في زمن الغزو العمراني وهجوم الحضارة المكسوة بالاسمنت والباطون المسلح، ثمة مشاهد في الحقول و الاودية و على الجبال تجتذب الناظر اليها و ان قلت مع زماننا هذا. عند مرتفع "رعبيلا" في بنت جبيل و في النقاط الفاصلة بين بلدات مارون الراس و يارون، يسرح العم ابو عفيف بقطيع من الماعز يومياً للبحث عن وريقات العشب في الفلوات في موسم الطعام المجاني، فقد نبت العشب الطري وسكوكع الربيع، و بدأت الارض تلبس ثوبها الأخضر.. و في الجهة المقابلة ما زالت محلة القلاع و العويني في بنت جبيل تستقبل أصداء صراخ الراعي و و انغام المنجيرة احياناً وأجراس قطيعه المتنقل بين ما بقي من مروج ومراع سلمت من الغزو العمراني لتتحول إلى ساحة مسيرات لقوافل الماعز والغنم.
ورغم قلة عددهم، وانحسار حجم مواشيهم، وتعدد أزماتهم بسبب التمدد العمراني على حساب المراعي والأراضي البور المفتوحة أمامهم، وصعوبة المهنة، فإن الرعاة التقليديين يصرون على المضي في حياتهم. وذلك بسبب الاعتياد وعدم توفر البدائل. فيرى المواطن نصري سعد أنه "يزاول هواية تربية المواشي منذ الصغر، وهي تؤمن مردوداً مقبولاً اذا ما قرر المتاجرة بها".. اما ابو عفيف فيرى ان هذه المهنة لا زالت تشكل مصدرا للدخل ويجري الاستفادة من حليب الماعز بشكل رئيسي بالاضافة الى بيعها بشكل رؤوس متفرقة للجزارين والتجار الذين يفضلون المواشي المستوردة بسبب رخص اسعارها.