أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

السيد المسيح في المسيحية والإسلام..ندوة لجمعية الوسط الإسلامي اللبناني في صور‏

الثلاثاء 17 كانون الأول , 2013 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,986 زائر

السيد المسيح في المسيحية والإسلام..ندوة لجمعية الوسط الإسلامي اللبناني في صور‏

بدعوة من جمعية الوسط الإسلامي اللبناني، أقيمت ندوة حول السيد المسيح عليه السلام تحت عنوان "رسالة خلاص وصلاح لأهل الأرض"، في قاعة مطرانية صور للروم الكاثوليك، بحضور مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله، مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار حبّال، متربوليت صور للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج بقعوني، رئيس جمعية الوسط الإسلامي اللبناني الشيخ حسين إسماعيل، قائمقام صور حسن عيديبي، نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، وممثلين عن حركة وحزب الله والفصائل والقوى الفلسطينية واللبنانية، وفعاليات سياسية وإجتماعية ونقابية وبلدية وإختيارية وحشد من الدعويين.

بعد تقديم الأستاذ علي كردي إفتتح الندوة فضيلة الشيخ حسين إسماعيل حيث إعتبر أن هذه الندوةتأتي في سياق نشر الثقافة الوسطية القائمة على الدعوة الى الاعتدال والانفتاح والتأكيد على أهمية لغة الحوار بين الاديان والمجتمعات، ومن المكونات الوسطية التي يلتقي حولها الاسلام والمسيحية هي مكانة السيد المسيح(ع)، " فقد شكلت ولادة السيد المسيح الشريفة اعجازا الاهياً وربانيا، بدأ بالبشارة الالاهية للسيدة مريم عليها السلام عبر الملاك جبريل . وقد اخبر بذلك القران الكريم في سورة ال عمران، فالمسيح هو كلمة الله الهادية والمضيئة، وهو الكلمة المقدسة  التي تعبر  وتفصح  وتشير الى الحقيقة الازلية التي ينشدها الانسان في حياته، الا وهي الذات الالهية ".

وتابع إسماعيل قائلاً:" لقد تحدث الرسول الاعظم واهل بيته عليهم السلام عن عظمة السيد المسيح وعن مواقفه وحكمه ومواعظه التي تحمل دروسا تصلح لكل العصور. وما احوجنا اليها في عصرنا الحاضر، فهي تضيء لنا ظلمات الحياة وتشرق في قلوبنا نورا وتلهمها معاني الحكمة. فقد كان السيد المسيح عليه السلام يحذر من التبعية العمياء للشهوات و الرغبات الدنيوية المنحرفة، لأنها تؤدي بأصحابها الى الوقوع في المهالك والمفاسد".

وأكد إسماعيل على اهمية التمسك بالدور الإصلاحي للرسالات السماوية الذي جسده السيد المسيح في حياته، وجسد من خلاله القيم والمبادئ الانسانية والرسالية، وهي نفسها التي دعى اليها ايضا خاتم الانبياء والرسل محمد (ص)، ومن اهم المبادئ التي ركزت عليها الرسالات دعوة الانسان فردا و مجتمعا الى رفض الانقياد وراء الشهوات و الرغبات غير المشروعة والطمع في حقوق الاخرين، مما يقود الانسان الى ظلم أخيه الإنسان".

وأكمل إسماعيل :" لا يخفى على البصير ان الرسالات السماوية تتعرض الى عملية تحريف وتسييس واستغلال من قبل الدول النافذة من اجل اصطناع الحروب والتأثير على الشعوب والمجتمعات ودعوتها الى العنف والتقاتل، مما يؤدي الى دفع الشعوب لاتهام الأديان بالعنف والتطرف، والى الذوبان في المادية والإلحاد.

 ومن هنا يترتب أمور على قادة المسيحية والاسلام  ومن ضمنها ،  أولا: التأكيد على ان الرسالات السماوية ترفض كل المشاريع الهدامة، وترفض تقديم أي غطاء شرعي لها .

ثانيا :ان مشروع الرسالات السماوية هو نشر مبادئ الايمان و العدالة و قيم الفضيلة و زرع روح التعاون و المحبة و المساواة بين الناس جميعا.

ثالثا: العمل على التقريب بين المسيحية والاسلام، وليس فقط عبر الدعوة الى الحوار الاسلامي المسيحي في الإطار النظري, بل نريد حوارا في الإطار العملي و الميداني, وهذا ما نطالب به على مستوى المذاهب الاسلامية .

 وختم الشيخ إسماعيل:" نحن من هنا, من مدينة صور مدينة الإمامين شرف الدين و موسى الصدر مدينة التعايش و الوحدة الوطنية و الاسلامية, نطالب المجتمع الدولي ان يعمل على إيقاف مأساة الحرب في سوريا, و معالجة الازمات الحادة فيها, بالوسائل السلمية و السياسية و الحوارية, كما نناشد من مدينة صور مدينة التعايش و رمز الوحدة الوطنية و الاسلامية الجميع لا سيما الدول النافذة  في هذا الشأن التحرك الفوري و العمل من اجل الافراج عن راهبات معلولا و المطرانين المخطوفين بولس اليازجي و يوحنا ابراهيم وهي دعوة بنفس الوقت للأفراج عن كل المخطوفين  .

