تعتبر الهريسة وجبة بنت جبيلية تقليدية عاشورائية تداولها ابناء بنت جبيل عن آباءهم و اجداد اجدادهم لا تزال متداولة حتى اليوم، و هي طبخة معدة من "القمح المقشور المطبوخ مع اللحم المسلوق حتى النضوج، يطهى بقدور نحاسية " خلائين " ويخفق بملاعق خشبية كبيرة إلى أن يتحول إلى مزيج سلس ولذيذ".
يقال وبحسب الروايات انه يرجع تاريخ الهريسة الى عام 61 للهجرة، العام الذي استشهد فيه الامام الحسين وآل بيته وأصحابه وأخذت عياله بمن فيهم الأطفال سبايا الى بلاد الشام.. وهناك أنهكهم الجوع بعد أن أعياهم التعب لطول الطريق فكانت السيدة زينب (ع) تجمع الحبوب الموجودة في الخربة التي احتجزوا فيها السبايا وراحت تعمل من هذه الحبوب القليلة جداً طعاما تسد به رمق الجوع الذي أنهك الأطفال.
و يروى ايضاً كما نُسب عن سيدنا نوح (ع) انه طبخ الهريسة عندما رست به سفينته على جبل الجودي بعد ان غلب الجوع عليهم فقد سأل من ركابها ما لديهم من المأكولات لطبخها فأحضر الركاب الحنطة اليابسة المغلية بالماء وانواع من البقوليات حيث تم هرسها (طبخها) في قِدر كبير وقد عُدّت المناسبة "الاعجازية الالهية".
في هذه الايام يتشارك الاهالي و خصوصاً النسوة على طهي هذه الطبخة المباركة لمدة تزيد عن الـ 12 ساعة، و توزع ادوارهم ما بين الطهي المتواصل و الاهتمام بالمواقد و سلق اللحوم، وتوزع لاحقاً بعد الانتهاء من طبخها في الصباح الباكر على المشاركين وبيوت في البلدة. ومما لا شك فيه ان اجتماع الناس من الامور المحببة هو خير وعافية، فكيف اذا كانت في مناسبة عاشوراء فهي محل رضى اهل البيت (ع) لانه يكون سببا لارتياد مواضع ذكرهم وعلى حبهم فذلك يزيد من منازل التقرب اليهم..
تقول السيدة هلا سعد " الهريسة في أيام عاشوراء لها نكهة مميزة ولها مدلولات تاريخية وإيمانية أيضا وهذا تقليد تعودنا عليه منذ الصغر حيث كان الاهل يعملون الهريسة لأجل التعبير عن الحب والولاء الى الامام الحسين والى واقعة الطف التي استشهد فيها الامام الحسين في العاشر من محرم الحرام وكذلك وفاء للنذور".
في الصور المرفقة نموذج عن اقامة هذه الشعيرة المباركة في منزل المرحوم محمود اسماعيل سعد " ابو عارف " حيث يجتمع ابناء الحي و الاقارب على المشاركة في طبخ الهريسة.