أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» في حضرة شهداء قانا والحولة

الجمعة 20 أيلول , 2013 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,237 زائر

«كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» في حضرة شهداء قانا والحولة

ي موقع الأضرحة، الذي يبعد نحو مئتي متر عن المنزل الذي دمر عن بكرة أبيه، وسقط بداخله الشهداء، أعد الاستقبال اللازم للوفد من قبل بلدية قانا و«حزب الله». ولحظة وصول الوفد برئاسة الإيطالي موريسيو موسولينو، وُضع إكليل من الزهر باسم الوفد على الأضرحة. ثم شرح رئيس بلدية قانا صلاح سلامي ظروف حصول المجزرة ونتائجها، وما خلفته من آثار على العائلات وأبناء البلدة جميعا. وقال سلامي: «إن الشهداء الذين قضوا على مسافة قريبة من المكان، هم من المدنيين العزل. وكانوا يحتمون في بيت ظنوا أنه كان آمنا، بعد اشتداد الغارات والقصف الإسرائيلي للبلدة، والذي أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى وتدمير أكثر من ستين منزلاً». أضاف سلامة «هؤلاء الأبرياء والعزل استهدفوا لأنهم من بيئة المقاومة والمدافعين عنها. وهذا دليل على إرهاب إسرائيل، التي لم تفرّق بين المقاومين وبيئتهم».

شهداء قانا

موسولينو الذي حدق في صور الشهداء المعلقة على جدران المقبرة، أصابه الألم والغضب في آن واحد، وفق تعبيره. الألم بالنسبة لموسولينو، هو لرؤية صور الأطفال الذين استهدفوا من دون سبب أو ذنب اقترفوه، وبالتالي ذبلت طفولتهم التي حرموا منها إلى الأبد، حيث لم يفرق الإسرائيليون بين كبير وصغير. ويشير موسولينو إلى أن «الغضب يأتي من أن المجزرة التي ارتكبت في قانا لم تكن الأولى، فقد سبقتها عشرات المجزرة ومنها مجزرتا صبرا وشاتيلا، ولم يتمكن أحد من معاقبة إسرائيل التي لا تتورع عن القيام بمثل هذه المجازر البشعة». وأكد أن «ما يسمى بالشرعية الدولية متواطئة مع هذه الجرائم، لأن الصمت قاتل في بعض الأحيان». 

وعن تناقص عدد الوفد، مقارنة بالسنوات الماضية، أوضح موسولينو أن «السبب يعود إلى توجه بتوسيع عمل اللجنة للمرة الأولى خارج لبنان، لتشمل عما قريب الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن، بهدف تأكيد حق العودة للشعب الفلسطيني». 

«سأظل آتي إلى لبنان لإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، وزيارة هذه الأماكن ما دمت على قيد الحياة»، بهذه العبارة علقت الأميركية آلن سيغل، التي كانت تعمل ممرضة في «مستشفى غزة» في مخيم شاتيلا، عند حدوث المجزرة في أيلول 1982. وترى سيغل، التي تشارك للمرة الحادية عشرة في زيارات وفد «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا»، أن من واجبها «أن أحضر إلى هنا لإحياء ذكرى الشهداء الأبرياء وتذكير العالم بما اقترفته إسرائيل». وتضيف سيغل التي تدخر من إنتاجها الشخصي لحجز بطاقة السفر ورحلة الطائرة وسواها من متطلبات الزيارة إلى لبنان، «لن أنسى.. وسأبقى أتذكر ذلك اليوم المخيف».

مشهد مجزرة صبرا وشاتيلا عالق في ذهن الدكتورة البريطانية سويه، التي شاهدت بأم العين بشاعة تلك المجزرة، وأجساد الاطفال والنساء والشيوخ المقطعة والمتفحمة. تؤكد سويه، التي كانت تعمل ممرضة في «مستشفى غزة» في شاتيلا «شعوري وغضبي لم يتغيرا أبداً». تقول: «إننا هنا في قانا نشهد على مجزرة أخرى ارتكبها الأشخاص أنفسهم، الذين لم يقيموا وزنا لحقوق الناس في العيش بعيدا عن مفاعيل الحرب». 

