواطنين بكميات المياه اللازمة لري حقولهم ومزروعاتهم لتبقى جباع خضراء زاهية على الدوام.


Script executed in 0.17416906356812