أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صيام المزارعين وسهرات العاطلين من العمل

الجمعة 19 تموز , 2013 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,083 زائر

صيام المزارعين وسهرات العاطلين من العمل

لا صيام إذاً للعاطلين من العمل، أما مزارعو التبغ فصيامهم مضاعف، ورمضانهم مختلف، ولا يحتاجون أيضاً إلى «المسحراتي»، لأنهم ينهضون قبل ساعات الفجر لقطاف أوراق التبغ المرّة، التي تتجمّع حولها عائلات المزارعين، كبيرهم وصغيرهم، للبدء بيوم «شكّ» جديد. أحياء قرى الجنوب الحدودية انقسمت بدورها الى مناطق زراعية وأخرى اغترابية. في بلدات مثل حولا وعيترون وبليدا وتولين ورب تلاتين، تعدّ زراعة التبغ السبب الرئيسي في توقف السهرات الرمضانية باكراً جداً في حاراتها القديمة. تذهب أم أحمد بركات وأولادها الأربعة الى النوم في العاشرة مساءً، «لأن علينا النهوض في الثالثة والنصف فجراً، نأكل طعام السحور، ونصلّي، ونذهب الى القطيفة». على ضوء القنديل أو أعمدة الكهرباء البعيدة، في حال توافر الطاقة الكهربائية، تبدأ أم أحمد وعائلتها العمل الشاق الذي لا ينتهي إلا قبل المغيب، لأنه «بعد العودة من الحقل ظهراً علينا أن نبدأ بشك أوراق التبغ، ومن ثم البدء بإعداد طعام الفطور».

إنه صوم المزارعين الذي لا يشبه على الإطلاق صوم الذين يعتمدون في عيشهم على تحويلات المغتربين، مثل سكان بلدات جويا وحاريص وشقرا ودير انطار.

يعتاش أبناء هذه البلدات في غالبيتهم من تحويلات المغتربين، وينتظرون دورهم في الهجرة. لا مشكلة عندهم في تغيير أوقات النوم أو الراحة، «سهرات في كل مكان، وحتى ساعات الفجر الأولى، والكزدورة تبدأ من الساعة العاشرة ليلاً وتستمر حتى ساعات الفجر الأولى. أما الأفران فحدّث ولا حرج»، يقول محمد ترحيني، من بلدة جويا. «السهرات الجميلة تؤكد أن معظم المقيمين عاطلين من العمل ولا فرص عمل لديهم، ويعتاشون على أموال المغتربين، وإلا كيف تجد معظم شباب البلدة يحيون ليالي رمضان حتى الصباح الباكر ؟»، يسأل ترحيني.

ينقل بعض أصحاب الأفران في المنطقة أعمالهم الى هذه القرى التي يفضّل أبناؤها السهر وتناول طعام السحور خارج المنزل؛ ففي بلدتي جويا وحاريص تضاعفت أعداد الأفران، ويشير ترحيني الى أن «3 أفران إضافية افتُتحت أخيراً في جويا، وكلها تعمل حتى الصباح وتزدحم بالزبائن الذين يحيطون بها، ويأكلون طعامهم على جوانب الطرقات، أو في الأماكن العامة».

في معظم القرى الحدودية باتت الطرقات العامة مراكز السهرات الرمضانية الطويلة؛ فالمطاعم والمتنزهات معدومة هناك، باستثناء ثلاثة متنزهات افتُتحت أخيراً في وادي الحجير، لكن «يبدو أنها مخصصة للأغنياء فقط، ولا يستفيد منها أكثرية الأهالي المنقسمين بين المزارعين الذين ينامون باكراً، والعاطلين من العمل الذين لا قدرة لهم على دفع الأموال»، كما يقول محمد قازان من بلدة الطيبة. لذلك «تعمد كل أسرة عادة الى صناعة مأكولات السهرة الخفيفة». في المقابل، تعاني بلدات قبريخا وطلوسة وربّ تلاتين وبني حيّان والقنطرة من ندرة الأفران والمحال التجارية، باستثناء الدكاكين الصغيرة التي تلبّي بعض حاجات الأهالي من المواد التموينية.

يحمل محمد بركات من بلدة رب تلاتين «أرغيلته» متجهاً الى منزل رفيقه القريب، «ساعة أو أكثر بقليل وأعود الى المنزل، لأن البلدة تصبح مثل مدينة الأشباح. الكلّ يخلد الى النوم باكراً للنهوض في وقت السحور».

لا تحوي البلدة إلا دكّانين صغيرين، فيضطرّ أبناؤها المقيمون، البالغ عددهم حوالى 500 نسمة، الى الانتقال الى بلدة العديسة القريبة التي تنتشر فيها معظم أنواع المحال التجارية، لشراء حاجاتهم من اللحوم والحلويات والأدوات المنزلية وغيرها.


Script executed in 0.19992995262146