تعتبر عملية المداهمة والانتشار الذي نفذتها، أمس، وحدات النخبة في الجيش اللبناني من أضخم العمليات التي ينفذها الجيش بطريقة حرفيّة ودقيقة، منذ انتشاره في هذه المنطقة بعد تطبيق اتفاق الطائف في صيدا وانتهاء حقبة الميليشيات اللبنانية والفلسطينية عام 1990- 1991.
وقد بدأ الجيش عمليته العسكرية الميدانية فجر أمس وانتهت بعد الظهر، بعد وصول وحدات قتالية في الجيش من أفواج النخبة لتنتشر على تخوم المنطقة المحددة في عبرا ومجدليون والشرحبيل.
ومع ساعات الصباح الأولى تحدّدت ساعة الصفر لبدء العملية، حيث قامت تلك الوحدات بشكل منظم وموحّد بعمليات دهم دفعة واحدة بدءا من وادي بقسطا مجدليون ومن جسر الاولي باتجاه بقسطا، وامتدّت إلى وادي كفريا ووادي كفرفالوس ووادي بسري وصولاً إلى جزين، ومن الشرحبيل باتجاه مغاور وكهوف الشرحبيل التاريخية، حيث تمّ اقتحامها وتفتيشها بحثاً عن خلايا إرهابيّة أو بقايا لوجستية تدل على مكانهم، أو حتى مخازن أسلحة أو معدات أو وسائل تقنية عائدة لهم في تلك الكهوف.
كما شملت العملية إقامة حواجز ظرفية في مختلف انحاء تلك المنطقة، انتشاراً كثيفا وتدابير امنية احتياطية في صيدا وساحاتها وطرقاتها، كما سيّر فوج التدخل دوريات مؤللة في شوارع المدينة.
وتكمن أهمية العملية وحساسيتها في مشاركة طائرة استطلاع، تحلّق للمرة الأولى في سماء صيدا والجنوب.
كما أن هذه العملية تأتي بعد العملية الانتحارية المزدوجة التي استهدفت الجيش بين الاولي ووادي مجدليون، وبعد عدة عمليات اعتقال تمت مؤخرا لتطال عدداً من أنصار الشيخ احمد الأسير وممّن كانوا يعتبرون من الحلقة الضيقة له.
وتشير المعلومات إلى أن التحقيقات التي أجراها الجيش مع الموقوفين أوصلته إلى معلومات امنية تكتّم عنها، مع العلم بأنّ جهات أمنية بارزة تحدّثت عن احتمال أن يكون الإرهابيون والمسلحون جعلوا من هذه المنطقة قاعدة خلفيّة للانقضاض على الجيش وعلى أي هدف مدني للإخلال بالأمن في صيدا وشرقها، خصوصاً بمناسبة الأعياد.
ويضاف إلى هذه المعلومات، ما يحكى عن تمكّن الجيش من الوصول الى خيط يرتبط بالعملية التي أدّت إلى استشهاد رقيب اول وجرح جنديين ومقتل اربعة مسلحين.
وأفادت المصادر أن الجيش حصل على معلومات من الموقوفين من أنصار الأسير الذين تمّ توقيفهم خلال الساعات الماضية، وهم: م. ع. وع. ص. وم. ص. قد تكون متصلة بأماكن تواري المجموعات المسلحة واحتمال استعدادها لتنفيذ عمليات إرهابية.
وأفادت المعلومات بأن لدى الجيش تصوّراً أمنياً عن وجود خلايا نائمة تستعدّ لتنفيذ عمل أمني ما انطلاقا من مغاور وكهوف تلك المنطقة، اضافة الى احتمال تعرض قوات "اليونيفيل" لعملية أمنية على الطريق الساحلي انطلاقاً من هذه المنطقة.
وتشير المعلومات الأمنية الى انه انطلاقا مما تقدّم، فإن العملية لم تكن لتنفّذ بشكل خاطف واحترافيّ، لا سيّما مشاركة طائرة استطلاع (استدعت اتصالات سريعة مع "اليونيفيل" للإبلاغ عن تحليقها عملا بمندرجات القرار 1701)، لولا وجود دواع أمنية مستعجلة وخطيرة.
كما كان لافتاً مشاركة وحدات من قوات النخبة في فوج التدخل والمجوقل والمغاوير، وفي منطقة عبارة عن اودية حرجية وهضبات وعرة اضافة الى مغاور وكهوف، حيث أشرف على العملية كبار الضباط في الجيش الذين حضروا من وزارة الدفاع، إضافةً إلى مخابرات الجيش في الجنوب وقيادة منطقة الجنوب العسكرية.