 نجتمع اليوم في مدينة صور التي زارها  السيد المسيح عليه السلام لا يمكن الا ان تكون معه باعتدالها و انفتاحها على لغة المحبة و التعايش و الوحدة بين أهلها, على اختلاف انتماءاتهم الطائفية و المذهبية, و قد استطاعت هذه المدينة ان تكون نموذجا عالميا في العيش المشترك, و رمزا للتعاون و العلاقة الاخوية و الانسانية بين ابناء الرسالات السماوية , وليست الوسطية التي تدعو اليها جمعية الوسط من مدينة صور الا تعبيرا عن هذا التعايش الذي يقوم على التلاقي على الخير العام".

 

بعده تحدث المطران جورج بقعوني عن العالم الذي خلقه الله ليكون مكان سلام وعدل وفرح، لكن ما نشهده اليوم مخالف تماماً إذ نعيش في حالة حروب ومعارك ومشاكل في الأرض، فالإنسان طوّر الكثير من الأمور على الصعيد الطبي والسياسي والاجتماعي وفي وسائل الاتصال والنقل لكنه رغم ذلك لم يتطور على صعيد أخلاقه.

وأكمل أن الانسان بحاجة الى الله من أجل تحقيق العدل والسلام والحقيقة، لأن المشكلة تكمن في الخطيئة منذ الأزل، فكان يسوع هو المخلص للخطيئة في الكتاب المقدس إذ نادى بالمحبة الشاملة والعناية بالفقراء كما ساوى نفسه بهم ودعا لمحبة الأعداء ليكونوا كاملين يستحقون الأجر العظيم.

وختم  بعظة ليسوع المسيح يوصي بها بالفقراء والرحماء وأنقياء القلوب والساعين للسلام والمضطهدين على البر فإن لهم ملكوت السماوات.

ثم كانت كلمة لسماحة المفتي الشيخ مدرار حبال رحبّ فيها بالجميع وقال عن المسيح في الاسلام أن الله ذكر لنا في كتابه أموراً كثيرة عن السيد المسيح وهي على مراحل متعددة تتضمن الحالة قبل ولادته حتى وفاته.

وأضاف أن السيدة مريم أقبلت على عبادة الله في ذلك الوقت الذي اقتصر على المادية وحيث كان الناس يتقاتلون على الدنيا لذلك كان لا بد من إحياء معنى الايمان فشكل قدوم المسيح انقاذاً للعالم.

وقال أن الله ربط بين رسالة كل من الأنبياء موسى وعيسى ومحمد منقذو البشرية، فكانت رسالتهم واحدة، فقد جاء المسيح ليصحح المسار ويحيي المحبة ومعنى الانسانية  فتاب على يديه الكثيرون، لكن أعوان الشيطان يأبون إلا أن يطفئوا شعلة الله فحاولوا قتله  "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم"، وذلك ليأتي في آخر الزمان ويجدد ما فعله في زمن دعوته عندما يميل الناس الى المادية ويتعلقوا بالدنيا وينسوا العدالة.

 وتحدث سماحة الشيخ حسن عبد الله شاكراً هذا اللقاء الذي أتاح التعبير عن الحالة التي نعيشها في المجتمع، وأن الدور يقتصر على ارتقاء الانسان الى مستواه الانساني وبقدر ما يكون عقلانياً وبعيداً عن الغرائز والشهوات فإنه يرتقي الى مستواه الانساني.

وقال أن حركة الأنبياء والرسل جاءت لمواجهة أي انحراف أخلاقي واجتماعي في زمن حاول الجميع تشويه صورة الرسالة الاسلامية وتجهيز المكائد للنبي عيسى كما النبي محمد وغيرهم.

وأضاف: " اننا اليوم مسلمون ومسيحيون  نواجَه  بنفس الأسلوب وهناك من يتصدى لعناوين دينية ويعتدي على المقدسات الدينية في الديانات الثلاثة"، لافتاً الى أن التنوع الديني موجود في الزمن السابق كما الآن لكن حصل تزوير لهذه الحالات، فاليوم يُعدّ الاعتداء على مؤسسة كبيرة مثل الجيش هو اعتداء على الوطن بأكمله " ونحن كمجتمع بشري على المستوى الديني لا بد أن نصرخ عالياً لأن ذلك يضرنا جميعاً"، والفرصة متاحة لاعادة جمع شمل جميع اللبنانيين.

وختم بقوله أن هناك ضرورة لوجود خطاب وطني جامع كما الخطاب الديني الجامع الذي لا يؤدي الى اراقة الدماء، " وما أحوجنا اليوم الى الواقع المحمدي والمسيحي من أجل مجتمعنا".

Script executed in 0.18673992156982