بين مجزرتين

وقد ضم الوفد للمرة الأولى ييلا، وهي باحثة إيطالية، تقول: «كانت لدي رغبة قوية في المجيء إلى هنا، لكي أكون قريبة من الحدث. وهذا ما حصل، بعدما علمت بنية وفد كي لا ننسى صبرا وشاتيلا، التوجه إلى لبنان». تشير ييلا المهتمة بقضايا اللاجئين الفلسطينيين، إلى أنها لمست الفرق الكبير بين السماع عن أحداث مجزرتي صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا، ومشاهدة ما حدث على الأرض. تضيف «تكوّن لدي انطباع عن وحشية العدوان. فللمرة الأولى أسمع عن مجرة قانا، لأن إعلامنا لم يكن يسلط الضوء على ما كان يجري في هذا المكان». 

تعِدُّ عايدة، وهي مواطنة مغربية وتعيش في إيطاليا، نفسها من أهل البيت، وبالتالي لا يمكنها الحديث عن الاستنكار والشجب. فهذا الأمر موجود في قاموسها وحياتها اليومية. تؤكد أنها في كل مرة تأتي فيها إلى لبنان، تعيد إثارة القضية مع أصدقائها في إيطاليا. أما الفنلندية سيركو، فتعمل منذ سنوات طويلة مع «بيت أطفال الصمود». وهي اليوم واحدة من المشاركات في وفد «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا». وتلفت سيركو إلى أن لديها التزاما أخلاقيا وإنسانيا تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين شردوا من أرضهم من دون وجه حق. 

وعن الفرق بين زيارة الوفد هذه السنة والزيارات السابقة، تقول سيبركو: «العزيمة مستمرة، ولكن الفرق الوحيد، هو تراجع عدد المشاركين في الوفد بسبب التحذيرات، التي توجهها الدول لرعاياها، نتيجة الأوضاع الأمنية في لبنان». 

أما مدير «بيت أطفال الصمود» قاسم عينا، فأشار إلى أن تضاؤل عدد أفراد الوفد إلى 25 شخصاً، يعود إلى قرار الحكومات الأوروبية تحذير رعاياها من زيارة لبنان. وقال: إن المثابرة على الحملة سنوياً، هو تعبير عن استمرار التضامن مع الشعب الفلسطيني لإحياء ذكرى المجزرة، وكذلك للتضامن المقاومة اللبنانية. 

«أطفال الصمود»

بعدما انتهى الوفد من زيارته لأضرحة شهداء مجزرة قانا الثانية، انتقل إلى مركز «بيت أطفال الصمود» في مخيم البص للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صور. وهو مركز متخصص بالعناية النفسية. وهناك اطلع الوفد، الذي تناول طعام الغداء مع مسؤولة المركز خولة خلف، على نشاطات المركز، وأشكال الدعم النفسي الذي يقدمه لأبناء المنطقة والمحيط، واللاجئين السوريين. كما اطلع أعضاء الوفد على احتياجات المركز، لا سيما في ظل عدم دعـــــم وكالة «الأونــروا» موضوع العلاج النفسي والإرشاد الاجتماعي.

محطة الوفد الأخيرة أمس، كانت في مخيم البرج الشمالي، حيث وضع أعضاؤه الوفد إكليلا من الزهر على أضرحة شهداء مجزرة الحولة. وهم ستة وتسعون شهيدا وشهيدة، سقطوا جراء الغارات الإسرائيلية على أحد الملاجئ في العام 1982. وهناك استمع المشاركون في الوفد إلى شهادة من اللاجئ كمال جمعة، الذي فقد خمسة من أفراد عائلته في تلك المجزرة. كما استمتع أعضاء الوفد في نهاية جولتهم في المخيم، بمشاهدة رقصات فولكلورية وأغان شعبية قدمها فتيان وفتيات من «بيت أطفال الصمود»، في «قاعة الحولة»، التي غصت بحشد من أبناء المخيم، لا سيما عوائل الشهداء.

السفير 

Script executed in 0.19322204589844