أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كلمة الدكتور مصطفى بزي خلال اللقاء بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام)

الأحد 22 كانون الأول , 2013 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,945 زائر

كلمة الدكتور مصطفى بزي خلال اللقاء بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام)

راعي هذا الحفل نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة الشيخ نبيل قاووق سعادة النائب الدكتور علي فياض .

أصحاب السيادة المطارنة الأجلاء أو ممثليهم ، الآباء الأكارمْ ، أصحاب السماحة والفضيلة ، الفعاليات السياسية والحزبية والبلدية والإختيارية والثقافية والتربوية والنقابية والأمنية والعسكرية والإعلامية .

ممثل دولة الرئيس الجنرال عون ...

أيّها الحضور الكريمْ . السلام عليكم جميعاً ورحمةُ الله وبركاته .

السلام على رسول الهدى محمد بن عبدالله ، السلام على كلمة الله ، رسول المحبة ، السيد المسيح عليه وعلى أمّهِ العذراء مريم السلام .

نحييكم جميعاً في هذا اللقاء التكريميّ المفعم بالمحبة والتلاقي حول قيمٍ إنسانيةٍ إيمانية رفيعة ، ومعانٍ  ساميةٍ راقيةٍ نبيلةْ .

لابدَ لنا بدايةً من إستذكار أرواح الشهداء الأبرارِ الميامينْ ، الذين رووا بدمائهم الطاهرة تراب هذه الأرض ، وقدَموا أنفسهم في سبيل حرية وكرامة الوطنِ وسيادته، مؤكدين أن الأرض لا تُحمى إلا بالمعادلة الذهبية المرتكزة على الجيشِ والشعبِ والمقاومةْ ، منتهزين هذه الفرصة لنحيي الجيش وتضحياته الجِسام في وجه العدو الصهيونيْ والجماعات الإرهابية التكفيرية . وكذلك بالنسبة للمقاومة التي تقف ثابتة في وجه أعداء الأمة وتُقدم كواكب من الشهداء .

أيّها الأخوة ...

منذ حوالي 1500 عام ، وتحديداً سنة 523 م ، إرتدَ أحد ملوك دولة حمير ، ذو نؤاس الحميري عن المسيحية وإعتنق اليهوديةْ ، ثم شنَ حملةً عنيفةً على المسيحية، بلغت ذروتها في مذبحة نجران الشهيرة ، حيث قام بمجابهةِ نجرانْ أكبرِ مركزٍ للمسيحية في اليمن آنذاكْ ، وخيَر أهلها بين نبذِ المسيحية أو القتلِ حرقاً ، فتخيروا القتلْ ، فحفر لهم أخاديدْ ، أحرقهم فيها ، وأحرق إنجليهم ، وقد ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم في سورة البروج ، إذ يقول : " قُتل أصحابُ الأخدودْ ، النار ذات الوقودْ ، إذ همْ عليها قعودْ ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودْ" صدق الله العليّ العظيم.

هكذا نجد كيف أن المسألة الإيمانية بالإله الواحد الأحد الفرد الصمد ، تجمع بين المسيحية والإسلام ، والمسلمون لا يفرَقون بين الأنبياء :" لا نفرَق بين أحد منهم ونحن لهم مسلمون : صدق الله العظيم .

بعد ألف وخمسمئة عام يعيد التاريخ نفسه ، وإن بأشكال مختلفة ، فذو نؤاس الحميري يتمثل اليوم بالعدو الصهيوني الغاشم وبالجماعات الإرهابية التكفيرية الإجرامية ، التي تضرب في العراق وسوريا ولبنان ،أما المؤمنون فيتمثلون بأولئك الذين يهاجمون ويخطفون ويهجرون وتقطع رؤوسهم وتؤكل أكبادهم في البلدات المسيحية والاسلامية الآمنة في سوريا والعراق ، وبأولئك الذين يقفون في وجه هؤلاء ، ويدافعون عن القيم والمقدسات ويستشهدون في سبيلها .

لقد بتنا أيّها الأخوة في مركب واحد ، وعلينا الحفاظ على حسن إيجار هذا المركب وصونه من الغرق ، ويتحقق ذلك من خلال وحدتنا  الوطنية .

إن هذا اللقاء يدلل أكثر على  أن مجتمعنا لا يبنى إلا بمسيحييه جميعاً ومسلميه جميعاً ، وانه باتفاق المسيحيين والمسلمين يبنى الوطن ، يبنى لبنان ، لبنان الرسالة ، كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني .

في هذا السياق يعتبر غبطة البطريرك الكاردينال الماروني بشارة الراعي أن " الوحدة الوطنية تقتضي ذهاب الجميع الى بعضهم من دون أحكام مسبقة وشروط مسبقة ، وبمحبة خالصة ، وان سلامة العلاقة مع الله هي شرط لحسن العلاقة مع الشريك في الوطن " .

وفي نفس الموضوع يعتبر غبطة البطريرك الروم الأرثوذوكس يازجي أن " العقيدة الأرثوذكسية لا تستقيم إلا باعتماد نهج الانفتاح والحوار ، وقبول الآخر كما هو ، وأن لا خوف على المسيحيين ، فهم أبناء هذة الأرض ، وبناتها ويعشون جنباً الى جنب مع سائر الطوائف الأخرى ، خصوصا أخوتهم المسلمين ".

كذلك يدعو راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك سيادة المطران ايلي بشارة حداد " المسيحيين للسجود أمام عظمة الخالق التي تتجسد في حبه الكبير لهم ، فليكن هؤلاء على قدر آماله التي عقدها عليهم ، وليكونوا له سبب فرح كبير ، لأن الحب هو أساس الكنيسة والإيمان ، وأساس كلّ علاقة ، فلنكن مثل مريم خاضعين لمشيئة الله ،لان الله وحده هو الذي يعرف كل شيء والميلاد هو فرح ومحبة سامية أثمرت بولادة المسيح " .

ويضيف في موضع آخر ، فيقول موجهاً كلامه للمسيحيين "...كفانا استسلاماً وهروباً الى الوراء ، أخيراً لن ننسى العراق ...أنظارنا تتجه نحو ما يحصل اليوم (طبعاً في سوريا ) فهذة طبيعة الحياة المسيحية ، هكذا نمت الجماعة الاولى بالدم والشهادة الكاملة ...إن الاستشهاد ليس بجديد على المسيحية ، فلنكن على استعداد ، فالدم يتكلم لغة واضحة لا تحمل الالتباس ، المسيح لا يقبل بأنصاف الحلول ، بل يريد كلّ شيء " .

نجدّد التهاني لكم جميعاً بميلاد السيد المسيح عليه السلام ، وبعيد رأس السنة ، متمنين لكم أياماً أفضل وأهدأ وأحسن واكثر اطمئناناً  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  د. مصطفى بزي

Script executed in 0.22148990631104