أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الخوف الامني يجتاح سوق الاثنين في النبطية

الثلاثاء 28 كانون الثاني , 2014 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,496 زائر

الخوف الامني يجتاح سوق الاثنين في النبطية

في السوق الذي تسمع في اصدائه اغنية تصدح هنا ولطمية هناك غابت عنه الحياة، أمن حزب الله نزل مجددا على الأرض ، عناصر الانضباط انتشروا على الطرقات، الجيش اللبناني، الدرك ، أمن البلدية كلهم حضروا بثقلهم كي يزرعوا الامان. وحده المواطن غاب اليوم عن السوق أما الباعة فعلى الله واليه المشتكى ولو ان بعضهم يردد محللا "لا أعتقد أن النبطية ستكون هدفا لأنها الحلقة الأضعف والثقل على الضاحية" يقول أبو مرعي صاحب بسطة لبيع العصير.

ورقة يانصيب ملغومة تخيم على النبطية التي تعيش يوما امنيا بامتياز فالجيش يزنرها من كل المداخل وانضباط حزب الله عاد الى الارض مجددا وعلنا، وأمام فرنسبك في النبطية يقف احد رجال الانضباط يراقب كل شاردة وواردة، تساله احدى المواطنات هل عدتم للحماية فيجيبها وهو ينظر الى الشارع " انشالله" قبل ان تردف "الخوف كبير اليوم عكس باقي الايام".

في السوق تبدو حركة الناس خجولة جدا ان وجدت، وكل من حضر غلب على محياه "القلق والرعب والموت المجهول" حسب احداهن.

امام احد المحال يقف ثلاثة رجال في عقدهم السادس يتسامرون اطراف الحديث احدهم يقول "ترى ماذا يخبئ لنا اليوم هل هناك صندوق بريد سيصل؟ يقابله ابو قاسم بحيرة "يبحثون عن سيارتين دخلتا المدينة احداهما كيا واخرى رابيد واختفتا".

كيفما تجولت في الطريق الممتد من حسن كامل الصباح حتى مجوهرات جابر تسمع حديث القلق وتشاهد الفراغ الكبير الذي سلب السوق من حياته، محال فارغة الا من اصحابها، لا زحمة سير في الطريق وكأن ازمة السير التي تعانيها المدينة قد حُلَت بسحر ساحر ، فقط تلحظ عساكر الجيش اللبناني على المداخل وعند التقاطعات.

قرب السراي الحكومي في النبطية يقف احد جنود الجيش تتقدمه سواتر اسمنتية استحدثت واقفل الطريق باتجاه مصرف لبنان ما يدل على تصاعد وتيرة التدابير الاحترازية التي تتكشف ميدانيا على الطرقات.

عند المدخل المؤدي الى سوق الاثنين تقف احدى المجندات في الدرك تفتش الوافدين الصبايا تفتيشا تعتبره احدى السيدات شكليا ثم تتساءل "هل ما يقومون به تفتيش؟ ماذا لو كانت داخل حقيبتي متفجرة؟، لم تكلف الدركية نفسها عناء التدقيق يا للسخرية" تقول وتكمل ربما هو الخوف الذي يدفع البعض للاحتجاج وطلب المزيد من الاجراءات الصارمة ولو تكبد المواطن عناء الانتظار.

على عجل من امرها اتت فاطمة عباس الى السوق اريد ان اشتري بعض الضروريات وأمضي للعودة، الوضع لا يطمئن قد تكون النبطية بعد الضاحية من يدري هؤلاء اوباش تكفيريون مجانين يتعاطون المخدرات والا كيف نفسر ظاهرة الانتحاريين هذه؟.

يبدو السوق يغرد خارج سرب واقعه ويومياته المكتظة ، باعة امام بسطاتهم ينتظرون قدوم الناس الذي تأخر، عند بسطة بيع ملابس نسائية وقف جواد ينفض الغبار عن بضاعته يتأفف من الحال "لا حياة اليوم الحركة مشلولة كليا" قدم جواد من الضاحية الجنوبية لبيروت، لعرض بضاعته "ولكن لم يحالفني الحظ لا يوجد احد ربما بسبب المطر قبل ان يتيقن ان ليس هناك مطر بل اتى اعلان داعش عن تأسيس خلايا لها في لبنان كالنار الذي حرقت الاطمئنان، الناس قلقون وهذا حقهم فهم لا يخرجون الا للضروريات القصوى مردفا لم اشهد مثل هذا اليوم للسوق لا يوجد الا الباعة".

في مقابله يجلس مرتضى وهو ايراني يعمل في حفر وتخطيط الخشب والنقش على الهواتف النقالة. مرتضى يبحث عن عروس ولكن اختفاء الناس حرمه من تحقيق غايته يقول ممازحا او هو يحاول من تخفيف حدة الجمود الذي فرض نفسه على يومه ورفاقه وهو الذي اعتاد ارتياد السوق منذ عام ولكن الوضع العام هز كيانه وزعزعه والحركة التجارية الخجولة اوقعته في فخ الركود الذي من المرجح ان ترتفع وتيرته مع تصاعد حدة التفجيرات المتنقلة ومع ذلك يواظب مرتضى على الحضور كل اسبوع الى السوق".

امام تلك الفرضيات التي تساور الناس "صندوق بريد، ورقة لوتو لا نعرف رقم الموت، رعب، قلق" يبقى السؤال الجوهري هل الأمن على قدر عزم "المسؤولية" أم أنه أمن افتراضي؟ هل يؤمن المواطن بأمن دولته أم يريد عودة الامن الذاتي؟ تشير مصادر أمنية مواكبة للتطورات الى "ان الدركي إذا اشتبه في أمر ما غير اعتيادي عليه أن يعود للقائد الاعلى، والأعلى للأعلى رتبة فلا أوامر صارمة باتخاذ أي قرار، وهنا بيت القصيد الأمن غير جدي اذا لم يرفق بتعليمات التصرف بشكل صارم ومباشرة وإلا فالخطر ليس بعيدا وها نحن قد دخلنا في دوامته فعليا".

اذاً هو سوق النبطية الذي يعد عينة مباشرة عن مستوى الخوف الذي يخيم على الجنوبيين. على مر عوام خلت ما انقطع الجنوبيون من زيارة هذا السوق التاريخي وحتى في عز الاحتلال الاسرائيلي شكل مقصدا للجنوبيين من مختلف القرى والبلدات الجنوبية ولكن وقعا جديدا من الخوف والتوتر خيم على حركة السوق الذي خاب امل تجاره في يومهم امس وغادروا على امل اثنين جديد واعد عله يأتي او هو صار بعيد المنال في ظل تهديدات داعش وتوابعها.

Script executed in 0.19888305664062