أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مرض الصبار مصدره إسرائيل: مزارعو العرقوب يرزحون تحت الخســائر

الأربعاء 20 تشرين الثاني , 2013 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,485 زائر

مرض الصبار مصدره إسرائيل: مزارعو العرقوب يرزحون تحت الخســائر

جاء هذا النداء على خلفية تقارير نشرها «الصندوق القومي اليهودي» عن حشرة طفيلية بيولوجية «عنيفة» انتشرت في السنوات الاخيرة في شمال فلسطين المحتلة على الحدود مع لبنان وسوريا. وحذّر «الصندوق» من أن هذه الطفيليات يمكنها القضاء على نبات الصبار، وقد تؤدي إلى انقراضه.

في الوقت نفسه، نشرت الصحف الاسرائيلية مقالات وتقارير تنعى ما تعدّه رمزا «اسرائيليا»، باعتبار أنهم يُطلقون على كل «يهودي» مولود على ارض فلسطين لقب «تسبار» في العبرية (أي الصبّار)، ونقلت هذه الصحف عن باحثين عاينوا الحقول المصابة: «أن انتشار هذه الحشرة يهدد مستقبل الصبار»، اذ إنّ نوعًا من الحشرات الآكلة للورق (أحد أجناس الطفليليات) «قد تسبّب بأذى لشجيرات الصبّار. ويمكن أن يكون لهذا الطفيلي تأثير فتّاك في النبتة».

الحشرة تدعى «دكتيلوكس افونيتا» واطلق عليها بالعبرية «أتسباريت».

الفرضية السائدة هناك، بحسب ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية، أنّ «الحشرة وصلت الى المنطقة عن طريق إسرائيلي استورد صبّاريات من أميركا اللاتينية، بهدف استخراج موادّ منها منبّهة ومسبّبة للهذيان، لكنه لم يُدرك أنه أحضر معه صبّارًا مريضًا. فالحشرة تلتصق بالثمرة، وتفرز موادّ سامة إلى داخل نبتة الصبّار وتؤدي إلى موتها». وبحسب صحيفة «هآرتس» فإن هذه الحشرة «تنتشر بكثرة في اميركا اللاتينية، لكن هناك يواجهها اعداء طبيعيون يقلصون انتشارها والاضرار التي تسببها للصبار، فيما هي لا تواجه بأي عدو هنا ما يجعلها تتسبب باضرار جسيمة للصبار».

وتفيد «هآرتس» بأن المرض محصور حالياً في منطقة الحولة، الا انه ينتشر الى مناطق اخرى. ونقلت عن باحثين من «المركز الفولكاني» في بيت دغان، عاينوا النباتات المصابة قبل بضعة اشهر في سهل الحولة، «أن الحشرة تفرز موادّ سامة الى داخل نسيج الصبار لكي تسهل عليها عملية امتصاص الغذاء، الأمر الذي يتسبب باضرار لأجزاء النبتة الحيوية لتزويدها الغذاء ومن ثم الى موتها». وافاد هؤلاء الباحثين بأن مكافحة انتشار المرض بواسطة المضادات الكيميائية قد لا تكون ناجعة، وان استيراد الاعداء الطبيعيين للحشرة الى البلاد، قد يكون هو الحل الامثل، وانه جرت في السابق محاولات لاستخدام اعداء بيولوجيين لمكافحة افات زراعية بنجاح.

اذاً، اسرائيل قد تكون المرض الذي انتقل الى لبنان، فمزارعو العرقوب (القريبة من الحولة) يحاولون منذ نحو اربعة اشهر مقاومة هذا المرض الذي اصاب صبّارهم من دون ان يفلحوا.

وزارة الزراعة اللبنانية غائبة تماما، ويُقال ان المزارعين يطالبونها بتوفير المضادات الكيميائية منذ 3 اشهر من دون ان تتحرك، فيما المرض يفتك بالصبار على مساحات واسعة.

