أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

حسين عبّاس يحوّل منزله الى متحف تراثي

الثلاثاء 17 أيلول , 2013 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,608 زائر

حسين عبّاس يحوّل منزله الى متحف تراثي

القصة بدأت منذ نحو 25 سنة، عندما قرّر الاستاذ الثانوي في مادة الرياضيات، حسين عباس (من عيترون)، أن يحوّل منزله الى بيت تراثي أنيق، ينسجم مع هوايته المفضّلة في «الحفاظ على الذاكرة والتراث الانسانيين»، أبدع عباس في تحقيق هذا الحلم الجميل، ليصبح منزله اليوم مزاراً للعديد من الهواة والراغبين في مشاهدة الآثار والتحف النادرة. مزار تفتقده المنطقة الجنوبية التي يقيم فيها.

جمع في منزله المتواضع المئات من القطع الأثرية والتراثية النادرة، اضافة الى أشكال متعددة من الحيوانات والطيور الغريبة المحنّطة، فزيّن بها جدران منزله وحديقته المميزة. كان عباس، منذ صغره صياداً ماهراً، لكنه آثر استغلال رحلات صيده المتكرّرة في نبش ذاكرة الأمكنة الطبيعية التي كان يقصدها، وبدأ يجمع ما يجده غريباً ومثيراً، من الحجارة، والحيوانات المتحجّرة، والطيور الجميلة المتنوعة، التي حرص على تحنيطها مستعيناً بخبراء محليين، اضافة الى بنادق الصيد الجديدة والقديمة النادرة.

يقول عباس «هواية الصيد عرّفتني على طبيعة بلادي، فبدأت رحلات الاستكشاف، وبدأت أولاً بالتعرّف إلى كبار السنّ الذين ذاع صيتهم بفنون الصيد، فجمعت ما تيسّر من البنادق القديمة جداً والتي يعود تاريخ بعضها الى نحو 160 سنة، ومن ثم بتّ أجمع الحجارة النادرة، كان أولها وجه خنزير متحجّر منذ آلاف السنين»، ويبدي عباس حرصه على اثبات أهمية مقتنياته الأثرية، بعد أن تعرّف على العديد من العلوم التراثية وجمع عدداً من الكتب التي أرشدته الى الحجارة والمنحوتات الطبيعية الأثرية.

قصد عباس خلال هذه السنوات الطويلة، ورغم امكاناته المادية المتواضعة جداً، العشرات من كبار السنّ، فجمع معظم اللوازم التراثية، التي كانت تستعمل سابقاً في الزراعة والصناعة والأعمال المنزلية، «كنت أشتري ما تيسّر لي من هذه الأدوات وبأسعار متدنية، نظراً لعدم اهتمام الأهالي بها، وهي باتت اليوم ثروة لا تقدّر بثمن، من بينها أدوات الزينة، من الأحجار الكريمة الثمينة». ولم يكتف عباس بجمع ما تيسّر من الآثار المحلية، بل استعان بأصدقائه ومعارفه من المغتربين لشراء منحوتات ومحنّطات من دول متعددة، فحصل على العديد من النحاسيات النادرة التي يعود تاريخ بعضها الى مئات السنين، اضافة الى الغزلان وعدد من الحيوانات الأفريقية والأميركية المحنّطة، منها أنواع لا يوجد مثلها في لبنان. أما أكثر ما يفتخر عباس بجمعه فهو «عشرات الأحافير والمستحاثات اللاّفقرية، التي تأكدت من أهميتها التاريخية، بعدما استعنت بخبراء ومتخصّصين وكتب علمية، فلفت انتباهي أن بعض هذه المستحاثات يعود تاريخها ما بين 2500 و6500 مليون سنة، وهو تاريخ يبدو للوهلة الأولى أسطورياً، ولكنه حقيقة علمية، فأنا أملك اليوم العديد من الأسماك المتحجّرة وشوكيات الجلد والرخويات وغيرها». يشير عباس الى أن «ما جمعته عبر هذه السنين الطويلة، كلّفني الكثير من الوقت والبحث والمال، فرغم أنني اعتاش من وظيفتي، بدأت بتعليم الدروس الخصوصية لشراء هذه التحف النادرة، لكنني لم أبخل على أسرتي التي عانت معي كثيراً، فلدي اليوم ثلاثة أولاد، اثنان منهم سيحصلان قريباً على شهادة الدكتوراة الفرنسية في علم الرياضيات».

يحلم عباس في أن يستطيع يوماً نقل كل ما جمعه الى معرض تراثي جميل، يمكن الحفاظ على مقتنياته النادرة في المستقبل، فهو لا يملك سوى منزله المتواضع، ولا يقدر على تحقيق حلمه هذا، بسبب الأكلاف المالية التي تكبدها على شراء هذه المقتنيات، اضافة الى تعليم أولاده. وجلّ ما يخاف منه، هو «الحرب التي قد تطيح هذا الكنز التراثي الانساني، لا سيما أن محيط منزلي تعرّض للقصف في حرب تموز الماضية، وحدثت بقربه مجزرة راح ضحيتها 13 شهيداً من آل عواضة، لذلك آمل أن لا تتكرّر هذه الحرب ثانية لأن ذلك قد يطيح كل ما فعلته خلال 25 سنة».


Script executed in 0.20758605003357