أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

في حاروف: يبست شجرة الرمان من الظمأ

الإثنين 26 آب , 2013 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,783 زائر

في حاروف: يبست شجرة الرمان من الظمأ

يزداد تقنين المياه صيفاً في مختلف القرى الجنوبية، مثل كفرجوز حيث تقع آبار فخر الدين، وقعقعية الجسر الظمأى رغم مرور نهر الليطاني عبرها. هي حال حاروف أيضاً. تعتمد حاروف على آبار فخر الدين وبئرين ارتوازيين فيها. يقوم أغلب الأهالي بتأمين المياه عبر الصهاريج (بتكلفة بين 18 و35 ألف ليرة للنقلة الواحدة). رغم ذلك هي ليست مشكلة شحّ في المصدر بقدر ما هي مشكلة سوء إدارة كما يقول السكان. أما المسؤولون، فيعرفون المشكلة، ينظّرون في تقديم الحلول والسكان ينتظرون.

الحاجة أم سمير تسكن في حي البيدر. تتحسر قائلة: «في السابق كانت مياه الخزان تفيض حتى كبرت شجرة الرمان؛ السنة يبست الشجرة وبتنا نحسب ألف حساب قبل أن نسقي زهر حديقتنا». تدفع أم سمير سنوياً 243 ألف ليرة لمؤسسة المياه. بالإضافة إلى ذلك، تشتري «نقلتين» من المياه أسبوعياً بكلفة 100 دولار في الشهر. «عندما قاموا بحفريات الشبكة الجديدة كسروا قسطل المياه خاصتنا ولم يعيدوا إصلاحه»، تقول أم سمير. أما أم علي، فتسكن في البناية المواجهة لمنزل أم سمير. تبعث المراسيل منذ 17 سنة لموظف المياه، لكنها لا تلقى أذناً صاغية. في إحدى السنوات، استمرت أم علي في شراء المياه حتى شهر كانون بينما كانت تفيض من بعض المنازل المجاورة. برأيها «يتحالف موظفو الشركة مع أصحاب النفوذ والصهاريج والمشاتل فيوزعونها عليهم ويحرموننا إياها». تضيف أم علي: «حُرمنا مياه نبع الطاسة قبل حرب تموز، وأعطونا بدلاً منها مياهاً كلسية لا يمكن شرابها».

يرى موظف مؤسسة المياه علي بدر الدين أن المشكلة هي في زيادة الاستهلاك صيفاً مع ارتفاع ساعات تقنين الكهرباء وكلفة المازوت، ما يصعّب عملية ضخ المياه إلى مختلف الأحياء. كذلك، يعزو رئيس البلدية خضر عياش الذي تسلم منصبه منذ قرابة شهر السبب في مشكلة المياه إلى العشوائية في التوزيع، فضلاً عن سرقة البعض للمياه عبر مضخات الشفط غير القانونية. أمّا مصطفى هاشم، الذي يسكن في حيّ الساحة، فاشتكى سابقاً للبلدية عن مشكلة الشفاطات التي سرقت حصته، ولكن لم يلقَ جواباً لأنّ المعتدي كان يمتّ إلى «الريس» بصلة قرابة. هكذا، تحول العائلية والحزبية دون محاسبة المخالفين في بلدة حاروف، ويغلب الطابع الحزبي والعائلي في العمل البلدي على الجانب الخدماتي.

تَسلم رئيس البلدية الجديد والمدعوم من حركة أمل قرابة 163 شكوى (من بيت أو بناية) متعلقة بالمياه من أصل 1400 منزل. يقول إنه لاقى حلاً لبعض منها، لكن بيت أم سمير مثلاً لا يزال بلا مياه. بدأ مجلس الإنماء والإعمار ببناء بئر ارتوازية جديدة في «سكران» منذ سنة ونصف. يؤكد رئيس البلدية «أنه سيبدأ العمل بالبئر الجديد تزامناً مع استكمال شبكة المياه الجديدة». سنة ونصف والشبكة والبئر قيد البناء واستكمال الإمدادات، لكن هذه البئر الأخيرة ستروي حاروف، بحسب خضر.

مشكلة الصرف الصحي هي معضلة أخرى لا تحل في حاروف. 50% من منازل البلدة موصولة بشبكة الصرف الصحي وما زالت المنازل الباقية تعتمد على الجور الصحية، بحسب رئيس البلدية. تُفرغ هذه الجور في جوف الأرض، ومنها ما ينساب على الطرقات، أو في وادي العصافير المخصص للزراعة.

حين يجتمع الأهالي على شرفات منازلهم ليتسامروا مساءً، تفوح الروائح الكريهة مع كل نسيم عابر. لا يختلف الوضع كثيراً في حي الناصرية. بحسب الناشطة انتصار الشامي، إن كل منزل في الحي يفرغ جورته في حقله. في الجنوب، كما في أكثرية مناطق لبنان، كثير من الناس يفرغون جُوَرَهم الصحية في حقولهم، يزرعون فيها ثم يأكلون من خيراتها.


Script executed in 0.17021703720093