يُطلق على الحشرة هنا اسم «المن القطني»، ويقول المزارع كرامي عبد العال في حلتا، المتاخمة للاراضي المحتلة، انه حالما يضع يده على لوح الصبار، ينزف اللوح مادة حمراء اشبه بالدم، وان الاشجار تموت الواحدة تلو الاخرى من دون ان يجد لها علاجاً ينقذه وينقذها.

ورث عبد العال كرمين من الصبار من ابيه، بمساحة 8 دونمات لكل كرم، ويقول «إن الاشجار عمرها لا يقل عن مئة وخمسين سنة، وبعمري ما شفت متل هالمرض». يقدّر خسائره بملايين الليرات اللبنانية، ولا يعرف سبب ما تعرّض له كرماه، وهو يطالب وزارة الزراعة بأن ترسل اختصاصيين لفحص الصبار لمعرفة نوعية الادوية المضادة المطلوبة وتوفيرها. ويشدد على ضرورة «ان تقوم الوزارة بدورها وترسل مختصين لاخذ العينات وفحصها والعمل على مكافحة هذه الحشرة».

يعتقد المزارع محمد القادري ان «الدم» الذي يشاهده على الواح الصبار فور لمسه ليس سوى دم الحشرة التي تغطي الشجرة. وقال ان محاولته مكافحة الحشرة بمبيد سام كانت مكلفة ولم تنجح تماما.

يشرح هذا المزارع ما يراه في ساعات الصباح بين الخامسة والسادسة، اذ يتحول المشهد من شرفة منزله الى اشبه بضباب، وقال ان «الحشرة صغيرة ورقيقة بيضاء، تتنقل عند الصبح قبل شروق الشمس».

وفقد القادري الامل بمحاربة المرض بالمبيد «القاتل للحشرات»، فالحشرة طائرة تنتقل بسرعة وعلى نحو جماعي، ولا يمكن اي من مزارعي الصبار ان يكافحها دون المزارعين الاخرين، «لازم الكل يكافح بالوقت نفسه وبالطريقة نفسها، لأنها حشرة سريعة الانتقال والعدوى، والا فسيذهب اي علاج سدى ولا سيما ان الكلفة عالية جدا».

يقول المزارع وليد (من عين جرفا) ان المبيد الذي نصحت وزارة الزراعة به المزارعين، المعروف بالزيت الشتوي، لم ينفع، فيما الزيت الصيفي مضافا اليه دواء Agrimentne اتى بنتيجة نسبية، لكن المشكلة انه «مرتفع الثمن ولم توفره وزارة الزراعة ويحتاج المزارع الى كميات كبيرة منه»، موضحا من تجربته ان المزارع غير قادر على مواجهة هذا المرض وحده، بل يجب ان تقوم الدولة بهذه المهمة. وافاد بانه رش المبيد وقضى على الحشرة، «إلا اني بعد اسبوع كأني ما عملت شي، لأنو جاري ما رش، انتقلت الحشرة مرة ثانية الى الكرم»، مطالبا وزارة الزراعة بالاسراع في فحص المرض وتأمين العلاج الكامل لشجرة الصبار، والزام جميع مزارعي الصبار برش الادوية، او تكليف لجنة لفحصه ومعالجته.

اما المزارع سعد في راشيا الفخار، فيؤكد ان المرض حرمه هذا الموسم أكثر من 10 ملايين ليرة، بسبب ما اصاب صباره، يحف الرجل اصبعه على لوح الصبار، ليؤكد وجود المرض، بعلامة حمراء على اصبعه، يردف بالقول «الشكوى لغير الله مذلة، والدولة نايمة خارج الحدود»، يرى ان موسمه لهذا العام وضعه في خسائر كبيرة وديون لا يعرف كيف يسددها، بانسداد مصدر رزقه، فالصبار المريض منعه من بيع الانتاج وحرمه المردود الصيفي، «والله مش عم نق»، انما المردود الشتوي من انتاج الزيتون لم يكن حاله افضل بعد تراجع انتاجه لهذا العام نحو 75 % عن باقي الاعوام.


Script executed in 0.20715713500977