أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صيدا: استنكار بارد للانتحار

الثلاثاء 17 كانون الأول , 2013 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,402 زائر

صيدا: استنكار بارد للانتحار

استعرض بيان مطوّل لقيادة الجيش تفاصيل بعض ما جرى على حاجزي الأوّلي ومجدليون، بدءاً من التاسعة من ليل أول من أمس. وجاء في البيان أن ثلاثة أشخاص مرّوا أمام حاجز الجيش في الأوّلي سيراً على الأقدام، ولدى اشتباه الخفير فيهم، طلب منهم إبراز أوراقهم الثبوتية، فما كان من أحدهم، لا يزال مجهول الهوية، إلا أن اندفع باتجاه الخفير شاهراً قنبلة يدوية، فبادره الأخير على الفور بإطلاق النار، ما أدى إلى انفجار القنبلة ومقتل الشخص على الفور، وجرح عسكريين اثنين من عناصر الحاجز. وبنتيجة تفتيش الشخص القتيل عثر في جيبه على قنبلة أخرى، جرى تعطيلها لاحقاً من قبل الخبير العسكري المختص، وقد تمكّن الشخصان الآخران من الفرار إلى جهة مجهولة. وبعد خمس وأربعين دقيقة، وإثر إقامة حاجز ظرفي تابع للجيش عند تقاطع مجدليون ـــ بقسطا من جراء اعتداء الأوّلي، ولدى محاولة تفتيش سيارة جيب من نوع إنفوي رمادية اللون بداخلها ثلاثة أشخاص، ترجّل أحدهم، وهو الفلسطيني بهاء الدين محمد السيد، من السيارة واقترب من أحد عناصر الحاجز، وهو الرقيب سامر رزق، حيث احتضنه وفجّر نفسه بواسطة قنبلة يدوية، ما أدى إلى مقتله واستشهاد الرقيب وجرح أحد العسكريين، فيما قتل العناصر الشخصين الآخرين في الجيب وهما اللبنانيان محمد جميل الظريف وإبراهيم إبراهيم المير. وبحسب البيان، فقد عثر في الجيب على حزام ناسف معدّ للتفجير مؤلّف من ست قطع متفجرات، محاطة بمجموعة من الكرات الحديدية، وموصولة بفتيل صاعق، وصاعق رمانة يدوية، وثلاث رمانات يدوية دفاعية، و17 صاعقاً، وستة صواعق رمانات يدوية، وصاعق كهربائي.

إذاً، فقد أكد الجيش أن الظريف كان أحد الإرهابيين المعتدين على الجيش في مجدليون. وعليه، فإن الشاب الصيداوي (25 عاماً) لم يكن عائداً من رحلة ترفيهية على ثلج جزين مع شقيق زوجته بهاء الدين محمد المقيم في عين الحلوة وإبراهيم المير المقيم في بيروت، عندما مرّ بالحاجز يقود الجيب العائد له. وتقول الرواية التي انتشرت على صفحات مناصري أحمد الأسير إن «عناصر الحاجز أخضعوهم لتفتيش دقيق ولم يكن بحوزتهم سلاحاً، وسمع الظريف كلاماً نابياً من أحد الجنود. وما إن تابع الظريف سيره، حتى ردّ الشتيمة للجندي الذي قتله، فمات مظلوماً». قوة من فرع المعلومات نقلت عن عائلة الظريف أنه غادر المنزل بعيد الثامنة مساءً مع زوجته وطفليه، وأوصلها إلى منزل عائلتها في عين الحلوة ثم انقطع التواصل معه. في منطقة شرحبيل في ضواحي صيدا، يصعب الوصول إلى منزل عائلة الظريف. فوق التلة المشرفة على بحر صيدا والمكتظة بالأبنية السكنية الفاخرة، ترتفع مبان عدة باسم جميل الظريف. أهل المنطقة يعرفون أبو بلال بأنه رجل الخير الآدمي غير المنتمي إلى جهة سياسية أو دينية. بعضهم يعلم أن أحد أبنائه، محمد، متدين على الطريقة المتشددة وكان يناصر أحمد الأسير والمشايخ الأكثر تعصباً منه. من مظاهر تشدده على سبيل المثال تمنّعه عن التقاط صورة له، وانتقاده للأسير عندما كان يعايد مسيحيي شرقي صيدا بأعيادهم، وزواجه من إحدى بنات عين الحلوة، وقد صار صديقاً مقرباً لشقيقها بهاء المنتمي إلى كتائب عبدالله عزام، وقربه من الجماعات المتشددة في المخيم. مع ذلك، لم يشارك الظريف في معركة عبرا ولم يجر توقيفه على خلفيتها بحسب ما تردد، بل إن شخصاً يدعى محمد فادي الظريف هو من أوقف لهذا السبب ثم أطلق سراحه.

إلى المبنى الفاخر الذي يملكه أبو بلال ويسكن في إحدى طبقاته، سبقتنا عشرات النسوة المحجبات والسافرات يلبسن ثياب الحداد. حضرن لمواساة العائلة. وعلى غرار عائلة الانتحاري معين أبو ظهر، أبقي باب الشقة مقفلاً على الغرباء، لا سيما وسائل الإعلام. على الباب، تحدث إلينا أحد أفراد العائلة، مقدّماً لنا باقتضاب اعتذاره عن عدم الإدلاء بأي تصريح لأن الوالد (أبو بلال) ليس موجوداً حالياً. في هذا الوقت، كان الأخير ونجله الأكبر بلال في ثكنة صيدا يخضعان للتحقيق من قبل استخبارات الجيش، للوقوف على ظروف حياة محمد التي أوصلته إلى هذا المصير. اتصالات عدة أجريت للاطمئنان عليهما، من النائبة بهية الحريري حتى التنظيم الشعبي الناصري. فهما يحظيان باحترام ومحبة مختلف أفرقاء المدينة، ما زاد من صدمة الكثيرين بالمصير الذي اختاره محمد لنفسه، علماً بأنه قتل على بعد كيلومترات قليلة من منزله باتجاه بلدة بقسطا. مع ذلك، لم تكن الصدمة بالانتحاري الثاني، بعد انتحاري السفارة الإيرانية، بالحجم المتوقع على مسقط رأسيهما صيدا. كأن المدينة دخلت مرحلة ما بعد الصدمة. تعليقات من استصرحناهم عن الحادثة ارتكزت على المخاوف الاقتصادية من تداعياتها بالنظر إلى تقلص الحركة التجارية في السوق يوم أمس، رغم قرب حلول الأعياد. وندب أصحاب المحال حظهم بعد أن ظنوا أن اللعنة الأسيرية قد انتهت.

الروايات الأمنية تعددت لتفسير ما حصل في مجدليون والأوّلي. إحداها رجّحت أن يكون الإرهابيون الأربعة قد اضطروا إلى مهاجمة نقاط الجيش لتغطية عملية أخرى. بانتظار اكتمال خيوط التحقيقات بإشراف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، نقلت الجثث الأربع إلى المستشفى العسكري في بيروت، من دون تحديد مصيرها لناحية تسليم المعروفين منهم إلى ذويهم، علماً بأن هوية انتحاري الأوّلي لم تعرف بعد.


Script executed in 0.16614603996277